الأثنين 8 جمادى الآخرة 1446 ﻫ - 9 ديسمبر 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

بعد تبادل السجناء.. مساعي قطرية لإنهاء الخلاف النووي بين أمريكا وإيران

تريد قطر الاستفادة من اتفاق تبادل السجناء بين أمريكا وإيران الذي تم بوساطتها، التي استمرت شهورا، لإيجاد أرضية مشتركة تتعلق بقضية أكثر صعوبة بين الخصمين اللدودين وهي الخلاف على البرنامج النووي الإيراني.

وقد تكون حرب روسيا في أوكرانيا على رأس اهتمامات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن طموحات إيران النووية تلقي بظلال على الشرق الأوسط وتثير قلق الغرب. ومع استمرار الخلاف، تُخّصِب طهران باطراد مزيدا من اليورانيوم وتقترب أكثر من روسيا من خلال تزويد جيشها بطائرات مسيرة.

وما زال التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران احتمالا بعيد المنال، بعد خمس سنوات من انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من اتفاق خفف العقوبات المفروضة على طهران مقابل الحد من أنشطتها النووية.

وستزيد الانتخابات الأمريكية عام 2024 من قتامة هذه التوقعات. فالرئيس الأمريكي جو بايدن يواجه بالفعل انتقادات من الجمهوريين بسبب إفراجه عن أصول إيران بقيمة ستة مليارات دولار في اتفاق على تبادل السجناء.

غير أن قطر، تلك الدولة الخليجية الصغيرة والغنية جدا والتي لها طموحات دبلوماسية كبيرة، تضغط على الجانبين للمشاركة في محادثات أخرى والتوصل إلى “تفاهمات”، بحسب ثلاثة مصادر إقليمية مطلعة على المناقشات التي أجرتها الدوحة بشكل منفصل مع الجانبين.

وقالت المصادر الثلاثة إن التفاهمات تهدف إلى إبطاء تخصيب اليورانيوم في طهران مع زيادة المراقبة الدولية والحد من أنشطة الميليشيات الموالية لإيران في المنطقة ووقف تصدير إيران لطائرات مسيرة، كل ذلك مقابل بعض الإعفاءات من العقوبات الأمريكية على صادرات النفط الإيرانية.

وقال مسؤولون في الدوحة إن مسؤولين قطريين سيعقدون اجتماعات منفصلة مع مسؤولين إيرانيين وأمريكيين خلال اجتماعات الأمم المتحدة بنيويورك هذا الأسبوع. وقال مصدر مطلع على المحادثات إن تلك الاجتماعات ستناقش تخصيب اليورانيوم والطائرات المسيرة الإيرانية.

وقال المصدر إن قطر تستهدف استضافة محادثات غير مباشرة بين طهران وواشنطن في حالة حدوث تقدم بعد أن ساعدت الدوحة في صياغة اتفاق تبادل السجناء بدبلوماسية مكوكية بين مفاوضين إيرانيين وأمريكيين كانوا يقيمون في فندقين منفصلين بالدوحة.

منع التصعيد

قال مسؤولون غربيون وإيرانيون إن فكرة التفاهمات لمنع التصعيد بدلا من الاتفاق النووي الذي يتطلب مراجعة الكونجرس الأمريكي طُرحت في السابق. ولم يعترف المسؤولون الأمريكيون قط باتباع مثل هذا النهج.

وتشتبه واشنطن في أن طهران تريد التكنولوجيا اللازمة لصنع سلاح نووي. وتصر إيران على أن هذا ليس هدفها على الإطلاق.

وعندما جرت عملية تبادل السجناء بين الولايات المتحدة وإيران يوم الاثنين، ترك وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الباب مفتوحا أمام الدبلوماسية لتناول الملف النووي، الذي وصفه بأنه “ربما يكون القضية الأولى المثيرة للقلق”، لكنه قال إنه لا يوجد شيء وشيك.

من صفقة تبادل السجناء بين أمريكا وإيران

وردا على سؤال عما إذا كان من الممكن إجراء مزيد من المحادثات غير المباشرة مع إيران قريبا، قال في نيويورك “لم نتناول ذلك في الوقت الراهن، لكننا سنرى في المستقبل ما إذا كانت هناك فرص”.

وقال مصدران إيرانيان مطلعان إن اجتماعات غير مباشرة ستعقد بين مسؤولين أمريكيين وإيرانيين في نيويورك قد تمهد الطريق لإجراء محادثات بشأن “تفاهم” نووي. وأضافا أن إيران لم تغلق الباب أبدا أمام الدبلوماسية النووية.

وقال مصدر إيراني آخر مطلع على المناقشات التي جرت حتى الآن مع قطر “مع أخذ الانتخابات الأمريكية المقبلة في الحسبان، من الممكن التوصل إلى تفاهم يتضمن إصدار إعفاءات بقطاعي البنوك والنفط تسمح لإيران بتصدير نفطها بحرية واستعادة أموالها عبر النظام المصرفي”، وهذا أمر محظور حاليا بموجب العقوبات الأمريكية.

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية يوم الأحد ردا على سؤال عما إذا كانت ستُجري أي محادثات غير مباشرة مع الإيرانيين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك “تسألون عما إذا كانت هناك أي محادثات مزمعة هذا الأسبوع، بالتأكيد لا”.

ولم يتضح ما إذا كان المسؤول يقصد نفي إجراء أي محادثات غير مباشرة، أم أنه يتعمد ترك الباب مفتوحا أمامها.

ولم ترد وزارة الخارجية الأمريكية على أسئلة تفصيلية بهذا الخصوص.

تعامل

تعد مناقشة أي تعامل مع إيران أمرا حساسا في الولايات المتحدة، إذ ما زال اقتحام السفارة الأمريكية في طهران عام 1979، عندما احتُجز 52 أمريكيا رهائن لمدة 444 يوما، يلقي بظلال على علاقات واشنطن مع الجمهورية الإسلامية.

وتكتم المسؤولون الأمريكيون على تفاصيل اتفاق تبادل السجناء يوم الاثنين حتى أقلعت طائرة الأمريكيين الخمسة المفرج عنهم من مطار طهران.

وكانت مصادر أبلغت رويترز في وقت سابق أن محادثات غير مباشرة في قطر، أدت إلى تبادل السجناء، عقدت بعد تعثر المحادثات الأوسع نطاقا بشأن البرنامج النووي الإيراني. وحينها طالبت طهران بضمانات بعدم إنهاء الاتفاق الجديد مرة أخرى، وهو الطلب الذي قال مصدر إيراني إنه تم التخلي عنه الآن.

تعثر مفاوضات برنامج إيران النووي

وقالت المصادر الثلاثة بالمنطقة إن المسؤولين الإيرانيين أظهروا خلال المحادثات علامات على استعدادهم لتقديم تنازلات في حالة تخفيف العقوبات الأمريكية التي أصابت اقتصاد بلدهم بالشلل.

وأضافت المصادر الثلاثة أن طهران التزمت بالفعل بخفض تخصيب اليورانيوم إلى 60 بالمئة، أي أقل من النسبة اللازمة لصنع سلاح نووي وهي 90 بالمئة تقريبا، وأبدت استعدادها لاستئناف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة والتي تراقب أنشطتها النووية.

وأفادت تقارير للوكالة اطّلعت عليها رويترز هذا الشهر أن إيران خفّضت بالفعل معدل تخصيب اليورانيوم إلى 60 بالمئة، لكن مخزونها واصل النمو.

وقال دبلوماسيون في المنطقة إن هناك مؤشرا إيجابيا آخر هو عدم شن وكلاء إيران هجمات كبيرة على مصالح الولايات المتحدة أو مصالح حلفائها في المنطقة في الأشهر القليلة الماضية. ووقع آخر حادث كبير في سوريا في مارس آذار، عندما حمّلت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) مسلحين مدعومين من طهران مسؤولية هجوم على القوات الأمريكية هناك.

ولكن، قد يتوقف الكثير على الانتخابات الأمريكية التي تجرى في العام المقبل عندما يتنافس الرئيس الديمقراطي بايدن مجددا مع ترامب، الذي يتصدر حاليا السباق لنيل ترشيح الحزب الجمهوري.

وقال أحد الدبلوماسيين “ما الفائدة من جعل واشنطن الأمر أكثر إغراء لطهران قبل الانتخابات، خاصة في سباق شرس حيث سينقض المنافسون الجمهوريون على أي اتفاق يبدو أنه يضر بالمصالح الأمريكية”.

ومع ذلك لا يزال الغرب قلقا حيال أنشطة طهران النووية. وقال خبراء إن اتفاق عام 2015، الذي وصفه ترامب بأنه “أسوأ اتفاق على الإطلاق”، أوقف برنامج إيران النووي ما يكفي لإبعادها عاما أو نحو ذلك عن التكنولوجيا اللازمة لصنع قنبلة نووية.