بهدوء ملحوظ تسقط أوراق روزنامة شهر أيلول من دون أن يشهد انتخاب رئيس جمهورية، لتتجه الأنظار إلى تشرين. وفي الوقت الفاصل، يترقب اللبنانيون جولة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان الرابعة إلى لبنان، إثر اجتماع اللجنة الخماسية اليوم سعيًا لإنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان. وتزامنًا، حطّ الموفد القطري “الأمني” أبو فهد جاسم آل ثاني في بيروت في إطار مسعى تردد أنه يهدف لإقناع “الثنائي الشيعي” بالسير بترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون. على أن يزور وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية محمد الخليفي بيروت في 5 تشرين الأول المقبل.
ورغم أن قوى المعارضة أبدت استعدادها للذهاب نحو الخيار الثالث، يبقى “الثنائي الشيعي” على تمسكه بمرشحه رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، ويطلق إشاراتٍ إلى أن المسرح الخارجي “الناقص” لا يمكن أن يُنتج حلاً “وأن الإنتاج يكون عبر الحوار”. حتى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري ما زال متمسكاً بمبادرته الحوارية الرئاسية التي أطلقها نهاية آب الماضي، غير آبه بالرفض الذي قوبلت به من قبل فريق المعارضة. فيما يتطلع الوسط السياسي إلى ما يمكن للدور القطري أن ينجزه رئاسيًا، هل يخرج الدخان الأبيض قريبًا من قصر بعبدا؟
عضو “اللقاء الديمقراطي” النائب بلال عبد الله يؤكد لـ”المركزية” أن “الدور القطري في اللجنة الخماسية والملف اللبناني معروف وموجود، لكن هل يتم ذلك عبر رجل أمني أم سياسي؟ هذه تفاصيل، المهم أن قطر تتابع الوضع اللبناني ولم تقصّر يومًا، وكان واضحًا اهتمامها من خلال دعمها للمؤسسات الأمنية والجيش، وحتى لصندوق تعاضد القضاة. لكن لا معلومات عن الموفد وتحركاته، لكن الاكيد ان قطر مهتمة مباشرة كدولة وكعضو في اللجنة الخماسية”.
وعن تأثيرها على “الثنائي الشيعي” لدفعه باتجاه التخلي عن مرشحه، يجيب: “ربما يعتبر البعض أن قطر، بما أنها تملك علاقات جيدة مع إيران تستطيع تليين بعض المواقف وتسهيل مهمة الوصول إلى مرشح توافقي. يعزو البعض هذا الموضوع إلى العلاقات الجيدة التي تربط إيران بقطر، وطهران لها دور أساسي في هذا الملف ولو كانت خارج الخماسية، تمامًا كالولايات المتحدة. ولكن حكمًا دور هاتين الدولتين اساسي في محاولة الوصول الى مرشح توافقي. لذلك، ربما، من خلال التحليل المنطقي والاستنتاج تستطيع قطر أن تلعب هذا الدور، لكن الواضح انها تعمل ضمن إطار اللجنة الخماسية”.
تبعًا لكل ما يحصل، يؤكد عبد الله “أننا ما زلنا في المربع نفسه، بفرض مرشح تحدٍ ومواقف مرتفعة السقوف، في حين أن البلاد تحتاج إلى تليين المواقف والتفتيش عن مساحات مشتركة والى الحد الأدنى من الترفع والتضحية لحساب المصلحة الوطنية، وهذا مطلوب من الجميع، كما هو مطلوب عدم التمسك بمرشح تحدٍ والانفتاح على الحوار أكثر والقبول بتسوية داخلية أو توافق أو مرشح وسطي، النتيجة واحدة، المهم إرساء نوع من المناخ الايجابي لإمكانية تشكيل حكومة فاعلة قادرة على قيادة الإصلاحات وخطة التعافي الاقتصادي، وهذا الأهم”.
بعد أيلول، بدأ الحديث عن تشرين، أين الحلّ؟ يجيب: “لم أقتنع يوماً بمسألة المواعيد، بل علينا الاقتناع بالمناخات، فكلما كان المناخ إيجابيًا محليًا وإقليميًا، يكون هو المؤشر وليس العامل الزمني”.
هل يأتي الحلّ من “الخماسية”، وماذا عن التحركات الدولية من واشنطن ونيويورك إلى الفاتيكان وغيرها؟ يجيب عبد الله: “ثمة أمور مطلوبة من الداخل اللبناني، لا يمكن أن نعتمد فقط على الخارج الذي لديه مصالحه الخاصة وحساباته، وقد تطول معه مسألة اللعبة الخارجية والتسوية. فهل يتحمل لبنان المزيد من الانتظار؟ الوضع الاقتصادي والاجتماعي والنزوح السوري والمشاكل الصحية والتربوية.. هل تستطيع الانتظار؟ الخارج يعمل ببطء. للأمانة، لا نشهد هذا الزخم الكبير الخارجي خاصة من القوى الفاعلة والمؤثرة لإنتاج حلّ كما شهدنا إبان الترسيم البحري. يبدو أن الغاز والنفط أهم من الرئاسة”.
ويختم عبد الله: “علينا أن نعمل جميعًا كلبنانيين على محاولة إنقاذ ما تبقى من البلد، وإلا فمصيرنا مجهول، في ظل هذه التداعيات الإقليمية والوضع في سوريا والنزوح وأحداث عين الحلوة والتغيرات الحاصلة في التوازنات الدولية الكبرى، فإن لبنان سيضيع كلياً. لذلك، المطلوب من الجميع الارتقاء إلى مستوى المصلحة الوطنية”.