سلطت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية الضوء على كواليس المناقشات التي جرت بين وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الاثنين، في القدس المحتلة، وذلك خلال زيارة رفيعة المستوى يقوم بها المسؤول الأمريكي إلى المنطقة المضطربة.
وذكرت الصحيفة أن محادثات “الغرف المغلقة” شهدت محاولات حثيثة من بلينكن لاحتواء موجة جديدة من العنف الإسرائيلي الفلسطيني بعد أحداث دامية تشهدها الضفة الغربية المحتلة منذ الخميس؛ ما أثار قلق المسؤولين الأمريكيين بشأن تصعيد كبير محتمل في المنطقة.
وقالت الصحيفة إن بلينكن أبدى انزعاجه الشديد إزاء دعوات بعض الوزراء اليمينيين المتطرفين بحكومة نتنياهو بشأن “الانتقام من المزيد من الضحايا الفلسطينيين الأبرياء، قائلاً إن “أعمال العنف الانتقامي ضد المدنيين لا يمكن تبريرها أبدًا”.
وفيما يتعلق بـ”المناقشات السرية”، أشارت الصحيفة إلى أن بلينكن أثار مخاوف الإدارة الأمريكية إزاء خطة حكومة نتنياهو التي تهدف لتدمير القضاء الإسرائيلي، والتي تسببت في احتجاجات ضخمة بالشوارع وأثارت مخاوف من أن الائتلاف المتطرف سوف يقوض المعايير الديمقراطية في البلاد.
وأضافت الصحيفة أن “المناقشات السرية” تطرقت إلى موازنة تحالف الولايات المتحدة الوثيق مع إسرائيل ضد مخاوف إدارة الرئيس، جو بايدن، بشأن حكومة نتنياهو الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.
ولم يذكر تقرير الصحيفة ما إذا كانت هناك نتائج للاجتماع.
وإلى جانب محادثات “الغرف المغلقة”، قالت الصحيفة إن بلينكن شدد خلال لقائه مع نتنياهو على أهمية القضية الفلسطينية وحل الدولتين بالنسبة لإدارة بايدن، فضلاً عن ملفات أخرى؛ أهمها البرنامج النووي الإيراني، والحرب في أوكرانيا.
ووفقاً لتقرير الصحيفة، نقل بلينكن قلق البيت الأبيض إزاء المواقف المتشددة تجاه الفلسطينيين التي يتبناها أعضاء حكومة نتنياهو، بما في ذلك تشديد القبضة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة، إذ ستجعل حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أكثر صعوبة.
وقالت الصحيفة إن مسؤولي إدارة بايدن يشعرون بالقلق من نتنياهو نفسه – الذي عاد إلى السلطة وسط محاكمته بتهم فساد – مستشهدين بـ”مواجهاته المريرة” مع الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، حول إيران والفلسطينيين ومسائل أخرى.
وأضافت الصحيفة أن نتنياهو لا يحظى بثقة الديمقراطيين إلى حد كبير، مشيرة إلى أن خطة الإصلاح القضائي للحكومة الإسرائيلية قد تواجه معارضة شديدة من قبل البيت الأبيض وكذلك الكونغرس، على الرغم من سيطرة الجمهوريين – الذين يفضلهم نتنياهو – على مجلس النواب.
في غضون ذلك، أعرب مسؤول فلسطيني كبير عن “تشاؤمه” من زيارة بلينكن إلى المنطقة، قائلاً إنه لا يتوقع انفراجة كبيرة في قضية الشرق الأوسط بسبب سياسات الإدارات الأمريكية المتعاقبة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وصرح أحمد الديك، كبير المستشارين بوزارة الخارجية الفلسطينية، لصحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية بأن بلاده “لا تطالب بأي شيء سوى أن تفي الإدارة الأمريكية بوعودها والتزاماتها المعلنة في ما يتعلق القضية الفلسطينية، بما في ذلك دعم حل الدولتين ومعارضة الإجراءات الأحادية الجانب”.
ومن المقرر أن يجتمع بلينكن مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، اليوم الثلاثاء، لحثه على المساعدة في احتواء العنف. ودعا ممثلون عن بضع جماعات فلسطينية إلى تنظيم احتجاجات في رام الله ضد زيارة بلينكن و”الانحياز” الأمريكي لصالح إسرائيل.
وأضاف الديك للصحيفة العبرية: “إن الفلسطينيين لم يعلقوا آمالاً كبيرة على زيارة بلينكن لإسرائيل والضفة الغربية المحتلة، كما أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة لن تستمع إلى بلينكن، وبمجرد مغادرته، ستعلن عن خطط ضخمة لبناء وتوسيع المستوطنات”.
وتابع الديك أن عباس سيطالب مرة أخرى الإدارة الأمريكية بممارسة “ضغوط حقيقية على الحكومة الإسرائيلية لوقف جميع أشكال التصعيد”. وتشمل هذه العمليات، التوغل العسكري اليومي، وعمليات القتل خارج نطاق القانون، وهدم المنازل، والأنشطة الاستيطانية وجميع أشكال الاعتداءات على القدس والأماكن المقدسة فيها.