السبت 11 شوال 1445 ﻫ - 20 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

لماذا يصعب على الرجال الحفاظ على الصداقات؟

تُعتبر الصداقات بمثابة عنصر أساسي في التجربة الإنسانية، بحسب ما يقوله الخبراء. فيما تُشير الأبحاث، إلى أنّ تكوين صداقات عميقة، ذات مغزى، والحفاظ عليها كشخص بالغ أمر صعب، خصوصًا بالنسبة للرجال.

فقد أبلغ أقل من نصف الرجال عن شعورهم بالرضا عن صداقاتهم، وقال حوالي 1 من كل 5 فقط إنهم تلقوا دعمًا عاطفيًا من صديق خلال الأسبوع الماضي، مقارنة مع 4 من كل 10 نساء، وفق استطلاع أجراه مركز الاستقصاء حول الحياة الأمريكية في عام 2021.

إذ قالت جودي يي تشونغ تشو، التي تُدرِّس فصلًا عن التطور النفسي لدى الأطفال بجامعة ستانفورد في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، إن انتهاء الصداقات بين الرجال يبدأ في منتصف سن المراهقة وأواخرها، ويزداد وضوحًا في مرحلة البلوغ. ويقول الأشخاص الذين يحافظون على صداقات مع رجال آخرين إنهم يميلون إلى أن تكون لديهم مستويات أقل من الحميمية العاطفية مقارنة بالنساء.

فيما أوضحت الدكتور نيوب واي، الباحثة وأستاذة علم النفس التطبيقي في جامعة نيويورك، إنّ “الصبيان لا يبدأون بالعزلة العاطفية، بل يُصبحون منفصلين عاطفيًا”.

هذا ويتمتع جميع البشر بالقدرة الفطرية والرغبة بإقامة روابط حميمة عاطفية مع الآخرين. وأوضحت تشو أننا نحتاج إلى هذه العلاقات للبقاء على قيد الحياة كأطفال، ثم مع نموّنا، وتقدّمنا بالعمر.

بينما رأى الدكتور فرانك سيليو، عالم النفس المقيم في ريدجوود، بولاية نيو جيرسي الأمريكية، أن الأبحاث أظهرت أن الصداقات الوثيقة تحمي صحتنا العقلية والجسدية، وأنّ الرجال الذين يعطون الأولوية لتلك العلاقات يقاومون أحد أكثر الأمور التي تشكل ضررًا على صحة الإنسان، أي الشعور بالوحدة.

تابع سيليو: “ما يتعرض الرجال لخسارته هو الشعور بأنهم ليسوا وحدهم في العالم، أو أنهم لا يخوضون تجربتهم بشكل منفرد”. وأضاف أن الأبحاث أظهرت أنّ “الكشف عن الضيق العاطفي أدى إلى تحسين الرفاهية العاطفية (لدى الرجال)، وزيادة مشاعر أنّ ثمة من يفهمهم، وتدني الشعور بالوحدة”.

وقال إنه مثلما يسعى الكثير من الرجال لتناول الطعام بشكل صحيح، وممارسة الرياضة، والنجاح في حياتهم المهنية، وتربية الأطفال، يتعيّن على الرجال إيلاء الأولوية لتنمية الصداقات كبالغين.

لماذا يصعب على الرجال الحفاظ على الصداقات؟

وعندما بدأ سيليو بإجراء بحث عن الصداقات الذكورية لأول مرة عام 1995، اعتقد العديد من المشاركين أن استطلاعه يدور حول المثلية الجنسية. وأضاف أن مثل هذه الصور النمطية غير دقيقة، لكنها كشفت عن ما قد يعيق بعض الرجال عن الغوص بصداقات عميقة.

سيليو أوضح أنّ الفرضيات بعد 27 عامًا قد تكون مختلفة، لكن الضغوط الاجتماعية ما زالت تلقي بثقلها على الرجال لجهة التعبير عن الضعف والحميمية اللازمين للصداقات الوثيقة.

كذلك أوضحت واي، مؤلفة كتاب “الأسرار العميقة: صداقات الأولاد وأزمة الاتصال”، أن الجميع يتمتعون بوجهين: الصعب المرتبط بالصبر والاستقلالية، والمرهف الضعيف، وأشارت إلى أن الجانب الصعب وُصف بأنه ذكوري ومفضل بطبيعته، فيما يُنظر إلى الجانب المرهف على أنه أنثوي وأدنى شأنًا.

واي لفتت إلى أنّ الأولاد يتلقون رسائل مفادها أن النضوج و”الرشد” يساعدان على التخلص من هذا الجانب المرهف. وأظهر علم الأعصاب والعلوم الاجتماعية وعلم النفس التنموي أن هذه العقلية تضرّ بهم.

فيما قالت تشو: “نحن نصنف العلاقات بين الجنسين على أنها أنثوية. وإذا كان هذا أمرًا أنثويًا، فإنه يمسي نقطة ضعف أو مسؤولية في حال اعترف (الرجال) بحاجتهم إلى صداقات”.

سيليو أشار إلى أنّ توصيف الجندر في هذه التجارب له أثر واضح، مضيفًا أن الرجال الذين كان لديهم تقييد عاطفي أكبر، وركزوا على السلطة، وسجلوا درجات عالية في استطلاعات قياس رهاب المثلية، كانوا أقل عرضة لتكوين صداقات حميمة ووثيقة.

واي أضافت أنّ الدافع إلى التشدّد وعدم إظهار الضعف الذي يقيدّ الرجال بالصداقات يمكن أن يقودهم إلى الشعور بالوحدة، والعنف، والغضب.

كيف تبني صداقات؟

وإذا كنت تأمل ببناء صداقات حميمة، يرى الخبراء أنه من الجيد أن تبدأ في مرحلة مبكرة.

فقد أشارت تشو إلى أنه ليس عليك حتى الكشف عن نقاط ضعفك بداية، وتابعت أن “نقطة الانطلاق القوية جدًا للبدء هي الإصغاء وطرح أسئلة حقيقية”. وأضافت: “كل الناس يفضلون الوثوق بأن هذا الوضع آمن وأن هناك شخصًا ما مهتم بهم بصدق”.

واي لفتت إلى أنّ المفتاح هو تجاوز المزاح واللباقة العامة وطرح الأسئلة المهمة لك، مثل ما يحبه الأصدقاء في وظائفهم، أو كيف تتغير مشاعرهم بعد الانفصال. وشدّدت على أنه لا داعي للقلق، إذا ليست من الوقاحة أن تطرح هذه الأسئلة. إذ أن غالبية الناس يرغبون بالإجابة عليها.

 

    المصدر :
  • CNN عربي