على الرغم من الرد الناري لإسرائيل على جواب لبنان حول المقترح “المحدث” للقرار الدولي 1701، وقد حمّله رئيس المجلس نبيه بري للموفد الأميركي آموس هوكشتاين في زيارته الأخيرة لبيروت، فإن ذلك الرد الذي يقطع الطريق على أي بحث في وقف للنار، لم يمنع الديبلوماسية الأميركية خصوصاً والغربية عموماً من الاستمرار في الدفع نحو التزام الجانبين اللبناني والإسرائيلي على السواء، بالقرار.
والمفارقة التي برزت في المفاوضات الأخيرة حول هذا القرار، أن طرح تحديثات هي عملياً بمثابة تعديلات جوهرية تمس بجوهر القرار، رغم الإنكار الأميركي، زاد من تمسّك لبنان بالقرار بصيغته الأساسية، في الوقت الذي كان فيه “حزب الله” يرفض تطبيقه بذريعة الخروقات الإسرائيلية المستمرة للبنان.
الثابت حتى الآن أن التفاؤل الذي يسوّق له بري بإمكان الوصول إلى تفاهم، ليس في محله. مرد هذا التفاؤل لم يتوقف على ما ينقله زوار رئيس المجلس عنه، بل أيضاً إلى ما لمسه هوكشتاين نفسه بعد لقائه به، إذ أسرّ أمام من التقاهم لاحقاً بأنه فوجئ بايجابية بري، ما جعله يعتقد أنه قد ينجح في مهمته على مسافة أسبوعين من الانتخابات الرئاسية الأميركية.
لكن الواقع لم يكن كذلك، تماماً كما تفاؤل بري. وقد تكشف ذلك من خلال الرسالة الدموية التي ردّت بها إسرائيل على ذلك التفاؤل واستهدفت بها مناطق تدور في فلك رئيس المجلس، فيما الأخير، المدرك سلفاً للرد الإسرائيلي، الرافض في أي شكل لوقف النار أو الجلوس على طاولة المفاوضات حول 1701، باع هوكشتاين “من كيسه”، أي بما يحب أن يسمعه، لعلمه المسبق أن إسرائيل سترفض أي جواب لبناني لا يعطيها حرية الحركة البرية والجوية داخل وفي الأجواء اللبنانية.
في أوساط عين التينة من له قراءة مختلفة، إذ في رأيها، لم يحمل هوكشتاين كلاماً جديداً حيال الـ1701 أو ما اصطُلح على تسميته الـ1701+. وكل ما هو مطروح يتمثل في طرح وقف إطلاق النار بنداً أول بدلاً من وقف الأعمال العدائية المنصوص عليه في القرار.
ويملك بري حرية التفاوض باسم الحزب الذي وافق بالكامل على وقف للنار مشروط بتنفيذ الـ1701 كما هو. وفي المعلومات إن هوكشتاين سيعود خلال الأيام القليلة المقبلة إلى بيروت حاملاً الرد الإسرائيلي الرسمي.
تبدي أوساط بري ارتياحها لمسار التفاوض حيث لا يقدم لبنان أي تنازلات بل يلتزم القرار الدولي، مع الإدراك أن مهمة هوكشتاين في سباق مع الوقت قبل أن تدخل إدارته في شكل كامل مدار الانتخابات. والسؤال: هل تنجح الجهود الجدية في وقف الآلة العسكرية التدميرية لإسرائيل؟
يبقى التعويل على ما يمكن أن يحصده الجيش من دعم مالي يمكّنه من المضيّ في خطته لتطويع العناصر وتجهيزهم المطلوب إرسالهم إلى الجيش وعددهم يقارب ستة آلاف جندي. عندها يمكن أن يتبلور مصير تطبيق القرار الدولي كما هو أو مع إضافات!