الجمعة 19 رمضان 1445 ﻫ - 29 مارس 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

رومانيات أنقذتهن الملاكمة من الشوارع فحصدن ألقابا عالمية

أمضت ستيلوتا دوتا معظم طفولتها ومراهقتها في الشارع، حيث عايشت اليأس الذي أدى بها إلى محاولة الانتحار قبل اكتشاف رياضة الملاكمة.

اليوم، تدخل الشابة الرومانية بطلة أوروبا في الملاكمة ثلاث مرات، إلى الحلبة لتنفيس غضبها والتصدي للإقصاء الذي حصد آلاف الضحايا من الأطفال المهملين.

تقول ستيلوتا دوتا (38 عاما) لوكالة فرانس برس إن الملاكمة شكلت “فرصة للخروج من البؤس والفقر”.

في العام 2002، بعد طردها من المنزل الذي كانت تعيش فيه، دخلت الفتاة بفخر إلى قاعة الملاكمة في بوزاو شرقي رومانيا على بعد مئة كيلومتر من بوخارست.

يقول المدرب كونستانتين فويسيلاس (69 عاما) الذي أصبح بمثابة والدها، إنها لو لم تأت في ذلك اليوم، “لكانت التحقت بصفوف الشباب الذين ينامون في الشارع ويتعاطون المخدرات”.

وبعد مرور 18 عاما والحصول على عشرات الميداليات، لا تتلاشى ضحكة ستيلوتا إلا لحظة ارتداء القفازات، إذ فورا يعتريها الغضب.

لا شيء يضعف تصميم الشابة التي تلقت الكثير من “الصفعات والركلات” أثناء طفولتها ومراهقتها.

في الواقع، جرى التخلي عن ستيلوتا مع اثنين من إخوتها وأخواتها الثمانية عند ولادتهم، وكانت “واحدة من الأطفال الذين لم ترد الدولة الاعتناء بهم”.

مدرب وملاك حارس

بفضل طموحها الاستثنائي، تتراكم الجوائز في شقة ستيلوتا التي استأجرتها في بوزاو.

وتعد الشابة بطلة وطنية، بعد أن حازت بطولة رومانيا من دون انقطاع منذ العام 2003، وثلاث مرات بطولة أوروبا، وحلت وصيفة بطلة العالم في فئة الوزن الخفيف (أقل من 48 كلغ) ثلاث مرات أيضا.

تقول ستيلوتا “أحيانا أجد صعوبة في تصديق الأمر. ولكني سعيدة وأشعر أنني أنجزت شيئا في حياتي”.

لم تفكر ستيلوتا يوما بالوصول إلى ما هي عليه الآن.

وفي هذه البلاد التي تعد من الأفقر في الاتحاد الأوروبي، هناك طفل أو أكثر من أصل ثلاثة معرض للعوز وخطر الإقصاء الاجتماعي وفقا لهيئة “يوروستات” الإحصائية الأوروبية.

وفي الواقع، يشير تقرير صادر عن منظمة “سايف ذي تشيلدرن” في أواخر العام 2019 إلى ارتفاع معدل التسرب المدرسي، وصعوبة الوصول إلى النظام الصحي، وسوء المعاملة الجسدية والمعنوية التي يتعرض لها الأطفال في رومانيا بحجة التربية والانضباط، ما يدل على أن وضع الأطفال الرومانيين وتحديدا الذين يعيشون في المناطق الريفية، “لا يزال دقيقا”.

ويقول المدرب إن “ستيلوتا ليست الرياضية الوحيدة التي تخرجت لدينا. الفتيات الشابات يجدن في هذا المركز ملجأ لهن”.

في الواقع، من أصل 480 ميدالية حصدها طلاب ناديه خلال السنوات العشرين الماضية، استحوذت الفتيات على الثلثين.

اختبار الأمومة
بيانكا لاكاتوسو (17 عاما)، فتاة أخرى فقدت والديها عندما كانت طفلة، وعاشت مع أسرة حاضنة قبل انتقالها إلى منزل المدرب فويسيلاس وبدء التدرب على الملاكمة.

تقول الفتاة “أحب القتال”. وهي تحلم بالفوز على ستيلوتا في يوم ما، شريكتها في التدريبات والتي ترى فيها مصدر “إلهام”.

إلى ذلك، يشير أدريان لاكاتوس، مدرب الفريق الوطني إلى أن “الأطفال المنحدرين من أسر فقيرة اعتادوا على الصعوبات، وهم لا يستسلمون أمام العقبة الأولى، بل يكافحون من أجل النجاح”.

وفي السياق نفسه، تؤكد ألكسندرا غيورغيه (17 عاما)، وصيفة بطلة أوروبا للناشئين، أن “الكثير من الفتيات اللواتي يتدربن في هذا النادي سيدخلن التاريخ”.

من جهتها تتحضر ستيلوتا للبطولة الوطنية المقبلة. فيما يقول لاكاتوس “لن يكون لها منافسة في رومانيا قبل عشر سنوات”.

وفي وقت قريب، ستتخلى ستيلوتا عن قفازات الملاكمة وتكرس نفسها لمهنة التدريب ولحياتها الخاصة.

وتقول “أريد العيش بصحة جيدة، وتكوين أسرة، وقبل كل شيء أن أكون أما صالحة”. وتبدي قناعة بأنه “من دون حب الوالدين، كل شيء لا ينفع”.

لقد خصصت الملاكمة جزءا من دخلها الناتج من الملاكمة لترميم منزل تعيش فيه والدتها البيولوجية مع إخوتها وأخواتها الأصغر منها.