الجمعة 10 شوال 1445 ﻫ - 19 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

قصة الأكراد في سوريا.. تهميش وانتفاضة وإدارة ذاتية

لم تتوقف سوريا عن توجيه تهمة “الانفصال”، للأكراد وأحزابهم، بالرغم من أن الأحزاب الكردية، لم تكن تطالب بنشوء كيان مستقل، بل كانت بمعظمها تطالب بالاعتراف الدستوري بالوجود الكردي، كثاني أكبر قومية في البلاد وضمان حقوقهم الثقافية والسياسية، منذ تشكيل أول حزب كردي في سوريا عام 1957.

وسعت الأحزاب الكردية عبر برامجها إلى إزالة المشاريع “العنصرية” بحق المناطق الكردية في سوريا، ومنها “الحزام العربي”، وهو مشروع أقرته الحكومة السورية في العام 1962، بهدف تفريغ المنطقة الشمالية الشرقية في سوريا من الأكراد وتوطين أسر عربية بدلاً منها. وهو ما جرى بالفعل، لفصل الرابط الجغرافي بين المناطق الكردية السورية.

اللغة الكردية.. سليمان آدي والنوروز
وطالبت الأحزاب الكردية بالسماح بتداول اللغة الكردية وممارستها عوضاً عن حظرها، بالإضافة لمطالبتها بإعادة الجنسية لمئات الآلاف من الأكراد السوريين المجردين منها وفق مشروع “الحزام العربي”. لكن لم يلبّ نظام الأسدين الأب والابن أياً من هذه المطالب، بل زج بالآلاف من الأكراد بالسجون واتهمهم بـ”الانفصال واقتطاع جزء من الأراضي السورية وضمها لدولة أجنبية” نتيجة مطالباتهم هذه.

ولم تكن سوريا تسمح للأكراد، بالاحتفال بعيدهم القومي الذي يطلقون عليه “النوروز”، والمصادف لـ 21 آذار/مارس من كل عام. لكن الأسد الأب، أصدر المرسوم رقم 104 لعام 1988، والذي يقضي باعتبار هذا اليوم من كل عام عيداً رسمياً للأم في البلاد، تعطل فيه الدوائر الحكومية، نتيجة غياب الأكراد عن دوائر الدولة والجامعات والمدارس، وذلك بعد عامين من أول نوروز علني في العاصمة دمشق، منعته الحكومة ونجم عنه العديد من القتلى والجرحى.

ومنذ ذلك الحين، يستذكر الأكراد “سليمان آدي” وهو شاب كُردي قتل في تلك الاحتفالات.

الانتفاضة الكردية
ولم يختلف الكثير في عهد الأسد الابن، حيث قتل العشرات من الأكراد في غضون “الانتفاضة الكردية” عام 2004، وزج المئات منهم في السجون، وبقي بعضهم فيها لسنوات طويلة، بالإضافة لطرد بعض الطلبة الأكراد من الجامعات السورية.

كما ظل الرصاص الحي يهطل عليهم في كل “نوروز”، حيث قتل ثلاثة شبان في نوروز 2008 بالقامشلي، والأمر ذاته في نوروز 2009 بالرقة، إذ قتل العشرات من الأكراد بعدما أطلق الأمن السوري الرصاص الحي على المحتفلين. وقضى أيضاً العشرات تحت التعذيب. وفي نوروز 2010 بحلب، اعتقل آلاف الأكراد بعد شجار بينهم وبين رجال الأمن.

مع انطلاق الثورة السورية
ومع انطلاق الاحتجاجات الشعبية في البلاد منتصف آذار/مارس 2011، برز نفوذ الأكراد، بعد الانسحاب التدريجي للنظام من مناطقهم، لكن تهمة “الانفصال”، بقيت تلاحقهم، بالرغم من عدم مطالبة أي حزب كردي في سوريا بالانفصال عن البلاد بشكل مباشر.

ووافق النظام على منح الجنسية لبعض الأكراد المجردين منها، لكن غالبيتهم رفضوا هذا الأمر.

كما أن رؤساء أحزاب كردية سورية رفضوا طلب بشار الأسد بمقابلتهم.

وبعد ذلك، باتت معظم تشكيلات المعارضة السورية توجه التهمة ذاتها للأكراد، سيما من منشقين بارزين عن نظام الأسد، في وقت تشدد فيه “الإدارة الذاتية”، التي يقودها الأكراد مع حلفائهم المحليين شمال شرقي سوريا، على أن “مشروع الإدارة الذاتية هو للمحافظة على وحدة الأراضي السورية ومنع تقسيم البلاد”.

وأجرت هذه الإدارة، أكثر من مرة مفاوضات مع النظام، للوصول معه إلى “حل شامل” في عموم البلاد.

واللافت في الأمر، أن جهات سورية معارضة تطلق تهمة “الانفصال” على الأكراد أيضاً، دون وجود دليل فعلي.

وبعد انتصار الأكراد وحلفائهم على تنظيم “داعش” في آخر معاقله على الحدود مع العراق، ها هم يطالبون مجدداً النظام بـ”الاعتراف” بإدارتهم الذاتية، ضمن وحدة سوريا، مؤكدين أن “مشروعهم لا يهدف لتقسيم البلاد”.

 

المصدر: العربية.نت – جوان سوز