أفادت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، في بيان لها، اليوم الثلاثاء 30 يناير/كانون الثاني، أنها ستدرس اقتراحا جديدا لوقف إطلاق النار في الحرب مع إسرائيل في قطاع غزة بعد ساعات من قتل قوات خاصة إسرائيلية لثلاثة مسلحين فلسطينيين في هجوم على مستشفى بالضفة الغربية المحتلة.
وسلط الهجوم الضوء على خطر امتداد الحرب في غزة إلى جبهات أخرى في حين خاضت القوات الإسرائيلية معارك جديدة مع مقاتلي حماس في القطاع الفلسطيني.
وأجبرت الاشتباكات في شمال غزة مزيدا من السكان على النزوح إلى مناطق أكثر أمانا، كما تعرضت المناطق الجنوبية من القطاع الساحلي لضربات جوية إسرائيلية.
وقال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، اليوم الثلاثاء إن الحركة تلقت اقتراحا لوقف إطلاق النار بعد محادثات في باريس وإنها ستدرسه، مضيفا أنه سيزور القاهرة لبحث الخطة.
وأوضح أن أولوية حماس هي إنهاء الهجوم العسكري الإسرائيلي وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل من غزة.
ولم يخض هنية في تفاصيل بشأن اقتراح وقف إطلاق النار الذي جاء بعد محادثات في باريس شارك فيها مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز ورئيس الوزراء القطري ورئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) ورئيس المخابرات المصرية.
وبينما تشهد الضفة الغربية عنفا متزايدا حتى قبل اندلاع الحرب في غزة في السابع من أكتوبر تشرين الأول، فإن الهجوم الإسرائيلي على المستشفى اليوم يمكن أن يغذي مزيدا من التوتر.
وأظهرت مقاطع التقطتها كاميرات المراقبة نحو عشرة جنود متخفيين، بينهم ثلاثة يرتدون أزياء نسائية واثنان يرتديان زي طاقم طبي، وهم يسيرون في ممر بمستشفى ابن سينا في مدينة جنين.
وأعلنت حماس أن أحد القتلى كان عضوا فيها. كما أعلنت حركة الجهاد الإسلامي المتحالفة معها أن الاثنين الآخرين عضوان بها وأنهما شقيقان. بينما قال مستشفى ابن سينا إن أحد الأخوين كان يتلقى العلاج من إصابة سببت له الشلل.
وقال الجيش الإسرائيلي إن أحد القتلى كان بحوزته مسدس وإن الواقعة تظهر أن المسلحين يستخدمون المناطق المدنية والمستشفيات كملاجئ للاختباء فيها ويستخدمون المدنيين “كدروع بشرية”. وسبق لحماس أن نفت هذه الاتهامات.
وأفادت مصادر فلسطينية أن الثلاثة لم يتورطوا في أي أعمال قتالية. وقالوا إن أحدهم، يدعى باسل الغزاوي، كان مُقعدا على كرسي متحرك بعد إصابته في ظهره هذا الشهر وكان يقبع في المستشفى لتلقي العلاج. وأضافت المصادر أن شقيقه محمد كان يقيم معه لرعايته، أما الرجل الثالث فهو صديق لهما.
وذكرت مصادر في المستشفى أن جنودا من قوة إسرائيلية خاصة متخفين في هيئة فلسطينيين اقتحموا المستشفى وتوجهوا إلى الطابق الثالث وقتلوا الثلاثة رجال بمسدسات كاتمة للصوت.
ووصفت مي الكيلة وزيرة الصحة الفلسطينية الحادث بأنه جريمة حرب وحثت الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان الدولية على وضع حد لمثل هذه الأعمال. ونفت إسرائيل في السابق ارتكاب جرائم حرب.
وقال الجيش إن أحد الرجلين هو محمد جلامنة (27 عاما) من جنين، وإنه كان على اتصال بمقرات حماس في الخارج وكان يخطط لشن “هجوم كالذي شنته حماس عبر الحدود في السابع من أكتوبر تشرين الأول من قطاع غزة”.
ارتفاع عدد القتلى في غزة
شنت إسرائيل هجوما على غزة ردا على هجوم حماس الذي أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي، بحسب إسرائيل، واحتجاز 253 رهينة، لا يزال أكثر من 100 منهم محتجزين في غزة.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن 26751 فلسطينيا قُتلوا و65636 أصيبوا في العمليات الإسرائيلية في غزة منذ ذلك الحين، وأضافت أن نحو 114 فلسطينيا قتلوا وأصيب 249 خلال الساعات الأربع والعشرين المنصرمة.
وتقول إسرائيل إن قواتها قتلت حتى الآن نحو تسعة آلاف مسلح فلسطيني في غزة وإن 221 من جنودها قتلوا في المعارك.
وتسببت الحرب في أزمة إنسانية وتدمير مناطق واسعة في غزة، وخلفت وراءها مئات الآلاف من الأشخاص في حالة فقر مدقع بالإضافة إلى نقص الغذاء والمياه والأدوية.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن سكان غزة على شفا المجاعة.
وقال كريستيان ليندماير المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية في مؤتمر صحفي في جنيف “الوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم”.
وورد أن إحدى القوافل حاولت الوصول إلى مستشفى ناصر صباح اليوم الثلاثاء لكن الناس أخذوا بأنفسهم الإمدادات قبل أن يتم توزيعها.
تحرك الدبابات في الحرب
شنت إسرائيل هجوما جديدا في شمال غزة بعد أن أعلنت في وقت سابق أنها حققت نجاحات في مواجهة المسلحين الفلسطينيين. ويشير وجود مسلحين في المنطقة إلى أن حملة إسرائيل للقضاء عليهم لا تسير حسب الخطة.
ويبدو أن حماس تمكنت من إعادة تنظيم صفوفها في مدينة غزة، وذلك في ظل استمرار الحرب التي دخلت شهرها الرابع دون أي مؤشر على انحسارها رغم القلق الدولي بشأن معاناة المدنيين.
وقال سكان غزة إن معظم العمليات التي جرت اليوم الثلاثاء في القطاع تركزت على مخيم الشاطئ للاجئين وبالقرب من مستشفى الشفاء. واقتحمت الدبابات الإسرائيلية أحد أماكن الإيواء واعتقل الجنود عشرات الرجال.
وذكر سكان ومسؤولون في قطاع الصحة أن دبابة إسرائيلية أطلقت نيرانها على عشرات الفلسطينيين بالقرب من ميدان الكويت في الجزء الجنوبي من غزة حيث يتم تفريغ شاحنات المساعدات الواردة مما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة آخرين.
وأدى القتال إلى نزوح مزيد من السكان داخل غزة وجنوبا باتجاه دير البلح في الوسط. كما تعرضت الضواحي الغربية والجنوبية لقطاع غزة لقصف عنيف.
واستمرت القوات الإسرائيلية في توجيه هجماتها على مدينة خان يونس بالجنوب ومحاصرة المستشفيين الرئيسيين هناك.
وأفاد مسؤولو الصحة الفلسطينيون بمقتل ما لا يقل عن 10 فلسطينيين في ضربتين جويتين إسرائيليتين منفصلتين على خان يونس ودير البلح.
وقال الجيش الإسرائيلي في ملخص للعمليات التي جرت أثناء الليل إن العمليات استمرت في الجزء الغربي من خان يونس حيث قُتل مسلحون وتم الاستيلاء على كثير من الأسلحة. وفي شمال ووسط غزة قتل الجنود “عديدا” من المسلحين، بما في ذلك فرقة إطلاق صواريخ.