ألقت المواجهة بشأن السيطرة على مصرف ليبيا المركزي بظلالها على صادرات البلاد من النفط كما تهدد بانقسام داخلي جديد.
وفيما يلي مؤسسات الدولة التي أدى الخلاف حول شرعيتها إلى تفاقم أزمة قائمة منذ سنوات.
* مجلس النواب
انتُخب مجلس النواب الليبي في 2014 لولاية مدتها أربع سنوات بهدف الإشراف على عملية الانتقال السياسي.
وكانت شرعية الانتخابات محل نزاع ورفض المجلس التشريعي السابق تسليم السلطة مما أدى إلى تسريع الانقسام بين الفصائل المتحاربة في شرق ليبيا وغربها.
وأفضى “الاتفاق السياسي الليبي” في عام 2015 إلى الاعتراف الدولي بمجلس النواب باعتباره البرلمان الشرعي وتأسيس المجلس الأعلى للدولة كهيئة استشارية وتشكيل حكومة مؤقتة جديدة.
لم يسفر الاتفاق آنذاك عن توقف القتال وظل مجلس النواب في مدينة طبرق بشرق البلاد حيث دعم رئيسه عقيلة صالح ومعظم أعضائه حكومة موازية في الشرق.
ويقول منتقدو مجلس النواب إن صلاحياته وشرعيته انتهت ويتهمون صالح بإساءة استخدام القواعد البرلمانية لتحقيق أهداف شخصية، وهو ما ينفيه صالح.
* المجلس الأعلى للدولة
يتألف المجلس الأعلى للدولة من أعضاء أول برلمان انتقالي ليبي والذي انتُخب في 2012 وشكك قادته في شرعية انتخابات برلمان 2014.
وبموجب الاتفاق السياسي في 2015، تشكل المجلس الأعلى للدولة واعتُبر مجلسا آخر بدور استشاري.
وكان من المتوقع أن تحصل أي تعديلات دستورية كبيرة أو حكومة جديدة أو تعيينات لرؤساء مؤسسات سيادية على موافقة المجلسين لنيل الاعتراف الدولي.
ويقول منتقدون إن المجلس الأعلى للدولة يفتقر إلى الشرعية الشعبية ويتصرف نيابة عن جماعات إسلامية انزعجت لخسارتها انتخابات 2014 وسعت إلى التمسك بالسلطة.
ونشب نزاع على قيادة المجلس الأعلى للدولة منذ السادس من أغسطس/ آب عندما حُسم التصويت على رئاسته لصالح رئيسه السابق خالد المشري بعد فوزه بفارق صوت واحد على محمد تكالة، الذي تولى المنصب قبل عام.
* حكومة الوحدة الوطنية
وافق مؤتمر عُقد خلال فترة توقف للقتال في 2020 -وجمع شخصيات متنوعة على امتداد الطيف السياسي ودعمته الأمم المتحدة- على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في 24 ديسمبر/ كانون الأول 2021.
واتفق المشاركون في المؤتمر على تشكيل مجلس رئاسي جديد وحكومة وحدة وطنية لتحل محل الحكومتين المتنازعتين في الشرق والغرب وتشرف على الفترة التي تسبق الانتخابات.
وصوت المؤتمر المدعوم من الأمم المتحدة على اختيار عبد الحميد الدبيبة رئيسا لحكومة الوحدة الوطنية التي حصلت على موافقة مجلس النواب في مارس/ آذار 2021.
ولم يكتمل الاتفاق بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حتى الآن بسبب الخلاف حول قواعد الانتخابات.
وعين مجلس النواب حكومة موازية في وقت لاحق وقال إن ولاية الدبيبة انتهت. ولم تتمتع الحكومة المعينة في الشرق بنفوذ كبير، لكن تعيينها أعاد الانقسام بين شرق وغرب ليبيا.
* المجلس الرئاسي الليبي
اختار المؤتمر، الذي عقد بدعم من الأمم المتحدة وعين حكومة الوحدة الوطنية في عام 2020، مجلسا رئاسيا أيضا يضم ثلاثة أعضاء برئاسة محمد المنفي ليعمل رئيسا للدولة.
ولم يتدخل المجلس الرئاسي بشكل مباشر في السياسة الليبية إلا نادرا قبل الأزمة التي تفجرت بسبب تحرك المنفي في أغسطس/ آب 2024 لإقالة محافظ البنك المركزي الليبي.
* البنك المركزي الليبي والمؤسسة الوطنية للنفط
المؤسسة الوطنية للنفط هي الجهة الوحيدة المخولة بموجب الاتفاقيات الدولية والمحلية ببيع النفط الليبي الذي يجب أن تتدفق كافة إيراداته على البنك المركزي الليبي.
وبعدما حدثت الانقسامات بين الشرق والغرب في عام 2014، عينت السلطات في الشرق رئيسين جديدين لكل من المؤسسة الوطنية للنفط والبنك المركزي الليبي مما أدى فعليا إلى تأسيس كيانين موازيين للمؤسستين العاملتين في طرابلس.
ورغم أن المؤسسة الوطنية للنفط في الشرق لا تملك على ما يبدو سيطرة تذكر على عمليات النفط، يعمل مصرف ليبيا المركزي في الشرق بشكل مستقل ويصدر أوراقا نقدية مطبوعة في روسيا لكنه لا يتلقى عائدات النفط الحكومية.
وتمكنت المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس من تصدير النفط حتى خلال معظم أسوأ فترات الصراع منذ عام 2011، ودفع البنك المركزي في طرابلس رواتب الموظفين العموميين، ومن بينها رواتب العديد من المقاتلين على خطوط المواجهة.
وانصب تركيز الجهود الدبلوماسية الدولية على الحفاظ على استقلال هاتين المؤسستين وسلامتهما وإعادة توحيد البنك المركزي المنقسم.
وأصبحت استمرارية استقلال كل من المؤسستين محل تساؤل متزايد بعد إقالة رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في عام 2022 ومع الأزمة المتعلقة بالسيطرة على البنك المركزي الليبي.
* القوات المسلحة
انقسمت القوات المسلحة الليبية في عام 2011 إلى عدد لا يحصى من الفصائل المتحاربة بعد الإطاحة بمعمر القذافي.
وجمع القائد العسكري السابق خليفة حفتر بعضا من هذه الفصائل تحت مظلة قوة مشتركة لمحاربة المتشددين في الشرق وأطلق عليها اسم الجيش الوطني الليبي (قوات شرق ليبيا).
وعين مجلس النواب حفتر قائدا للجيش الليبي في عام 2015، لكن الحكومات المعترف بها دوليا في طرابلس لم تقبل هذا قط، وشن حفتر هجوما على العاصمة في 2019 و2020 ولا يزال يسيطر على معظم شرق البلاد وجنوبها.
وفي طرابلس وشمال غرب ليبيا، تتنافس الفصائل المسلحة على السلطة وتشتبك من حين لآخر للسيطرة على الأرض أو الموارد. وتتمتع بعض الفصائل بوضع رسمي في مؤسسات الدولة المختلفة وتعتمد على الأموال الحكومية.