حسن نصر الله
“نصر الله” الذي كان يتحدث بكلمة متلفزة بالذكرى السنوية الأولى لاغتيال القيادي العسكري في الحزب، مصطفى بدر الدين (قتل في سوريا العام الماضي)، حاول تبرير تلك الخطوة بأن منطقة الحدود الشرقية مع سوريا من الجهة اللبنانية أصبحت “آمنة بدرجة كبيرة”، وباتت “الآن مسؤولية الدولة” حيث لا داعي لوجود الحزب هناك.
غير أن آراء خبراء عسكريين لبنانيين تباينت إزاء تلك الخطوة، بين من اعتبرها خطوة للتهدئة، أو محاولة لإعادة الإنتشار، أو تطور طبيعي للاتفاق الذي حدث بين المعارضة والنظام السوري حول 4 قرى سورية، فيما ربطها خبيران بنتائج محادثات “أستانة 4”.
واستدرك: “إذا كان المقصود، إعادة انتشار (تموضع) في الأراضي السورية، فأنا أتوقع ذلك بعد القرار بإقامة أربعة مناطق تهدئة (في إشارة لاتفاق “مناطق تخفيف التوتر” الذي جرى التوصل إليه في أستانة)، كما أتوقع إذا كان حزب الله سيترك الأراضي السورية فهو لن يترك حتماً منطقة القصير (تابعة لمحافظة حمص السورية)”.
وتابع “أمّا إذا كان المقصود بالحدود الشرقية أي منطقة القلمون (تابعة لريف دمشق)، فربما تكون قد انتفت الحاجة لذلك، خصوصاً بعد إتمام المصالحات في القرى السورية للمناطق المحاذية للحدود اللبنانية الشرقية، لكن لا أعتقد أن حزب الله سينسحب من التصدي للجماعات المسلحة في عرسال البقاعية (بلدة لبنانية على الحدود الشرقية الشمالية)”.
وأوضح أن ما حدث في مؤتمر “أستانة 4” يعد “اختراقاً، صحيح أن الحدود النهائية (لمناطق تخفيف التوتر) لم تحدد بعد، لكن روسيا وتركيا تدرسان الخرائط، ومناطق التهدئة بحاجة بالتأكيد إلى آليات تنفيذ، وإذا نجحت خلال فترة 6 أشهر عندها تسير سوريا نحو وقف الحرب فيها”.
واتفقت تركيا وروسيا وإيران، خلال اجتماعات “أستانة 4″ التي اختتمت، في الرابع من مايو/أيار الجاري، على إقامة ما أسمته بـ”مناطق تخفيف التوتر” في سوريا، والتي ستكون خالية من الاشتباكات، وعلى حدودها يتم تشكيل المناطق المؤمنة التي تتولى إدارتها وحدات تابعة للدول الضامنة.
وبدأ سريان الاتفاق منتصف ليل 6 مايو الجاري، ويشمل أربع مناطق هي: محافظات حماه (وسط)، وإدلب، وحلب، وأجزاء من اللاذقية (شمال غرب).
وفي 15 مارس/آذار الماضي تم الاتفاق بين النظام والمعارضة، على إخلاء الراغبين من سكان بلدتي الفوعة وكفريا القريبتين من الحدود اللبنانية (محاصرتين من قبل المعارضة) إلى مناطق سيطرة النظام في الشمال السوري، وإخلاء الراغبين من سكان بلدتي مضايا والزبداني غربي دمشق (محاصرتين من قبل النظام) إلى مناطق سيطرة المعارضة في محافظة إدلب (شمال).
وبيّن “ملاعب” في حديثه للأناضول، أنه بعد تلك المصالحة أصبح “كامل القطاع الشرقي خلف الحدود اللبنانية السورية، بيد الجيش السوري (النظام) وحلفائه ما عدا منطقة انتشار الجيش اللبناني الممتدة من عرسال إلى بلدة رأس بعلبك اللبنانية، ويقابلها القلمون الغربي (في سوريا)”.
وأضاف ملاعب أن “حديث نصرالله يحمل تهدئة مستقبلية، وحصر تواجد المعارضة السورية المسلحة بكل فئاتها في المناطق المقابلة لتواجد الجيش اللبناني، بهدف حشر الجيش في هذه المهمة”.
وأضاف بهذا الخصوص “لذلك أقول إن المرحلة المقبلة ستشهد معارك على الحدود بين الجيش والإرهابيين (في إشارة إلى تنظيمات في الداخل السوري تصنفها الحكومة اللبنانية كإرهابيين مثل جبهة النصرة)، وليس بين حزب الله والإرهابيين”.
وتساءل ملاعب: “هل يتحضر حزب الله إلى تنفيذ مهام جديدة في جنوب سوريا، أم حانت ساعة تخفيف مهامه في الداخل السوري وبالتالي العودة إلى لبنان؟”، تاركاً الإجابة للمستقبل.
أما الخبير العسكري اللبناني العميد المتقاعد محمد عباس، فذهب إلى أنه مع بداية الصراع في سوريا “استخُدمت عرسال كقاعدة لانطلاق المسلحين والسلاح باتجاه سوريا وبالعكس، وسقطت لاحقا كامل الحدود السورية اللبنانية خاصة من الجهة الشرقية، وكانت تحصل عمليات تسلل للإرهابيين، ويتم إدخال السيارات المفخخة والعبوات (الناسفة) إلى لبنان”.
” وبعد المصالحات في القلمون الغربي، وقبلها في جنوب غرب دمشق، أصبح معظم ريف دمشق الغربي والجنوبي وكامل الحدود اللبنانية السورية مؤمنة من المصنع (بلدة لبنانية) حتى الزمراني (بلدة حدودية)”، وفق تعبيره.
وتابع ملاعب “لم يعد هناك تواجد مسلح سوى في جرود عرسال من الجهة اللبنانية، والجرود المقابلة في سوريا، وعليه لم يعد هناك من ضرورة لبقاء عناصر الحزب في المراكز التي أنشأها على طول السلسلة الشرقية من الجهة اللبنانية”.
ومنذ العام 2013 ووسط معارضة واسعة في الأوساط السياسية اللبنانية، تدخل حزب الله اللبناني عسكرياً في الصراع السوري بشكل معلن إلى جانب نظام بشار الأسد.
يشار إلى أن حديث نصر الله أمس، تزامن مع دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في تقرير تقدم به لمجلس الأمن، الحكومة والجيش اللبنانيين لاتخاذ التدابير اللازمة لمنع “حزب الله” من الحصول على أسلحة و”بناء قدرات شبه عسكرية خارج نطاق سلطة الدولة”.