إن عملية إيصال المساعدات إلى غزة أصبح أمراً ملحاً بشكل متزايد بعد مرور خمسة أشهر على بدء الهجوم الإسرائيلي الذي أدى لنزوح معظم سكان القطاع الفلسطيني وعددهم 2.3 مليون نسمة، وتسبب في نقص حاد في الغذاء والمياه والأدوية وانهيار النظام الاجتماعي.
وفيما يلي بعض الحقائق المهمة عن الأوضاع في قطاع غزة:
* النزوح
تقدر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” أن نحو 1.7 مليون شخص، أيّ أكثر من 75 بالمئة من السكان، نزحوا داخل غزة، واضطر كثيرون منهم إلى النزوح أكثر من مرة.
وكثفت إسرائيل الشهر الماضي قصفها لمدينة رفح الواقعة جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر حيث يتكدس نحو 1.5 مليون شخص.
ومعظم السكان الذين يعيشون في رفح حاليا نزحوا من منازلهم في شمال القطاع هربا من الحملة العسكرية الإسرائيلية التي بدأت في أعقاب الهجوم الذى شنه مسلحون من حركة المقاومة الإسلامية “حماس” على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول.
*المساعدات الإنسانية والجوع
نقل رئيس منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم جيبريسوس، يوم الرابع من آذار/مارس عن فريق للمنظمة زار مستشفيين في قطاع غزة قوله إن الأطفال يموتون جوعا في شمال غزة.
وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ينس لاركيه: “عندما يبدأ الأطفال في الموت جوعا، ينبغي أن يكون ذلك تحذيرا لا مثيل له”.
وأضاف “إذا لم يكن ذلك الآن، فمتى يحين الوقت المناسب لبذل قصارى جهدنا وإعلان حالة الطوارئ وإغراق غزة بالمساعدات التي تحتاجها؟”.
بينما أوقفت إسرائيل جميع واردات الغذاء والعقاقير والطاقة والوقود إلى غزة مع بداية الحرب. وسمحت لاحقاً بدخول بعض شحنات المساعدات عبر مصر ومن خلال معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي، لكن منظمات الإغاثة تقول إن التفتيش الأمني وصعوبة التحرك عبر منطقة تدور فيها حرب يعرقلان عملياتها بشدة.
وتؤكّد وكالات تابعة للأمم المتحدة بأن معدلات سوء التغذية بين الأطفال في شمال غزة “مرتفعة جداً” وأعلى بنحو ثلاثة أمثال مما عليه الوضع في جنوب القطاع الفلسطيني حيث تتوفر مساعدات أكثر.
وقد أفادت وزارة الصحة التي تديرها “حماس” في غزة في السادس من آذار/مارس بأن “عدد الفلسطينيين الذين توفوا بسبب الجفاف وسوء التغذية بلغ 20 شخصا. ولم تتمكن رويترز من التحقق من الوفيات”.
وواجهت إسرائيل ضغوطاً لبذل جهود أكبر لمعالجة الأزمة الإنسانية بعد مقتل فلسطينيين وهم ينتظرون المساعدات في غزة الشهر الماضي. بينما أشارت السلطات الصحية في غزة إلى أن 118 شخصاً قتلوا بنيران إسرائيلية في الواقعة التي وصفتها بالمذبحة. وتقول إسرائيل إن العديد من هؤلاء الأشخاص تعرضوا للدهس وتعهدت بإجراء تحقيق.
* الصحة والمستشفيات
تشير منظمة الصحة العالمية بأن معظم مستشفيات القطاع البالغ عددها 36 مستشفى توقفت عن العمل. وأضافت أنه “لا يعمل من هذه المستشفيات جزئيا إلا 12 مستشفى فقط، ستة منها في شمال القطاع وستة في الجنوب، بينما يعمل مستشفى الأمل في خان يونس بالحد الأدنى”.
وفي هذا الصدد، قال ممثل منظمة الصحة العالمية في غزة والضفة الغربية ريتشارد بيبركورن، يوم الخامس من آذار/مارس ان “أكثر من ثمانية آلاف شخص بحاجة إلى نقلهم خارج غزة لتلقي العلاج”.
وزار فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها يوم الأحد الماضي مستشفيين هما كمال عدوان والعودة في شمال غزة لتوصيل الإمدادات لأول مرة منذ بدء القتال.
وقال رئيس المكتب الفرعي لمنظمة الصحة العالمية في غزة أحمد ضاهر: “المستشفيان اللذان زرناهما يمثلان النظام الصحي بوجه عام في غزة إذ يكافحان من أجل الاستمرار في العمل بكميات صغيرة من المساعدات مما يجعلهما بالكاد يعملان لخدمة المحتاجين”.
* دور مصر وحماس والحراس
تنقل مصر المساعدات الدولية عبر حدودها مع غزة لكنها لطالما انتقدت إسرائيل لعرقلتها توصيل المساعدات وهو ما تنفيه إسرائيل.
كما تحرص مصر على إدخال المساعدات إلى غزة لأنها تخشى حدوث نزوح جماعي للفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء.
بينما تقول إسرائيل ان حماس تحوّل المساعدات لتستفيد منها، ولكن تنفي حماس ذلك وتقول إنه ليس لها أيّ دور في مهمة توزيع السلع التي تتكفل بها الأمم المتحدة والهلال الأحمر.
وفي هذا السياق، توقفت وزارة الداخلية التي تديرها حماس عن العمل تلقائيا، فقد تعرضت قواتها ومكاتبها ومركباتها للقصف كثيرا، وقُتل كثيرون من القادة البارزين، بما في ذلك أفراد شرطة مكلفون بحماية شاحنات المساعدات التي تمر عبر رفح، فضلا عن رئيس هيئة المعابر والحدود في غزة.
وبدأت جماعة أهلية شكلتها فصائل مسلحة في غزة محاولة لحفظ النظام.
* الإنزال الجوي ومقاولو القطاع الخاص
تقول وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية التي تتولى عمليات نقل مواد الإغاثة، انها تنسق قوافل المساعدات وتيسر الممرات التكتيكية وتنشر ضباطا مع الوحدات الميدانية لضمان المرور.
وفي أواخر شباط/فبراير، بدأت إسرائيل أيضاً العمل مع مقاولين من القطاع الخاص لتوصيل المساعدات إلى أماكن اللجوء في شمال غزة.
لكن المتحدث باسم الوحدة، شمعون فريدمان، قال “إن التوزيع والأمن مسؤولية وكالات الإغاثة والأمم المتحدة في نهاية المطاف”.
وبدأت دول بينها الولايات المتحدة تنفيذ عمليات إنزال جوي للمساعدات وهو ما قال فريدمان إن إسرائيل تدعمه. ونفذ الجيش الأمريكي أول عملية إنزال جوي للمساعدات الغذائية لسكان غزة في الثاني من مارس آذار.
*حالة الرهائن الإسرائيليين
يُعتقد أن 134 رهينة على الأقل ما زالوا محتجزين من بين 253 رهينة اقتادهم مسلحون فلسطينيون إلى غزة في هجوم السابع من تشرين الأول/اكتوبر الذي تمخض أيضاً عن مقتل نحو 1200 شخص، وفقاً للإحصائيات الإسرائيلية، اذ تقول السلطات الإسرائيلية “إن الرهائن محتجزون بمعزل عن العالم الخارجي ولا يستطيع الصليب الأحمر الوصول إليهم”.
وقالت أميت سوسانا التي ظلت في الأسر 55 يوما إنها نُقلت من مكان إلى آخر وكانت دائماً تحت حراسة أفراد من “حماس” مدججين بالسلاح، ولم تحصل إلا على القليل من الطعام وخضعت لرقابة حتى أثناء قضاء الحاجة وتعرضت لعنف جسدي ونفسي.
وكان أحد الأماكن التي احتُجزت فيها نفق مظلم ورطب على عمق 40 مترا تحت الأرض كان من الصعب التنفس فيه. وقالت إن وجودها هناك كان يشبه الدفن حية.
وقد أفاد الجناح المسلح لحركة “حماس”، كتائب عز الدين القسام، في الأول من آذار/مارس بان الهجوم الإسرائيلي أدى إلى مقتل أكثر من 70 رهينة. ورفض مسؤولون إسرائيليون التعليق عموماً على بيانات حماس المتعلقة بالرهائن ووصفوها بأنها حرب نفسية.
وليس من المعروف يقيناً عدد الذين ما زالوا على قيد الحياة من الرهائن.