الجمعة 10 شوال 1445 ﻫ - 19 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

إيران..تخوفات من ”صدمة“ الانتخابات وعزوف عن المشاركة

يترقب النظام في إيران العد التنازلي لبدء التصويت في الانتخابات البرلمانية بخوف وقلق شديدين، في ظل غليان الشارع الإيراني نظرا لتردي أوضاعه المعيشية، وعدم تلبية مطالبه بإصلاح الوضع الاقتصادي من جهة، بالتوازي مع لا مبالاة المواطنين وعزوفهم عن المشاركة في هذه الانتخابات من جهة أخرى.

ويرى مراقبون أن تخوف النظام الإيراني من عدم مشاركة المواطنين في الانتخابات البرلمانية والاحتمال الأكبر بخلو صناديق الاقتراع من الأصوات، سيضع النظام في مأزق جديد على الصعيدين الداخلي والخارجي، وهو سحب الشارع الإيراني الثقة من الصوت المعبر عن أوضاعه المعيشية والاقتصادية وحتى سياسته الخارجية، أي البرلمان.

وسلط عدد من المحللين الإيرانيين الضوء على نبض الشارع في الساعات الأخيرة التي تفصل بدء عملية التصويت بالانتخابات البرلمانية في إيران، حيث اتفق أغلبهم أن السبب الرئيس وراء عزوف المواطنين عن المشاركة في هذه الانتخابات هو عدم إنصات النظام لأصواتهم ومطالبهم أثناء احتجاجاتهم الأخيرة، وبالتالي لن يكون لأصواتهم هذه قيمة في حال وضعوها في صناديق الاقتراع.

وأكد المحلل والسياسي الإيراني البارز، صادق زيبا كلام، أن نسبة مشاركة الإيرانيين في الانتخابات البرلمانية ستشهد تراجعا حادا سيفاجئ النظام الذي يتوقع مشاركة شعبية ولو معقولة لتشكيلة البرلمان المقبل.

غياب صوت العاصمة

وأضاف زيبا كلام في تصريحات لصحيفة ”اعتماد أونلاين“ المحلية ”أن نسبة مشاركة العاصمة طهران، وهي أبرز وأكبر المدن في البلاد، في انتخابات البرلمان لن تتعدى الـ 15 %“، منوها إلى أن ”الفئات التي ستقبل إلى حد ما على التصويت في المدن الكبرى من قبيل مشهد وشيراز ستكون محسوبة على أنصار التيار المتشدد“.

ورأى الأكاديمي المعارض أن هناك شكوكا متصاعدة حتى في مسألة تصويت أنصار التيار المتشدد، مؤكدا ”أن المناخ المنغلق الذي تشهده الانتخابات وعدم التنافسية في هذه الانتخابات أديا إلى عزوف أنصار التيار الإصلاحي عن المشاركة، كما أضرا بجدية هذه الانتخابات من جهة قدرتها على الإتيان بنتيجة من الإصلاحات“.

وتعليقا على الجدل الدائر هذه الأيام في إيران حول هيكل البرلمان القادم بعد استبعاد أغلب مرشحي التيار الإصلاحي، بالتوازي مع قبول أغلب المرشحين المتشددين، اعتبر المحلل الإيراني، محمد حيدري، أن مؤسسة البرلمان في إيران رغم أنها تتشابه مع نظيراتها من المؤسسات في مختلف دول العالم إلا أنها مقيدة بسياسة تعليمات وآليات تجعلها شاذة عن أي مؤسسة.

برلمان من نوع خاص

وأضاف حيدري في تقرير تحليلي نشرته شبكة ”بي بي سي“ في نسختها الفارسية أن ”عمل البرلمان في إيران يفتقد القدرة على القيام بأي مهام من المفترض أنها موكولة إليه“، موضحا ”أن هذا يظهر بدءا من مرحلة التشكيل واختيار النواب وبالتالي خطوة التشريع ومناقشة أوضاع البلاد“.

ورأى أن البرلمان في إيران هو عبارة عن مؤسسة مقيدة وغير مؤثرة بالمرة في الساحة السياسية في البلاد، عكس غيره من المؤسسات التي تمارس سلطات واسعة وأبرزها هذه الأيام في موسم الانتخابات مجلس صيانة الدستور، الأداة الأبرز للنظام لاستبعاد وقبول المرشحين بل والسيطرة على أداء نواب البرلمان.

بدوره تناول المحلل والكاتب الإيراني، شيفا آبشناس، أزمة إقصاء النظام لأغلب مرشحي التيار الإصلاحي ضمن محاولات النظام كي يكون صوت البرلمان منسجما إلى أكبر قدر مع سياساته وبرامجه، وتأثيره في عزوف المواطنين عن المشاركة في الانتخابات، حيث أكد أن قانون تنظيم الانتخابات وآلية عمل مجلس صيانة الدستور يحملان مفارقات عدة.

سرية رفض المرشحين

وكشف آبشناس أن إحدى مواد قانون الانتخابات المثيرة للجدل في إيران هي أن الجهة المسؤولة عن قبول أوراق المرشحين، أي مجلس صيانة الدستور، تقوم بإرسال مذكرة بأسباب رفض المرشحين على حدة وبشكل ”سري“، الأمر الذي يخلق حالة من التضارب في الساحة السياسية وكذلك الشارع الإيراني حول معايير قبول أو رفض النظام للمرشحين.

ولفت المحلل الإيراني في تقريره المنشور على وكالة ”سبوتنيك“ في نسختها الفارسية إلى أن مسألة مشاركة أو عزوف المواطنين في أي انتخابات بالعالم تتحكم فيها عدة عوامل، أبرزها المشكلات الاقتصادية، وهو الأمر الذي يدفع أغلب الإيرانيين لعدم المشاركة في هذه الانتخابات في ظل تعاظم أزماتهم المعيشية والاقتصادية دون تقديم سلطات النظام حلولا مؤثرة لأزماتهم.

غياب صوت المرأة

وحول دور المرأة الإيرانية ومشاركتها في الانتخابات البرلمانية، نوهت الناشطة الحقوقية الإيرانية، برفين أردلان، إلى أن النظام لا يعير أي اهتمام لمطالب المرأة في المجتمع، الأمر الذي يسهم دوما في تهميش دورها وبالتالي غيابها عن الحضور في المشاهد السياسية وأهمها الانتخابات.

وأضافت أردلان في حديث مع إذاعة ”زمانه“ المعارضة أن ”حضور المرأة الإيرانية في الانتخابات يسجل نسبا متفاوتة بحسب المناخ السياسي الذي تشهده البلاد“، منوهة ”أن هذا الحضور يكون في شكل ناخبة وليس مرشحة“.

وأكدت الناشطة الإيرانية أن هناك عوامل عديدة تعيق مشاركة المرأة في الانتخابات في إيران، أبرزها نظرة النظام لدور المرأة وتقييده لمساحة مشاركتها في الساحة السياسية، سواء في قوانين مجلس صيانة الدستور أو تعصب التيارات السياسية تجاه المرأة التي تصعب وصولها إلى البرلمان.

وأوضحت أنه رغم عدم طرح قضايا المرأة في محاور الانتخابات الإيرانية، إلا أن النظام يجد في موسم الانتخابات نفسه محروما من أصوات الناخبات لا سيما في ظل الإحصائيات والأرقام التي تشير إلى النسبة الكبيرة لأحقية المرأة بالتصويت.

ونوهت إلى أن عزوف المرأة عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية في إيران هذا العام يأتي أولا لتهميش دورها وصوتها سواء في تلبية مطالبها في الاحتجاجات المطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية، وثانيا تلبية لدعوات الناشطات المعتقلات بمقاطعة الانتخابات لعدم منح النظام شرعية ممارسة جرائمه ضد المواطنين.

واختتمت الناشطة أردلان حديثها عن موقف المواطنين من مصير الانتخابات البرلمانية بقولها: ”إن الشعب الإيراني لن يعمل على أن ينتخب بين السيئ والأسوأ، أي التيارين الإصلاحي والأصولي، ولكن سيكون قراره بمقاطعة الانتخابات“.

وبحسب استطلاعات رأي محلية، أعلن أغلبية الإيرانيين مقاطعة انتخابات البرلمان، حيث ربطوا مقاطعتهم بالاحتجاجات المتصاعدة الرافضة لسياسات النظام الاقتصادية، فيما أدانوا قمع سلطات النظام لاحتجاج المواطنين وفشل البرلمان في الضغط على الحكومة للتراجع عن قرارات منها القرار الأخير بزيادة أسعار الوقود.

وكانت المعارضة الإيرانية قد دعت المواطنين إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية التي وصفتها بـ ”مسرحية هزلية“، مؤكدة أن مقاطعة الشعب الإيراني للانتخابات تضع النظام في مأزق أمام الداخل والخارج حول مستقبل شرعية حكمه في ظل فشله بإدارة شؤون البلاد.