السبت 11 شوال 1445 ﻫ - 20 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

“شجرة الذاكرة” وسط طريق الشام تشهد على مجاعة 1915

يقال إن اللبنانيين يعانون من فقدان الذاكرة الجماعية وأن بيروت تكافح لتذكر ماضيها الوحشي. يقال أيضا ان أولئك الذين لا يستطيعون تذكر الماضي محكوم عليهم بتكرار اخطائه.

انطلاقا من هذه المقولة، انتصبت “شجرة الذاكرة” وسط طريق الشام المؤدية من المتحف الوطني الى السوديكو. هناك، مقابل عمادة جامعة القديس يوسف وأحرامها الثلاثة الرئيسية، لم ترفع الستارة بعد عن المقبرة الرمزية لضحايا المجاعة الكبرى في لبنان. وقد وقع العمل فنان الغرافيتي الشهير يزن حلواني الذي زين بيروت بجداريات يعرفها اهل المدينة وسياحها.

فبعد صباح وفيروز ومحمود درويش وغيرهم، انتقل حلواني من الجداريات الى “زرع” شجرة فريدة من نوعها في ساحة تكتظ بالطلاب عادة. الشجرة محملة بالرموز والمعاني، هي بمنزلة مقبرة رمزية لضحايا المجاعة الكبرى 1915 التي تسببت في موت وهجرة أكثر من نصف سكان بيروت وجبل لبنان.

كان يظن ان الرقم المتداول حول ضحايا المجاعة وهو 200000 ضحية مبالغ فيه لأهداف تتعلق بالخصومة مع السلطنة العثمانية، الى أن وجدت باحثة في أرشيف إحدى دول المحور وثيقة تتحدث عن أرقام مماثلة.

ويبدو هذا الرقم واقعيا، بحسب المؤرخ د.يوسف معوض الذي قال في إطار طاولة مستديرة عقدت في جامعة القديس يوسف في الذكرى المئوية للمجاعة “اننا حين نجد أن مقبرة جماعية واحدة في زغرتا احتوت على 3800 ضحية من ضحايا المجاعة، لابد من ان يكون الرقم واقعيا”.

كما عدد الأسباب التي أدت الى المجاعة رافضا الحديث عن إبادة لأنه، حتى اللحظة، لم يتم التأكد من وجود نية منهجية ومنظمة ومؤامرة لإبادة سكان جبل لبنان.

وبالعودة الى “شجرة الذاكرة” المكونة من أوراق معدنية ذهبية اللون على شكل حروف عربية، تعود فكرتها الى مؤلف كتاب “الشعب اللبناني ومآسي الحرب العالمية الأولى” د. كريستيان توتل من جامعة القديس يوسف والكاتب رمزي سلامة، بدعم من رئيس الجامعة الاب سليم دكاش ومصرف لبنان ومحافظ بيروت زياد شبيب. وقد اختير حلواني لإتمام المهمة التي تبدو كخطوة في مشوار الألف ميل في الذاكرة الجماعية اللبنانية.

وتحمل الشجرة كتابات العديد من معاصري المجاعة الكبرى مثل جبران خليل جبران وتوفيق يوسف عواد وعنبرة سلام الخالدي وآخرين عايشوا تلك الحقبة وكتبوا عنها.

خلاصة واحدة ينتهي اليها المتأمل بهذه القطعة الفنية: الشعب الذي لا يعرف ماضيه وأصوله يبدو كالشجرة بلا جذور. هذا ما تحاول الشجرة النطق به بصوت عال على امل أن تجد الآذان الصاغية.

 

المصدر الانباء الكويتية

جويل رياشي