الجمعة 10 شوال 1445 ﻫ - 19 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

كدسوا ثروات طائلة.. أغنياء الصفقات المشبوهة في سوريا

كما في العديد من البلدان التي عاشت حروباً طاحنة، تفرز تلك المآسي “حيتان مال”، وجوه تغذت من بؤس الصغار، كدست أموالها على ظهر الضعفاء المقهورين.

 

على هذا المبدأ، صنعت الحرب الطاحنة التي تشهدها سوريا منذ سنوات، رجال أعمالٍ بارزين جمعوا ثرواتٍ طائلة مستغلين موقفهم الداعم لرئيس النظام السوري بشار الأسد من الاحتجاجات الشعبية، التي اندلعت في البلاد منتصف آذار/مارس من العام 2011، في حين تشهد العملة السورية تدهوراً كبيراً في سعر صرفها أمام العملات الأجنبية.

وبينما كان يتصدر اسم رامي مخلوف، ابن خال الأسد ورجال الأعمال المعروف والمعاقب أوروبياً وأميركياً، المشهد الاقتصادي في البلاد لسنوات، ظهرت أسماء أخرى لم يكن يعرفها أحد قبل الحرب الحالية ومنهم سامر فوز ومحمد حمشّو وحسام قاطرجي مع أخوته وآخرين.

ويقول خبراء اقتصاديون إن “رجال الأعمال الجدد في سوريا جمعوا ثرواتهم بعدما لعبوا دور الوسيط بين حكومة الأسد ومختلف الجماعات العسكرية التي فرضت سيطرتها على عدّة مدنٍ في البلاد”.

طبقة الأغنياء الجدد
وبحسب الخبراء، فإن العقوبات الأوروبية والأميركية على رجال أعمالٍ مقرّبين من الأسد مثل مخلوف، ساهمت في منح رجال الأعمال الجدد فرصة أكبر لجمع ثرواتهم، فقد لعبوا أيضاً دور الوسيط بين رجال أعمال الأسد المعاقبين وبنوكٍ وشركاتٍ كبرى خارج سوريا.

وحصلت “العربية.نت” على معلوماتٍ تفيد بأن “رجل الأعمال السوري الّذي صعد نجمه خلال سنوات الحرب، حسام قاطرجي، ما هو إلا غطاء لشقيقه الأكبر محمد براء، لعدم حصول الأخير على مستوى تعليمي جيد”.

قمح ونفط.. وداعش
ووفق المعلومات، فإن تضخّم رأس مال شركة الأخوين حسام ومحمد براء والمعروفة باسم العائلة (قاطرجي) يعود لتمكنهما من شراء القمح من مختلف الجماعات العسكرية الّتي سيطرت على الرقة ودير الزور وبعض أرياف الحسكة.

ولم يقتصر التعامل التجاري بين شركة “قاطرجي” وجماعات المعارضة السورية المسلّحة، بل تعاملت كذلك مع تنظيم “داعش” وتمكنت من توريد القمح من مناطقه إلى مناطق سيطرة قوات النظام السوري في العام 2014، بالإضافة إلى النفط رغم أن الأخيرة نفت في وقتٍ سابق حصول ذلك.

كما تعاملت الشركة في الوقت ذاته مع قوات “سوريا الديمقراطية”، وفق ما تفيد تقارير إعلاميّة تشير إلى أن “شركة قاطرجي التي يشرف عليها الأخوين محمد براء وحسام، يشاركهم فيها شقيقهم الثالث والأصغر محمد آغا”.
وإلى جانب قاطرجي، توارد كثيراً اسم سامر فوز، رجل الأعمال المعروف بدعمه للأسد، فهو يدير مجموعة شركاتٍ وفنادقٍ في أوروبا وتركيا، تعود ملكيتها له. كما أنه يملك منشآت صناعية وسياحية في سوريا وإفريقيا.

 

وبرز فوز كرجل أعمالٍ صاعد في البلاد بعد العقوبات الأوروبية والأميركية على مخلوف، فساعد الأخير في معظم استثماراته، لكن العقوبات طالته هو أيضاً منتصف العام الماضي.

حصانة الأسد
ورغم أن رجال أعمال كثيرين عاقبهم النظام واتهمهم بـ “الفساد والتهرّب الضريبي”، ولم يستثنِ منهم ابن خاله، رامي مخلوف إلى جانب حمشّو وصهر عائلته أيمن جابر وعشرات رجال الأعمال الآخرين، إلا أن قاطرجي وفوز لا يزالان يتمتعان بـ “حصانة” منه.

إلى ذلك، كشفت مصادر مطلعة لـ “العربية.نت” أن “قاطرجي دائم اللقاء بالأسد ويدعم جنوده بالمال، الأمر الّذي يمنحه تأميناً إضافياً على أعماله التجارية المشبّوهة في سوريا”. كما أنه أسس ميليشيا مسلحة تتبع له في وقتٍ سابق ويقاتل عناصرها إلى جانب قوات الأسد.

يشار إلى أنه طيلة السنوات الماضية، تعمّد الأسد سحب أموالٍ من رجالِ أعمالٍ كانوا من الدائرة المقرّبة منه، لكن رغم ذلك يشكك خبراء اقتصاديون بصحة العقوبات المفروضة عليهم من قبل النظام.

العجز المالي لحكومة الأسد
وتعليقاً على هذه المسألة، قال الأكاديمي والخبير الاقتصادي السوري، خورشيد عليكا، لـ “العربية.نت” إن “حكومة النظام السوري زجت باسم مخلوف وعم زوجته ضمن بعض قرارات الحجز الاحتياطي نهاية العام الماضي، كي لا يحصل تذمّر من قبل بقية التجار والمسؤولين، خاصة أن وزارة المالية تسعى لجمع أموال من أكثر من 500 رجل أعمالٍ ومستثمرٍ في البلاد”.

وأشار الأكاديمي والخبير الاقتصادي السوري إلى أن “السبب الحقيقي وراء الحجز الاحتياطي على أموال رجال الأعمال المقرّبين من الأسد، هو العجز المالي، فالحكومة بحاجة لمصدرٍ جديد للأموال بعد أن تجاوز سعر صرف الدولار الأميركي الواحد أكثر من ألف ومئة ليرة سورية”.

تسويّة مع 30 من كبار رجال الأعمال
وفي الربع الأخير من العام الماضي، أجرت حكومة النظام السوري تسويّة مع 30 من كبار رجال الأعمال في سوريا بعد اتهامهم بـ “الفساد والكسب غير المشروع والاستفادة من ظروف الحرب”.

ووصف الخبير الاقتصادي هذه التسويّة مع قرارات الحجز الاحتياطي بالـ “إجراء الشكلي”، الذي يهدف لإقناع السوريين بـ “محاربة الفساد لدى كلّ رجال الأعمال”، على حدّ قوله.