الجمعة 1 ربيع الثاني 1446 ﻫ - 4 أكتوبر 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

بارونات المخدرات تتساقط بضاحية حزب الله.. من يوفر الحماية؟

فاجأت التوقيفات التي قامت بها أجهزة أمنية لبنانية، بمشاركة عناصر من حزب الله، في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، اللبنانيين، لأنها طالت رؤوسا كبيرة في تجارة المخدرات بمعقل حزب الله الرئيسي، الذي شاع عنه توفيره لغطاء أمني لهذه البارونات.

وبدأت في الضاحية الجنوبية لبيروت، منذ أسبوعين، عمليات دهم مكثفة قامت بها أجهزة أمنية لبنانية أبرزها مخابرات الجيش وشرطة الاستقصاء طالت رؤوسا كبيرة من أخطر المجرمين المطلوبين بتهم “صناعة المخدرات والاتجار بها في لبنان والخارج”، وذلك وفق مذكرات توقيف متعددة.

وتزامنت هذه العملية الأمنية مع حديث عن احتمال فرض الولايات المتحدة الأمريكية حزمة إضافية من العقوبات ضد حزب الله.

فالحملة التي قادتها الأجهزة الأمنية اللبنانية داخل معقل “حزب الله” ومربّعهم الأمني، البالغ عدد سكانه ما لا يقل عن 600 ألف نسمة غالبيتهم ينتمون للطائفة الشيعية، انتهت ليل الجمعة والسبت الماضيين، باستعراض لعناصر مقنّعة من “حزب الله” وهم يداهمون شوارع محددة في الضاحية الجنوبية، لا سيّما تلك التي تضم مخيّم “برج البراجنة” للاجئين الفسلطينيين.

تشكيل سرية للمكافحة

وتركت مشاركة حزب الله في هذه المداهمات علامة استفهام كبيرة لدى شريحة من اللبنانين، عن دوافع تدخّل الحزب في هذه المداهمات، وبالضبط في المرحلة الأخيرة تحديدا، رغم أنه من الشائع بين اللبنانيين أنه يغطّي أسماء كبيرة تُتاجر بالمخدرات، معظمهم من البقاع اللبناني (شرق)، كون هؤلاء يقدّمون الدعم المادي للحزب منذ العام 2000، وهم من عشائر معروفة جدا مثل: زعيتر، جعفر، المقداد، أمهز، برّو، حميّة، وغيرهم.

وكشفت مصادر مطلعة فضلت عدم الكشف عن نفسها، أن عملية استعراض الملثمين التابعين للحزب في عدد من أحياء ومناطق الضاحية الجنوبية، أتت ضمن إطلاق سرية عسكرية جديدة للحزب بقيادة عبّاس حميّة (بعض كبار تجار المخدرات ينتمون لعشيرة قائد السرية) وتعداد هذه السرية الجديدة نحو 120 عنصرا، ويتمثل دورهم في ملاحقة وتوقيف أي مشتبه أو مطلوب أو تاجر مخدرات وحتى دفع أتاوات، وأُطلق على السرية الجديدة اسم “العباس”.

وبحسب مصدر من المنطقة فإن هذه الحملة الأمنية التي شارك فيها حزب الله، بمثابة تلميع صفحة “الحزب” أمام المجتمع الدولي وبأنه يكافح المخدرات والإرهاب، في وقت تغاضى الحزب إلى جانب حركة “أمل” التي يقودها رئيس مجلس النواب نبيه بري، لعدة سنوات، على التجاوزات والمخالفات.

وأوضح مصدر أمنية رفيعة ، أنّ هذه المداهمات والتوقيفات بدأت فعليا منذ شباط/ فبراير الماضي، وانتهت المرحلة الأولى في 5 آذار/ مارس الماضي، لتعود المرحلة الثانية بشكل أقوى في 22 مارس الماضي، وأسفرت عن توقيف أكثر من 50 مطلوبا بتهم الاتجار بالمخدرات وتعاطيها، إلى جانب تهم خاصة بجرائم السرقة، خاصة سرقة عشرات المصارف في المنطقة المذكورة، وقتل وفرض أتاوات شهرية على أصحاب المحلات (عادة هذه الأتاوات تشمل جميع المحلات في الضاحية الجنوبية ويرغم أصحابها على دفع بين الـ20 إلى الـ25% من قيمة الإيجار الشهري وإلا يتعرّض صاحب المحل للضرب وأحيانا لحرق أو سرقة محله)، كذلك تهم تتعلق بأعمال شغب واعتداءات وغيرها.

ولفت المصدر إلى أن توقيف 50 مطلوبا “رقم قليل جدا نسبة للأعداد الهائلة من المطلوبين الموجودين في المنطقة، لكن الأبرز في هذه المداهمات هو توقيف أسماء ورؤوس كبيرة جدا من تجار المخدرات خاصة تجار “الكبتاغون” (نوع من الأقراص المهلوسة) التي يتم تصنيعها داخل المنازل في الضاحية، قبل توزيعها على الأسواق المحلية والأجنبية”.

إعلاميا لم تذكر الوسائل المحليّة أسماء كبار التجار الذين سقطوا في العملية الأخيرة (22 آذار/ مارس – 1 نيسان/ أبريل) بشكل واضح، كذلك بيان مديريتي الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي تحاشى الكشف عن الأسماء الكبيرة.

لكن مصدر أمني كشف عن أبرز الأسماء التي تبحث عنها القوى الأمنية، من خارج سور “الضاحية الجنوبية” وتحديدا في البقاع اللبناني، وهو “نوح زعيتر”، الاسم الأشهر والرئيسي في عالم مافيات المخدرات.

حيث قامت قوى من مخابرات الجيش بمداهمة منزل المطلوب نوح زعيتر، في بلدته “بريتال”،الواقعة في جرود البقاع اللبناني، وتشتهر بصناعة المخدرات، وقامت بعمليات بحث دقيقة دون أن تجده، لكنها في الوقت عينه تمكّنت من توقيف بعض أعوانه.

كذلك تعمل الأجهزة الأمنية، ودائما بحسب المصدر، على رصد تحركات علي نصري شمص (من منطقة الهرمل في البقاع)، الملقّب بين تجار السم الأبيض بـ”لورد المخدرات” في لبنان.

وتجدر الإشارة إلى أن شمص، دعم في وقت سابق “حزب الله”، عبر التبرّع له بمئات آلاف الدولارات للتغاضي في ما يبدو عن طبيعة عمله المشبوه.

وأضاف المصدر الأمني أن “الحملة لم تبلغ الذروة بعد، وهناك في الأيام المقبلة عمليات سقوط لأقنعة ووجوه لتجار كبار”.

ونفى المصدر ما أوردته بعض وسائل الإعلام الموالية لـ”حزب الله” أنه لولا دعم الحزب وبطلب وتسهيل منه لما حصلت هذه المداهمات.

ويقول “هذا الكلام غير صحيح إطلاقا، وأن لبنان يحاول جاهدا التخلّص من هذه الظاهرة المخيفة التي باتت تسيطر على 40% من المجتمع اللبناني مع تسجيل أكثر من 150 إلى 200 عملية إحباط تهريب مخدرات من وإلى لبنان سنويا”.

ويشير المصدر الأمني إلى أنّ “هناك خمس مداهمات في الضاحية، حصلت الأولى بتاريخ 12 شباط/ فبراير2017، حين تم اعتقال أحد كبار تجار المخدرات المدعو حسين أمهز، والتوسع في التحقيقات معه كشف الكثير من المروجين الذين تتم ملاحقتهم. المداهمة الثانية بتاريخ 17 فبراير الماضي، حين قامت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني بمؤازرة وحدة عسكرية ميكانيكية بدهم منزل تاجر كبير وناشط ترويج المخدرات يدعى فوزي المقداد، وينحدر من البقاع اللبناني ومن سكان الضاحية الجنوبية،”.

ويتابع “خلال عملية المداهمة بادر إلى إطلاق النار على الدورية، وأصيب بجروح (خلال تبادل إطلاق النار) لكنه تمكن من الفرار، وتم ضبط ذخائر وأسلحة في منزله، وبعد ذلك تكرّرت المداهمات حتى 1 نيسان/ آبريل على ان الحملة، على أنّ الحملة لن تتوقف وستعود بشكل أقوى”.

هل ينتقم حزب الله؟

ويربط مصدر أمني مُطلع بين هذه التوقيفات التي ظهرت فجأة وبعد مضي أكثر من 25 سنة على الفلتان الأمني في الضاحية الجنوبية والتستر على مطلوبين وعدم مبالاة “حزب الله” في تلك الفترة لا بل دعمهم مقابل مساعدات مالية، ثم المشاركة في عملية التوقيفات مؤخرا، ويعتبر هذا الموقف الأخير دليلا على أن هذه الأسماء المطلوبة لم تعد تقدم للحزب الدعم المالي بالشكل المناسب، وبالتالي انتهى دور هذه الأسماء، بحسب تقديره.

لكن سقوط بعض بارونات المخدرات ليس معناه أن تلك الظاهرة انتهت من لبنان وخاصة “الضاحية الجنوبية” وبعض مناطق البقاع، التي تقع تحت إمرة “حزب الله” كون هناك أسماء ذهبت مقابل أسماء جديدة ستظهر، خاصة بالنسبة إلى عائلات العشائر اللبنانية التي تتوارث مهنة صناعة وتجارة المخدرات منذ سنوات طويلة، وما يحكى في الإعلام هو مجرّد تخمينات لكن هذه التجارة لن تباد نهائيا أقله في تلك الفترة.

وفي هذا الشق، كشف مصدر قضائي رفيع المستوى أن هناك عدد من النساء يعملن إلى جانب الرجال أيضا في تجارة الممنوعات، دورهن طبخ “خام الكوكايين” في المنازل ومن ثم تسليمها إلى الناشطين المكلفين بتوزيعها على الجامعات والمقاهي والمطاعم وتحديدا بين فئة الشباب.

وبحسب المصدر القضائي، فإن وحدات مكافحة المخدرات في لبنان استطاعت مؤخرا أيضا توقيف عشرات العصابات التي يقوم أفرادها، بطلب من كبار التجار، باستيراد مواد أولية على أنها مواد خاصة لصناعة “الفايبر غلاس” أو مبيدات للزرع، وهي فعلا كذلك إذ يتم استيراد مواد أولية مسموحة دوليا إدخالها بشكل شرعي إلى البلاد وهي: ملح الصوديوم، كاربوكسليك أسيد، ومادة الإفيدرين والبيزو–إفيدرين وغيرها، هذه المواد يتم توظيفها في آلات مخصصة لصناعة “الكابتاغون” وحبوب “الإكستاتسي” المخدرة.

 

مصادر الأناضول