الخميس 15 شوال 1445 ﻫ - 25 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

الحريري يركّب حكومته الجديدة على طريقة “مكعّب روبيك”

لم يكن أدلّ على صعوبة مسار “حياكة” التشكيلة الحكومية الجديدة في لبنان من تشبيه الرئيس المكلّف سعد الحريري هذه العملية بلعبة “مكعّب روبيك” حيث الأهمّ “القيام بالخطوة الصحيحة” بمعنى ان تكتمل وتتكامل كل جوانب التأليف لتبصر النور حكومةٌ متجانسة بـ “ألوانها السياسية” المتعدّدة.

وجاء تشبيه الحريري مهمّته بهذا المكعّب – اللغز فيما ملف التشكيل يسلك طريقاً متعرجاً يحكمه صعودٌ وهبوطٌ في مؤشر التفاؤل بقرب ولادة حكومةٍ ينتظرها الداخل الغارق في صراع الأحجام ويضع الخارج عيْنَه على توازناتها ذات البُعد الإقليمي والتزاماتها تجاه المجتمعيْن العربي والدولي.

وفيما كان المناخ السياسي الذي يحوط مسار التأليف يوحي بانسدادِ الأفق وانفتاحه على المزيد من “المتاعب” السياسية – الدستورية في ضوء بوادر محاولة لتطويق الحريري بفترة انتظارٍ “غير مفتوحة” ورفْع شعار ان رئيس الجمهورية “يمهل ولا يهمل”، تعمّد الرئيس المكلف ضخّ جرعة تفاؤل جديدة بكلامه عن أنه يتواصل مع الجميع وان هذا التواصل سينتج حكومة قريباً، مؤكداً ان لا خلاف مع رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل “ولا شيء يمنعني من لقائه”، ومعلناً “نحاول تهدئة الجميع وجوّنا ايجابي وجو التيار الحرّ إيجابي أيضاً وان شاء الله تولد الحكومة خلال اسبوع او اثنين”.

وإذ أعلن انه سيلتقي عون قريباً، أطلق إشارة بالغة الدلالات بدت برسْم الضغوط التي تُمارِس عليه سواء للتأليف بشروط الآخرين او توقيتهم، عبر تأكيده “انا الوحيد الذي يشكل الحكومة ولا أحد غيري ونقطة عالسطر وذلك بالتشاور مع رئيس الجمهورية ومخطئ كل من يفكر غير ذلك”.

وأتى كلام الحريري بعيد لقاء، لم يكن اطلع بعد على نتائجه، جَمَع مستشاره غطاس خوري مع النائب الياس بو صعب وتناول الملف الحكومي، وذلك على وقع تزايُد الحديث عن “عقدة باسيل” الذي يُمانِع منْح حزب “القوات اللبنانية” 4 مقاعد وزارية ببينها حقائب وازنة، ويرفض حصْر التمثيل الدرزي في الحكومة بفريق زعيم “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، ويسعى الى حصة للتيار وعون من 11 وزيراً، اي الثلث المعطّل، وهو ما لا يمكن ان يسلّم به الحريري ولا سيما أن قريبين من “القصر” كانوا ربطوا هذه الحصة بإحداث توازن مع موقع رئاسة الوزراء.

وفيما كانت إشارات محاولة “تقييد” الحريري بمهلٍ للتأليف من خارج الدستور تتوالى سواء من خلال ما أورده تلفزيون “او تي في” من معادلة لافتة جاء فيها “الرئيس المكلف ينتظر ولا يعتذر، ويسعى للحفاظ على أفضل العلاقات مع رئيس الجمهورية من دون ان يخسر الدعم السعودي”، و”رئيس الجمهورية يمهل ولا يهمل، ويرى ضرورة التعجيل في تشكيل الحكومة”، لم يكن ممكناً قراءة الجلسة العامة لمجلس النواب التي دعا اليها رئيس البرلمان نبيه بري لانتخاب اللجان قبل تشكيل الحكومة إلا في سياق رفْع مستوى الضغط على الرئيس المكلف الذي يحسب خطواته بدقة متناهية لإدراكه حساسية الوضع الخارجي المحيط بلبنان وخصوصاً في ضوء إصرار بعض الأطراف على وضْع جدول أعمال مسبق للحكومة العتيدة يضعها – حتى قبل ان تولد – في “تموْضع إقليمي” يرسمه فريق محدّد، كما يفعل “حزب الله” و”التيار الحر” في ملف النازحين وكما فَعَل الوزير باسيل بكلامه عن “ان الحياة السياسية مع سورية ستعود”.

وفيما ردّت “كتلة المستقبل” بعد اجتماعها امس برئاسة الحريري ضمناً على باسيل معتبرة “أن الخوض بمسألة العلاقات اللبنانية – السورية، على صورة ما يجري من خلال بعض المواقف والتصريحات، هو خوض في غير محله، ومجلس الوزراء هو الجهة المخولة تحديد السياسات ومسار العلاقات خصوصاً في ما يتصل بالملفات الخلافية على غير صعيد”، احتلّت محادثات المبعوث الخاص للرئيس الإيراني مساعد وزير الخارجية حسين جابري انصاري في بيروت أهمية خاصة في ضوء اللحظة الاقليمية – الدولية المعقّدة وما أطلقه فيها من مواقف.

وكان بارزاً كلام عون خلال استقباله أنصاري الذي نقل رسالة شفوية من الرئيس حسن روحاني حول التطورات الاخيرة المتصلة بالاتفاق النووي بعد انسحاب الولايات المتحدة منه “والاتصالات التي تجريها بلاده لمعالجة تداعيات القرار الأميركي الأحادي” كما جاء في بيان القصر الجمهوري اللبناني، موضحاً ان عون عبّر امام المسؤول الإيراني عن “أسفه لانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي كان اعتبرَه لبنان ركناً اساسياً للاستقرار في المنطقة ويساهم في جعلها منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، مسجّلاً في المقابل ترحيبه بالتزام الدول الأخرى بالاستمرار فيه وفق ما صدر في فيينا قبل أيام نظراً للتداعيات السلبية التي تترتّب على إلغائه على صعيد الأمن والاستقرار في المنطقة”.

وبعد لقائه بري، أوضح أنصاري أن الرسالة التي حملها الى المسؤولين اللبنايين تتناول “شرح الجهود السياسية التي تقوم بها ايران خلال هذه المرحلة مع بقية شركائها في الاتفاق النووي للمحافظة عليه (…) والمفاوضات السياسية التي تخوضها من أجل مواجهة السياسية الأميركية الأحادية المعتمدة ولمواجهة خروجها من الاتفاق النووي”.

 

المصدر الراي