بعد التعرض لعزلة دبلوماسية في الأمم المتحدة على خلفية غزوها لأوكرانيا، يبدو أن روسيا تعيش حالة من التشفي في الوقت الذي تواجه فيه الولايات المتحدة مصيرا مماثلا بسبب دعمها لإسرائيل وحربها ضد حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في قطاع غزة.
أيد أكثر من ثلاثة أرباع أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤلفة من 193 عضوا يوم الثلاثاء مطلبا بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية لوقف الصراع المستمر منذ أكثر من شهرين، وذلك بعد أن استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (فيتو) ضد الإجراء في مجلس الأمن قبل أيام.
وقال المبعوث الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أمام الجمعية العامة عقب التصويت “باستخدام حق النقض، أصدر الجانب الأمريكي رخصة للقتل ويتحمل الآن المسؤولية الكاملة عن كل ضحية جديدة للصراع في غزة”.
وأضاف أن “ينبغي عدم مطالبة الأعضاء الآخرين في مجلس الأمن والأمم المتحدة ككل تقاسم هذا اللوم معهم”.
جاء تبني قرار الجمعية العامة الذي يطالب بوقف إطلاق النار في الحرب بين إسرائيل وحماس يوم الثلاثاء بتأييد أغلبية ساحقة بلغت 153 دولة، بينما صوتت الولايات المتحدة وإسرائيل وثماني دول أخرى برفض القرار وامتنعت 23 دولة عن التصويت.
وقال دبلوماسي أوروبي بارز تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته “يروق ذلك لهم”، في إشارة إلى رؤية روسيا للولايات المتحدة وهي تتعرض لانتقادات في الأمم المتحدة بسبب دعمها لإسرائيل.
وقبيل التصويت، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن إسرائيل تفقد الدعم الدولي لحملتها للقضاء على حركة حماس بسبب “القصف العشوائي”.
شنت إسرائيل عمليات قصف جوي على غزة وفرضت حصارا وشنت هجوما بريا ردا على هجوم نفذته حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول تقول إسرائيل إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 240 رهينة. وتقول وزارة الصحة في غزة إن 18608 أشخاص اسشهدوا وأصيب 50594 آخرون في الهجمات الإسرائيلية.
إعادة ضبط الموقف الروسي
قرارات الجمعية العامة ليست ملزمة، لكن لها ثقلا سياسيا وتعكس وجهة نظر عالمية إزاء الحرب.
وردا على سؤال حول ما إذا كانت واشنطن تشعر بعزلة دبلوماسية، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر أمس الأربعاء إن هناك “تاريخا طويلا من التصويت بأغلبية ساحقة على قرارات تتعلق بإسرائيل في الجمعية العامة”.
وقال ميلر للصحفيين يوم الثلاثاء “من الأشياء التي ما زلنا نسمع عنها من شركائنا في المنطقة ومن الدول في أنحاء العالم هو حتمية الدور القيادي الأمريكي فيما يتعلق بهذه القضية”.
تعرضت روسيا للعزلة في الجمعية العامة بسبب غزوها لأوكرانيا في فبراير شباط 2022.
وقال المدير بمجموعة الأزمات الدولية في الأمم المتحدة ريتشارد جوان “الدبلوماسيون الروس يعتبرون الحرب في الشرق الأوسط فرصة كبيرة لإعادة ضبط موقفهم في الأمم المتحدة. لقد بذلوا جهودا مضنية لتسليط الضوء على المعايير المزدوجة الأمريكية فيما يتعلق بالحرب… إنهم يعلمون أن أوكرانيا وحلفاءها لن يجرؤون على طرح أي قرارات تستهدف موسكو… لفترة من الوقت”.
اعتمدت المنظمة الدولية ستة قرارات بشأن الصراع في العام الأول من أزمة أوكرانيا، والتي نددت فيها بموسكو وطالبتها بسحب جميع قواتها. وحصل قرار صدر في أكتوبر تشرين الأول 2022 بإدانة “محاولة الضم غير القانوني” لأربع مناطق في أوكرانيا على أكبر تأييد بأغلبية 143 دولة.
لكن بعض الدبلوماسيين أشاروا الآن إلى أن مصداقية الولايات المتحدة في حشد الدعم في الأمم المتحدة لقضايا مثل أوكرانيا ربما تكون قد تعرضت للخطر بسبب حمايتها لإسرائيل.
وقال لويس شاربونو من منظمة هيومن رايتس ووتش “اتخذت الولايات المتحدة والحكومات الغربية الأخرى حقا مواقف واضحة لدعم حقوق الإنسان وقوانين الحرب عندما كان الأمر يتعلق بالفظائع الروسية في أوكرانيا وفظائع حماس في إسرائيل… لكن القانون الدولي ينطبق على الجميع بالتساوي”.