الأربعاء 15 شوال 1445 ﻫ - 24 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

لاجئون سوريون بعرسال ينامون بالمقابر خشية من الجيش اللبناني

أثارت الحملة الأخيرة التي شنها الجيش اللبناني على مخيمات اللاجئين السوريين في عرسال رعب الكثير ممن تبقى منهم في المخيمات، لاسيما أن هذه الحملة اتسمت بأنها الأكثر همجية؛ إذ اقتحمت قوات من الجيش اللبناني معززة بالدبابات فجر الجمعة 30 حزيران مخيم “أبو طاقية” بمنطقة الجفر ومخيم “القارية” بمنطقة وادي الحصن.

وبدأت الحملة في الساعة الخامسة فجرا بعدما حاصر الجيش المخيمَين، وبدأ الهجوم في السادسة فجرا، وما إن بدأ بالمداهمة حتى تعرض لإطلاق رصاص من قبل مجهولين مسلحين داخل المخيم.

وتحدث مصدر خاص، رفض الكشف عن اسمه لـ”عربي 21″، أن المسلحين تابعين لتنظيم الدولة أو جبهة النصرة، وأصيب 7 جنود لبنانيين فيما قتل جندي واحد بعدما بدأ هجومهم بالقنابل والمتفجرات،
وأسفر ذلك عن حملة غير مسبوقة على المخيم تسببت بأضرار مادية وبشرية.

وهدم الجيش اللبناني في المخيم 30 وحدة سكنية، بينما لحقت الأضرار الجزئية بعشرات الوحدات، وقتل 19 شخصا، وتسبب دخول الجيش على المخيم بالأسلحة الثقيلة بسقوط حائط على طفلة ومقتلها ومقتل شخص معاق مقعد أيضا، وتبع الهجوم اعتقال 370 شخصا بعضهم من كبار السن، وقدر عدد المصابين بـ300 شخص أغلبهم من النساء والأطفال.

وبعد اعتقال المئات، وضعوا بمشهد أقرب إلى مشاهد اعتقال النظام، حيث بدوا عاريي الأجساد وكتبت على ظهورهم عبارات طائفية، وضربوا جميعهم دون اعتبار لأعمارهم أو وضعهم الصحي، وتمكن البعض من ساكني المخيم من الفرار إلى المخيمات المجاورة، فيما قتل البعض في أثناء محاولته الفرار، واعتقل البعض الآخر، وتزامن ذلك مع حملة إعلامية حملت عنوان “#تطهير_جرود_عرسال” شارك فيها إعلاميون لبنانيون مثل حسين مرتضى وآخرون تابعون لحزب الله.

وفي اتصال خاص مع المحامي اللبناني المختص بأمور اللاجئين نبيل الحلبي قال لـ”عربي 21″: “ما جرى في المخيم هو انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وسبق لهذا الفوج الذي اقتحم المخيم أن ارتكب انتهاكات أخرى في عرسال 2014 وجرت حملة انتقام جماعية فيه”، مبينا أن ما جرى انتهاك كبير بحق هؤلاء اللاجئين ولا يمكن تسميته جريمة حرب؛ لأن ما جرى لم يكن نزاعا مسلحا بين طرفين متكافئين.

وأضاف الحلبي أنه لا يمكن اعتبار ما جرى يندرج ضمن قائمة مكافحة الإرهاب، لأن هذه المخيمات مراقبة بالكامل وتجري حملات تفتيش عليها بشكل دوري، لكن يمكننا القول إن مخيمات البقاع الغربي والأوسط، تأوي عددا كبيرا من اللاجئين السوريين، لكن هناك عملية تفاوض تجري بين حزب الله وكتيبة سرايا أهل الشام التابعة للجيش الحر، ومن الواضح أن المفاوضات توقفت بين الجهتين، وبات ضحيتها هؤلاء اللاجئون، وصار هناك ضغط من حزب الله لإرغام هؤلاء اللاجئين على العودة إلى سوريا، أو أن يبقوا في لبنان مهدوري الكرامة واقعين تحت القبضة الأمنية.

ويعتقد الحلبي أن حزب الله هو المحرض الرئيسي على ما جرى في عرسال، على اعتبار أن هناك مخططا لتهجير أهالي عرسال والقرى الحدودية السنية في البقاع الشمالي لربطها بمشروع دويلة مذهبية بدأ ترسيمها في سوريا، وكما هجر أهالي طفيل، فإنه سيحاول تهجير أهالي عرسال التي تعتبر جزيرة سنية وسط محيط شيعي.

أما حسام الغالي مدير الجمعيات الإغاثية والتنموية في لبنان، فتحدث في اتصال خاص مع “عربي 21” عن حجم الضرر الذي لحق في المخيمات، قائلا: “هناك أضرار فادحة في مخيم النور والقارية، لكن أضرار مخيم النور أكبر، فتدمير 30 وحدة سكنية بشكل كلي يعني تأمين 30 ألف دولار، هذا بالإضافة إلى الأضرار الجزئية التي لحقت بباقي المخيمات. وضع المخيم مأساوي جدا ولا يوجد جهات يمكنها تعويض اللاجئين عن خسائرهم، وأقصى ما يمكننا فعله إرشاد الناس للذهاب إلى خيم أخرى”.

ويرى الغالي أن وضع النازحين في المخيمات فاق قدرات الجمعيات الإغاثية على التحمل، وما زاد سوء هذه الأوضاع، هو الضغط الكبير الذي يمارس عليهم للعودة إلى سوريا واعتقالهم، حتى إن البعض منهم ينام في المقابر والبيوت المهجورة هربا من ملاحقة قوات الأمن لهم.

وكانت الحكومة اللبنانية قد أصدرت قرارا بإجبار اللاجئين الذين دخلوا إلى لبنان بشكل غير شرعي على تسوية أوضاعهم، على أن يتم تجديد التسوية كل ثلاثة أشهر، إلا أن هناك حملات اعتقال جماعية تجري في الأمن العام في لبنان لدى بعض من يسوي وضعه، بل إن الحكومة اللبنانية تقوم بتسليم بعض الأشخاص إلى النظام السوري.

على الرغم من أن مداهمة الجيش اللبناني انتهت، إلا أن الأهالي في المخيمات اليوم يعيشون رعبا حقيقيا؛ الأطفال في حالة صدمة مما حدث والنساء تحضن أولادها خشية أن يتم اعتقالهم، لا شك أن هذه الهجمة أعادت لهم حياة الحرب في سوريا، ولا يقتصر الأمر على ذلك فقط، فالكثير يخشى من التواصل مع أحد من الخارج أو طمأنتهم عن أحوالهم بسبب مراقبة خطوط الاتصال هناك.

ويقول أحد اللاجئين هناك: “في كثير من الليالي أنام في القبر مختبئا من مداهمة مفاجئة يليها اعتقال، لم يعد هناك فرق بين أن تموت رعبا هنا أو قنصا في سوريا، الموت واحد، والرعب الذي أعيشه كشخص ملاحق هنا يعني أني أموت يوميا ألف مرة”.

 

المصدر

عربي21- يمنى الدمشقي