كشف خبراء اقتصاد وقانون في فرنسا، عن أزمة مقبلة في البلاد، في حال عدم تعيين رئيس وزراء جديد، وتقديم مشروع قانون الموازنة إلى المجلس الأعلى للمالية العامة قبل حلول 13 سبتمبر/ أيلول المقبل.
وقال الخبراء، إن التحدي الأكبر الذي يواجه رئيس الوزراء الفرنسي المقبل هو اعتماد الميزانية الجديدة.
وبعد 50 يوما على حل الرئيس الفرنسي الجمعية الوطنية، لا يبدو أي سيناريو لتشكيل الحكومة واضحا، بينما تستمر حكومة غابرييل أتال المستقيلة في تسيير إدارة شؤون البلاد التي تواجه انقساما سياسيا، في وقت رفض فيه ماكرون تشكيل حكومة يسارية، وبدأ دورة جديدة من المشاورات بحثا عن رئيس وزراء.
“عوائق سياسية”
وقال الخبير الاقتصادي توماس تفينود، لـ”إرم نيوز”: “في هذه الفترة، تهيمن الميزانية على الأجندة الرئاسية، ويجب التحرك بسرعة. يتعين تقديم الموازنة إلى المجلس الأعلى للمالية العامة قبل 13 سبتمبر/أيلول المقبل”.
وأضاف تفينود، وهو مدير مساعد لشركة “فاي سوليس كوميونيكيشنز” للاستشارات: “علينا أن نركز كثيرًا على تكلفة البرامج المقدمة من كل حزب أو مرشح للحكومة، والسؤال الأهم هو ما إذا كانت فرنسا ستتمكن من الاعتماد على ميزانية في ظل العوائق السياسية المقبلة”.
وتابع: “حتى لو مُرِّر اقتراح بحجب الثقة ضد حكومة تتمتع بأغلبية نسبية فقط، فإن ذلك لن يغير الكثير”، مؤكدا أنه “يمكن تعيين حكومة جديدة، ويمكن للنواب التصويت على اقتراح جديد بحجب الثقة في كل مرة، ولذلك سيظل الأفق مسدودًا”.
في هذه الأثناء، أوضح أحد الوزراء الفرنسيين لصحيفة “ميدي ليبر”، أن “الدستور الفرنسي ينص على 70 يومًا للنقاش”، مبينا “إذا لم يُصوَّت على الموازنة، سنلجأ إلى إجراء طارئ يسمح بالتصويت على تفويض الدولة بتحصيل الضرائب، لتغطية نفقات معينة مثل الصحة والعمل”.
وقال الوزير الذي لم تذكر الصحيفة اسمه: “لكن لا يمكننا تجاوز النفقات المحددة للعام الماضي، رغم أن بعض البنود مثل معاشات موظفي الخدمة المدنية والرواتب قد زادت تلقائيًا”.
*ماذا ينص الدستور؟
من جانبها، ذكرت الخبيرة الدستورية آن شارلين بيزينا، أنه “في حالة الشلل السياسي، يجب أن ننظر إلى المادة 47 من الدستور، التي تنص على أنه إذا لم يتخذ البرلمان قرارًا في غضون سبعين يومًا (من تقديم الميزانية)، يجوز إدخال أحكام المشروع (مشروع قانون المالية) حيز التنفيذ بموجب مرسوم”.
وتابعت: “إذا تأخر النواب في مداولاتهم، ولم يعبروا عن رأيهم (سواء بالتصويت الإيجابي أو السلبي)، فإن الحكومة هي التي تتولى زمام الأمور ، وهذه الحالة منصوص عليها صراحة”.
وأضافت: “إذا تجاوزنا شهر ديسمبر/كانون الأول، وهو الحد المالي والمحاسبي لفرنسا، فهناك المادة 47 التي تخبرنا أنه يمكن للحكومة أن تأخذ الميزانية بأمر (فرنسا تعمل وتجمع الضرائب)”.
أما في حالة الإغلاق على الطريقة الأمريكية (عندما تكون الدولة معطلة وغير قادرة ماليًا بسبب عدم وجود اتفاق سياسي)، قالت آن شارلين بيزينا: “لا أعتقد بوجود خطر للإغلاق؛ لأن الدستور ينص على فكرة التبني بموجب مرسوم، لكن سيكون لدينا ميزانية مقيدة سياسيًا للغاية”.
وتابعت الخبيرة الدستورية أن “نص الفصل 39 ينص على أن مشروع قانون المالية للسنة يجب تقديمه متضمنًا المستندات المنصوص عليها في المادتين 50 و51 في أجل أقصاه يوم الثلاثاء الأول من شهر أكتوبر/ تشرين الأول من السنة السابقة لسنة تنفيذ الميزانية”.
وأشارت الخبيرة الدستورية إلى “سابقتين في التاريخ الفرنسي يمكن أن توضحا فكرة حول عدم التصديق على الميزانية. في عام 1962، أدى الحل الذي أعقب الإطاحة بحكومة بومبيدو إلى إجراء انتخابات تشريعية يومي 18 و25 نوفمبر/ تشرين الثاني. وبالتالي، كانت حكومة بومبيدو الجديدة التي عُيِّنَت في نهاية هذه الانتخابات هي التي يتعين عليها التصويت على الميزانية من قبل المجلس الجديد”.
ومع عدم التمكن من تحقيق ذلك قبل نهاية العام، بحسب الخبير الدستورية، “اُعْتمد الجزء الأول من قانون المالية في نهاية ديسمبر/كانون الأول”.
أما السابقة الثانية تعود لعام 1979، حيث قام المجلس الدستوري بمراقبة قانون المالية برمته؛ لأن دراسة الجزء الثاني من النص كانت قد بدأت قبل التصويت على الجزء الأول، ولذلك طلبت الحكومة من البرلمان التصويت على مشروع قانون خاص، وفقا لبيزينا.
ولفتت إلى أنه “تم إحالة تمديد عملية الموازنة السابقة إلى المجلس الدستوري واعتبرها دستورية؛ لأنها ضرورية لاستمرار الحياة”.
ورأت بيزينا بالتالي أن حالة الانسداد التام لموازنة 2025 ممكنة من الناحية النظرية، ولكن في الممارسة العملية غير مرجحة تماما.