الأربعاء 15 شوال 1445 ﻫ - 24 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

حرائق القمح في سوريا.. سباق غذاء بين "الأكراد" والأسد

باتت ظاهرة حرق المحاصيل الزراعية في شمال سوريا تمثلُ حرباً جديدة بين أطرافٍ متنازعة في المنطقة ذاتها.

وتلتهم النيران منذ نحو شهرين بشكلٍ متقطعٍ وتدريجي مساحاتٍ كبيرة وشاسعة من حقول القمح، خاصة شمال شرق سوريا، بالإضافة لمناطق أخرى في الوسط والجنوب مثل السلمية والسويداء التي تقطنها أغلبية من طائفة “الموحدين الدروز”.

وقد تبنى تنظيم داعش الذي مُني مطلع هذا العام بهزيمة كبيرة في سوريا والعراق المجاور، الحرائق التي تأكل من قوت المزارعين والفلاحين في مناطق سيطرة “سوريا الديمقراطية” ومناطق أخرى عراقية عبر وسائل إعلامية موالية له.

في ما لم يُعرف إلى الآن منْ يقف وراء حرق المحاصيل في بقية المناطق السورية.
وطالب مسؤولون أكراد من “الإدارة الذاتية” لشمال سوريا وشرقها، الثلاثاء، التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، مساعدتهم في إخماد النيران التي باتت تشكل خطراً على المنشآت النفطية في المناطق ذاتها بعد اندلاع حرائق كبيرة يوم أمس.

متهمون موقوفون
وتعليقاً على تلك الحرائق، قال سلمان بارودو، الرئيس المشترك لهيئة الاقتصاد والزراعة في “الإدارة الذاتية” إن “سوريا في تاريخها لم تشهد حرائق بهذا الشكل”، مضيفاً أن “الخسائر كبيرة”.

وأشار بارودو في مكالمة هاتفية مع “العربية.نت” إلى أن “هذه الحرائق هي محل شكٍ وشُبهات”، مؤكداً أن “هناك معتقلين مُتهمين لدى قوات الآسايش (الأمن العام في مناطق الإدارة الذاتية) ومن الأساس هناك جهات إرهابية هددت بحرق كلّ شيء”.

وكشف المسؤول الكردي أن “بعض هذه الجهات أعلنت ذلك بشكلٍ رسمي مسؤوليتها، ومنها تنظيم (داعش)، بالإضافة لجهات أخرى مثل “المقاومة الشعبية” (المقربة من نظام الأسد)، التي هددت بالحرائق عبر بعض وسائل الإعلام وفيسبوك”.

نيران تلتهم حقول القمح والشعير شمال شرق سوريا
إلى ذلك، رأى أن تلك الحرائق المفتعلة “رسالة للناس ومناطقنا. بعض هذه المناطق كانت تخضع لسيطرة داعش ولم يكن بإمكان السكان الزراعة والوقوف على أعمالهم، لكن بعد تحريرها عادوا إلى أعمالهم وزراعتهم، وهذا ما لا يرغب متطرفو التنظيم بحصوله إلى جانب عودة الاستقرار إلى هذه المناطق”.

كما شدد على أن “الرسالة من هذه الحرائق مفادها أن مناطقنا غير آمنة، وأن الإدارة الذاتية (إدارة كردية) لا يمكنها توفير الأمان”، مشيراً إلى أنه “في الوقت عينه ليست كل الحرائق مُدبرة. هناك حرائق تحصل بفعل الآليات والسجائر وتوتر الكهرباء والبرق والرعد”.

وأوضح بارودو قائلاً “نحاول تقديم كل شيء للناس حسب قدراتنا من طوارئ وخدمات وآليات ومياه”.

خزان موارد طبيعية
واستهدفت الحرائق في أيامها الأولى أراضي أصحابها من المكون العربي في مناطق “الإدارة الذاتية”. ووجهت بعض وسائل الإعلام أصابع الاتهام إلى قوات “سوريا الديمقراطية”، لكن سرعان ما انتقلت الحرائق بشكلٍ كبير لمحاصيل يملكها أكراد في وقتٍ تبنى فيه تنظيم “داعش” الأمر.

في حين تتهم “الإدارة الذاتية” تركيا بالوقوف وراء مثل هذه الحرائق.

وتشكل المناطق الخاضعة لسيطرة قوات “سوريا الديمقراطية” والتي تقدّر بنحو ثلث مساحة الأراضي السورية، خزان الموارد الطبيعية في البلاد كالزراعة والنفط والغاز.

ويتسابق النظام و”الإدارة الذاتية” معاً على شراء المحاصيل الزراعية من أصحابها والتي تشكل المصدر الأساس لمواردهم المالية.

ووصف مسؤولون أكراد فارق السعر على الكيلو الواحد من القمح بين أسعارها وأسعار النظام بـ”مخطط يهدف لإشعال الفتنة بينها وبين السكان”.

وقال الباحث الاقتصادي خورشيد عليكا وعضو “جمعية الاقتصاديين الكرد ـ سوريا” إن “حاجة سوريا من القمح سنوياً تتراوح بين 2.7 و3 ملايين طن”، مضيفاً أن “إنتاج القمح ليس ثابتاً في البلاد، حيث وصل في العام 2001 إلى 4.5 مليون طن، لكنه تراجع منذ سنوات نتيجة الحرب، ووصل في العام 2018 إلى 1.2 مليون طن، في حين كان من المتوقع أن يصل إلى نحو مليوني طن هذا العام”.

سلة النظام الغذائية
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن محافظة الحسكة وحدها الخاضعة بشكلٍ شبه كلي لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية،” يتراوح إنتاجها من القمح من 40 إلى 45% من إجمالي إنتاج القمح الإجمالي في سوريا.

وأضاف في هذا الصدد “إذا أضيف إنتاج شرق الفرات من القمح إلى إنتاج منطقة الجزيرة السورية، تكون قوات سوريا الديمقراطية تسيطر على نحو 55% من إنتاج سوريا من القمح”.

وأكد في تصريح لـ”العربية.نت”: “في حال قيام منطقة آمنة في مناطق سيطرة سوريا الديمقراطية برعاية دولية، سيفقد النظام السوري سلته الغذائية المتمثلة بمناطق الجزيرة السورية، وبالتالي سيخسر النفط والغاز والزراعة التي تشكل معاً ما يُقدر بأكثر من 50% من الإنتاج المحلي الإجمالي لسوريا، وهكذا ستخسر دمشق أغلبية مواردها الاقتصادية من دون الجزيرة السورية”.

وتابع قائلاً إن “النظام لا يملك الآن العملة الصعبة لشراء القمح من السوق العالمية بعد قيام “داعش” بحرق المحاصيل، لذلك يسعى للحصول على قمح شرق الفرات بأسعارٍ معقولة بدلاً من شرائه بالدولار الأميركي”

 

المصدر: العربية.نت ـ جوان سوز