السبت 19 ذو القعدة 1446 ﻫ - 17 مايو 2025 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

"بأي حال عدت يا عيد".. غزيون يستقبلون أول عيد دون الأحبة

ودع الفلسطينيون في قطاع غزة شهر الصوم، ولسان حالهم يقول “عيد بأي حال عدت يا عيد”، وذلك وسط غياب أجواء البهجة والفرح المعتادة في تلك المناسبة بسبب حرب طال أمدها وأودت بحياة عشرات آلاف المدنيين، وفقا للسلطات الصحية في القطاع.

وحسب شهادات رصدتها صحف ومواقع عالمية، فإن سكان القطاع الصغير الذي لا تتجاوز مساحته 365 كلم ويقطنه أكثر 2.2 مليون نسمة، أصبحت أقصى أمانيهم انتهاء الحرب ومحاولة العودة إلى حياتهم الطبيعية، رغم الخسائر المادية والبشرية الفادحة.

وكانت الحرب قد اندلعت في السابع من أكتوبر الماضي، عندما شنت حركة حماس، المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، هجمات غير مسبوقة على إسرائيل، أدت إلى مقتل نحو 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، حسب أرقام رسمية.

في المقابل، شنت إسرائيل قصفا مكثفا ونفذت عمليات عسكرية برية في القطاع، مما تسبب بمقتل أكثر من 33 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وفقا لوزارة الصحة في غزة.

“أي عيد هذا!”
هكذا قالت أماني أبو عودة لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، خلال حديث معها في الخيمة التي تقطنها مع أطفالها الأربعة في مدينة رفح التي نزحت إليها من جباليا، هربا من القصف والموت، على حد تعبيرها.

وتضيف أبو عودة: “كل ما نتمناه هو أن تتوقف الحرب. لقد فقدنا العديد من الأقارب والأحبة، ورائحة الموت تنبعث من كل مكان.. خسرنا الأمان ودُمرت منازلنا”.

ونوهت إلى أنها لم تستطع شراء ثياب جديدة لأطفالها الأربعة بغية إدخال بعض الفرح إلى قلوبهم الصغيرة، مردفة: “حاولت أن أحصل على بعض الملابس المستعملة، ومع ذلك لم أستطع”.

أما منى دلوب (50 عاما)، فتجلس في خيمتها في رفح، ولا يسعها إلا أن تتذكر الأعياد الماضية، قبل أن تفر عائلتها من منزلها في مدينة غزة.

وأوضحت أنها لم تخبز كعك العيد أو حلوى المعمول أو تعد سمك الفسيخ -وهي طقوس اعتادها الغزيون في العيد- لعدم امتلاكها غاز الطبخ والمكونات الضرورية، بما في ذلك الدقيق والسكر، لأنها “باهظة الثمن أو غير متوفرة”.

وأوضحت دلوب أنها كانت تأمل على الأقل في أن تتمكن من شراء حلوى رخيصة لأحفادها (مصاصات)، بيد أن ضيق الحال منعها من ذلك.

“عطلة من الحرب”
من جانبها، قالت الطفلة جنى سرور، البالغة من العمر 12 عاماً، والتي نزحت أيضا إلى رفح مع أسرتها، لصحيفة “غارديان” البريطانية: “لا نشعر بأجواء العيد، فنحن لم نشتر ملابس جديدة، ولم نجلب حلويات، ولم يجتمع أفراد العائلة كما كنا نفعل سابقا في منزلنا”.

وتابعت: “أتمنى أن تتوقف الحرب وأن أحصل على الملابس والحلوى على غرار الأعياد المنصرمة، والأهم من ذلك أن أعود إلى منزلي”.

وبالنسبة لإسلام وهبة (35 عامًا)، التي فرت إلى رفح بعد تدمير منزلها في مخيم النصيرات، وسط غزة، فقد أعاد العيد لها ذكريات حزينة، باعتباره أول عيد دون زوجها الذي قُتل في غارة جوية مع 6 من أقاربها.

وقالت: “عندما بدأت بأداء صلاة العيد، انهمرت دموعي بغزارة. وعندما استيقظ أطفالي من النوم أخذوا ينظرون إلى صور والدهم ويتمنون له عيدًا سعيدًا”.

وختمت بالقول: “هذا ليس عيداً ولا يمكن أن يكون عيداً”.

من جانبها، وصفت الطفلة أسماء السيد، البالغة من العمر 9 سنوات، أجواء العيد الحالية بأنها “عطلة من الحرب”.

وقالت: “هذا يعني عدم وجود فرحة، ولا أجواء عيد، ولا حلويات، ولا أمان، والأهم من ذلك عدم وجود منزل”.

“آمال بالعودة”
من جانبها، أوضحت شبكة “سي إن إن” الأميركية، أنه “من المستحيل أن تكون هناك أجواء احتفال وبهجة في قطاع جرى تدمير 70 بالمئة من منازله بشكل كلي أو جزئي”، وفقا لتقارير دولية.

وقالت سيدة عرفت عنها نفسها بـ”أم أحمد”، إنها حضرت مع طفلها لزيارة قبر زوجها، حيث يزور المسلمون المقابر بعد صلاة العيد.

وأوضحت أم أحمد بأسى أن ابنها اندفع لعناق شاهدة قبر والده وهو يبكي بألم، قائلا إنه يريد رؤية أبيه مرة أخرى.

أما مصطفى الحلو، الذي نزح من مدينة غزة إلى رفح، فقد أصر مع أشخاص آخرين على الصلاة داخل مسجد الفاروق الذي دمره القصف، “حتى يعرف العالم أننا متمسكون بمساجدنا، وبأرضنا، وببلدنا”.

وأردف الحلو: “إن شاء الله العيد المقبل نكون قد عدنا إلى مدينة غزة، ونصلي داخل المساجد التي اعتدنا أن نصلي فيها”.

وفي جباليا شمالي غزة، حيث أقيمت صلاة العيد في العراء وسط البرد والأمطار، قل رجل لم يكشف عن اسمه: “وجودنا هنا هو رسالة للعدو وللعالم، بأننا سنحتفل بالعيد رغم إراقة الدماء والدمار”، وفق سي إن إن.

وأضافت إحدى النساء: “لقد جئنا إلى هنا لنصلي العيد في الخارج تحت المطر لرفع معنوياتنا”.

بعيدا عن الوطن
وفي حديثه لصحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، أعرب منذر شبلاق، الذي كان مديرا لسلطة المياه في غزة قبل أن يفر إلى مصر هربا من القتال، عن أسفه لأن العيد الذي كان ينبغي أن يكون فرصة لصنع ذكريات جميلة، أصبح تذكيرا مريرًا بكل ما فقده الناس.

وقال: “أنا وزوجتي وأولادي في القاهرة بينما بقية أفراد عائلتنا في غزة.. لقد استيقظنا في صباح العيد، ولم يكن لدينا مكان نذهب إليه ولا أحد لنزوره”.

أما إيمان الفياض، فقد اعتادت أن تحتفل بأول أيام العيد بإقامة وليمة يحضرها أفراد العائلة والأقارب في غزة. لكن في هذا العيد، فإن “الحزن العميق” هيمن عليها، حيث تظل ساهرة فوق رأس والدها الموجود في مستشفى بمدينة العريش المصرية، وهي تدعو بالسلامة والصحة لأحبائها المنتشرين في القطاع الممزق بسبب الحرب.

وقالت الفياض، وهي خبيرة تجميل في الأربعينيات من عمرها، إنها خرجت من القطاع بعد إصابة والدها في غارة جوية إسرائيلية، مردفة: “ليس هناك ما يدعو للاحتفال.. من الصعب أن تشعر بأي شيء سوى الحزن والأسى.”

    المصدر :
  • الحرة