تجمع مئات المتظاهرين أمام “ثكنة الحلو” في بيروت في 15 يناير/كانون الثاني للمطالبة بالإفراج عن 57 متظاهرا اعتقلوا خلال الاحتجاجات في الليلة السابقة، ألقى بعضهم زجاجات المياه والمفرقعات النارية على عناصر الشرطة. حوالي الساعة 9:15 مساء، انقضّت شرطة مكافحة الشغب التابعة لـ “قوى الأمن الداخلي” على الحشود، مطلقةً كميات كبيرة من الغاز المسيل للدموع ضدهم، وضربت بعضهم بشدة واعتقلت بعنف 55 شخصا على الأقل. ضربت أيضا حوالي ثمانية إعلاميين كانوا يغطون الاحتجاجات واحتجزت ثلاثة منهم لفترة وجيزة.
قال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “مستوى العنف غير المقبول ضد المتظاهرين السلميين في 15 يناير/كانون الثاني يتطلب تحقيقا سريعا، وشفافا، ومستقلا. يشكل هجوم شرطة مكافحة الشغب الوحشي على الصحفيين الذين يؤدون عملهم انتهاكا فظيعا لالتزامات قوات الأمن بالمعايير الحقوقية”.
قابلت هيومن رايتس ووتش ستة متظاهرين وثلاثة صحفيين شهدوا أعمال العنف، وراجعت لقطات حية لأحداث الليلة. طلب المتظاهرون الستة جميعهم عدم ذكر أسمائهم لحمايتهم. اشتبكت شرطة مكافحة الشغب طوال اليوم مع المتظاهرين أمام ثكنة الحلو. قال ثلاثة متظاهرين كانوا هناك قبل بدء الهجوم إن المتظاهرين كانوا بغالبيتهم الساحقة سلميين، رغم إلقاء بعضهم لزجاجات المياه والمفرقعات النارية على الشرطة. تثبت اللقطات التي راجعتها هيومن رايتس ووتش صحة رواياتهم.
قال مراسل تلفزيون “الجديد” المحلي إن الغاز المسيل للدموع كان “يمطر” على المتظاهرين في كورنيش المزرعة. قال ثلاثة متظاهرين إن بعض عناصر مكافحة الشغب أطلقوا قنابل الغاز المسيل للدموع مباشرة على المتظاهرين وليس في الهواء. قال أحد المتظاهرين: “كان أخطر ما في الأمر إطلاقهم الغاز المسيل للدموع في منطقة سكنية. رأيت الغاز يملأ بعض السيارات، ويقع على شرفات المنازل”. قالت متظاهرة أخرى إن منزل صديقتها كان ممتلئا بالغاز المسيل للدموع.
قالت إحدى المحتجات إنه بمجرد وصولها إلى المكان، ضربها عنصر على رأسها وركلها مرارا، قبل أن يطلب عنصر آخر منه التوقف عندما بدأت تنزف بغزارة. قالت المتظاهرة إن رقبتها أصيبت وإنها احتاجت خمس غرز لجرح في رأسها. قالت متظاهرة أخرى إنها شاهدت عناصر شرطة مكافحة الشغب يضربون متظاهرا كان يعاني من صعوبة في التنفس بسبب الغاز المسيل للدموع. قال متظاهر عمره 38 عاما إنه رأى حوالي خمسة عناصر يضربون متظاهرا على رأسه وفتاة على رقبتها. راجعت هيومن رايتس ووتش لقطات للحادث تُظهر بوضوح إصابات المتظاهرين.
أظهرت اللقطات أيضا شرطة مكافحة الشغب تعتقل المتظاهرين بعنف وتجرهم إلى داخل الثكنة. قال مصدر في “لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين” لـ هيومن رايتس ووتش إن 55 شخصا اعتقلوا ذلك المساء. أُطلق سراح جميع المعتقلين اللبنانيين في اليوم التالي، ونُقل الأجانب إلى “الأمن العام”، الجهاز المُكلف بمراقبة دخول الأجانب وخروجهم.
قال شهود عيان إن شرطة مكافحة الشغب هاجمت طاقمَيْ تلفزيونَيْ “إم تي في” و”الجديد” أثناء تصويرهما ما حدث على الهواء مباشرة. نُقل مصور إم تي في إلى المستشفى. قال مراسل الفيديو الذي يعمل لصالح “رويترز” عصام عبد الله لوسائل الإعلام أن عشرات عناصر مكافحة الشغب ضربوه على رأسه بهراواتهم وركلوه في وجهه، ما تسبب بجرح احتاج إلى ثلاث غرز في رأسه.
قال مراسل الجديد حسان الرفاعي لـ هيومن رايتس ووتش إنه في حوالي الساعة 10 مساء، حاصر أحد عناصر مكافحة الشغب زميله المصوّر سامر العقدي (53 عاما) وضربه على رأسه، رغم صرخاته المتكررة “صحافة، صحافة”. أضاف الرفاعي أنه عندما حاول التدخل، طرحه العنصر أرضا بعنف. قال مصور صحيفة “ديلي ستار” حسن شعبان لـ هيومن رايتس ووتش إن أحد عناصر شرطة مكافحة الشغب صاح قائلا: “إذا ما بتوقف تصوير رح كسرّ الكاميرا عراسك وإدحشلك العصاية بطيزك”.
غرّدت وزيرة الداخلية ريّا الحسن إدانتها للاعتداءات على الصحفيين وقالت إن إجراءات المساءلة جارية بالفعل. قالت إنه لا تبرير للهجمات، لكن كانت شرطة مكافحة الشغب تعاني من تعب بعدما كانت في حالة استنفار مدة ثلاثة أشهر. أصدر مدير عام قوى الأمن الداخلي اعتذارا للصحفيين “لما حدث لهم أثناء تغطيتهم لاحتجاجات يوم الأربعاء”.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات اللبنانية التحقيق بشكل حيادي في استخدام شرطة مكافحة الشغب القوة في الاحتجاجات، ونشر النتائج علنا. ينبغي تأديب عناصر قوى الأمن، بمن فيهم القادة، المسؤولون عن استخدام القوة غير الضرورية أو المفرطة، أو محاكمتهم حسبما يلزم.
ينبغي حصول ضحايا الاستخدام غير المشروع للقوة من قبل قوى الأمن على تعويضات فورية. ينبغي للسلطات الإفراج عن المحتجزين غير المتهمين بجريمة معترف بها.
قال ستورك: “على القوى الأمنية في لبنان احترام قواعد استخدام القوة. على الشرطة الالتزام بالمعايير الدولية للسيطرة على الحشود”.