السبت 10 شوال 1445 ﻫ - 20 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

سيناريوات التقشّف تُسابِق التصدّع السياسي

تشهد فسحةُ ما بين عيديْ الفصح معاودةَ تحريكِ ملف موازنة 2019 في محاولةٍ لإنجاز “البنية التحتية” لمسار التقشُّف الأقسى في تاريخ البلاد والرامي الى تفادي انهيار الهيكل المالي على رؤوس الجميع وإعدادِ الأرضية لانتقالِ مقررات مؤتمر “سيدر” ومخصصاته من سياق “الوعودِ” إلى الترجمةِ الموعودةِ وفق شروطِ الإصلاحات الهيكلية والقطاعية ودائماً تحت سقف التوازن السياسي الداخلي الذي يعكس عدم خروج لبنان الرسمي عن النأي بالنفس أو السقوط بالكامل في الحضن الإيراني.

ويشكّل الاجتماعُ الذي يُعْقَد اليوم برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري محطةً بارزة على طريق حسْم الهوامش الممْكنة لـ “الخيارات المؤلمة” التي سيجْري تِضْمينُها مشروع الموازنة لخفْض العجز في ضوء الأجوبة التي سيحملها ممثّلو مختلف الأطراف المشاركة في الحكومة على الاقتراحات التي سبق أن جرى طرْحُها والتي سرعان ما غرقتْ في متاهةِ تسريباتٍ اختلطَ حابلُ الحقيقي بنابلِ “الاختباري” بينها واستدعتْ “هَبّة” من الشارع الذي لوّح “بالآتي الأعظم” بحال سرى أي خيارٍ يقوم على خفْض رواتب كل العاملين في القطاع العام أو المساس بتعويضات وتقديمات اجتماعية وبالمعاشات التقاعدية، وسط “رياحٍ غير مريحة” تحوط بهذا الاجتماع من زاويتين:

* الأولى الخشيةُ من دخول ملف الموازنة حقلَ التجاذب السياسي في ضوء المغازي اللافتة لغمْز الرئيس ميشال عون أول من أمس من قناة فريق لم يسمّه تَوَجّه إليه بأنه “إذا كان لا يعرف كيف يُنهي أزمة الموازنة أو ليست لديه الخبرة لإنهائها بسرعة فليتفضّل الى قصر بعبدا ونحن نُنْهيها له”.

واعتبرتْ أوساطٌ سياسية أن كلام عون بدا ضمْناً موجَّهاً الى الحريري من باب ما يعبّر عنه قريبون من رئيس الجمهورية دائماً عن امتعاضه من البطء في وضْع الموازنة على سكّة المناقشة على طاولة مجلس الوزراء، وهو ما كان الحريري يرْبطه بتوفير مظلّة سياسية جامعة للقرارات الموجعة تفادياً لتحويلها ورقة مزايداتٍ شعبوية.

كما لم تُسْقط هذه الأوساط أن يكون ما أعلنه رئيس الجمهورية برسْم وزير المال علي حسن خليل (من فريق رئيس البرلمان نبيه بري) في ضوء ما عبّرتْ عنه إطلالة الأخير التلفزيونية عن “جمْر تحت الرماد” حيال مقاربة مسألة “التدبير 3” للعسكريين كما بإزاء ما كشفه خليل عن حوافز كبيرة مُنحت لعمداء في الجيش للتقاعد مبكّراً ما كبّد الخزينة أرقاماً كبيرة، ناهيك عن دلالات ما نُقل عن قريبين من عون حول امتعاضه من تسريب أفكار كانت قيد النقاش في معرض البحث عن أنْجع الحلول بهدف تأليب الشارع على العهد والحكومة، موضحين أن ما يجري الحديث عنه هو خفض بعض التقديمات الاضافية والبدلات والتعويضات وخفض رواتب كبار الموظفين (وبعضها يفوق راتب رئيس الجمهورية) والوزراء والنواب وبعض موازنات المجالس الحكومية.

* والزاوية الثانية معاودة تسريب أفكار حول إمكان رفْع ضريبة القيمة المضافة إلى 15 في المئة وإخضاع استهلاك البنزين لضريبة مقطوعة بقيمة 5 آلاف ليرة، وسط تقاريرَ لم تستبعد أن يكون هذا الأمر في سياق الضغط للسير بالخيارات الأخرى الصعبة، وإلا فإن اللجوء الى هذا النوع من الضرائب سيعني مجدّداً جعْل كل اللبنانيين يدفعون ثمن عدم قدرة السلطة على ضبْط كلفة القطاع العام على الخزينة، وهو ما كان حَصَلَ إبان إقرار سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في هذا القطاع (شملت أيضاً الأساتذة في التعليم الخاص) ما رتّب زيادات ضريبية وفي أقساط المدارس شملت كل الطبقة العاملة في القطاع الخاص ممّن لم يستفيدوا بقرش من زيادة الرواتب في العام.

وفي موازاة ذلك، تنشغل بيروت بالزيارة التي بدأها مستشار خادم الحرمين الشريفين المشرف العام على مركز الملك سلمان للاغاثة عبدالله بن عبد العزيز الربيعة والتي تشتمل على لقاءات مع عدد من المسؤولين وتدشين مشاريع إنمائية انسانية ولا سيما في البقاع.

وفيما التقى المستشارُ السعودي أمس مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، ثم الحريري فرئيس المجلس الشيعي الأعلى الشيخ عبدالأمير قبلان ثم شيح عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن، فالبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، كان لافتاً أن برنامج زيارته (يستمر 3 أيام) الذي اُعلن لا يشتمل على محطة مع عون وبري.

إلا أن الربيعة نفى أن يكون وراء الأمر أي خلفية سياسية وأنه يفرح بلقاء أي مسؤول في لبنان، فيما أكد السفير السعودي وليد بخاري أنّ المسألة قيد المتابعة ولها علاقة بتنسيق الأمور ربْطاً بفترة الأعياد في بلاد الأرز.

 

المصدر الراي