الجمعة 19 رمضان 1445 ﻫ - 29 مارس 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

هل تفكك الانتخابات الثالثة المشهد السياسي المعقد في إسرائيل؟

بعد خمسة أيام، تنطلق انتخابات الكنيست الإسرائيلي الثالثة في غضون أقل من عام، وسط تخوفات من امتداد المأزق السياسي المستمر منذ أواخر عام 2018، وفق تحليلات وتقديرات لا تستبعد الذهاب لانتخابات رابعة على التوالي.

ويتنافس في انتخابات الكنيست الـ23، التي تجري يوم الثاني من آذار/ مارس المقبل، حزب ”الليكود“ بزعامة بنيامين نتنياهو مدعوما بأحزاب اليمين والأحزاب الحريدية، مع حزب ”كاحول لافان“ بزعامة رئيس الأركان الأسبق بيني غانتس ومعه أحزاب اليسار والوسط، فيما تشير جميع استطلاعات الرأي إلى أن الكتلتين لن تحققا عدد المقاعد المطلوب لتشكيل حكومة.

اللجوء للمفاوضات

وتشير التوقعات إلى أن الانتخابات المقبلة ستسفر عن نتائج مقاربة لتلك التي شهدتها انتخابات أيلول/ سبتمبر 2019، والتي انتهت بفشل كتلة اليمين وكتلة اليسار – الوسط في تحقيق عدد المقاعد اللازمة لتشكيل الحكومة، والتي تبلغ 61 مقعدا، ومن ثم يبدو أن سيناريو الدخول في مفاوضات من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية هو الأقرب عقب الانتخابات المقبلة.

ومع التوقعات بفشل الكتلتين في الحسم خلال الانتخابات، يسعى الحزبان الكبيران لتحقيق فارق مقاعد كبير لتحقيق صورة انتصار محدد تخدم وضعها السياسي.

ووفق تقرير لـ“القناة 13″ العبرية، فإن خريطة الكتل المشاركة في الانتخابات ترجح تكرار سيناريو المفاوضات نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكن الفارق هذه المرة هو أن مقترحات نتنياهو بشأن مثل هذه الحكومة وتولي رئاستها بالتناوب مع غانتس لن تكون بالسخاء ذاته، ولن تجد استحسان ”كاحول لافان“.

وذكرت القناة أمس الثلاثاء، أن التقديرات السائدة داخل ”كاحول لافان“ هي أن نتنياهو لن يعرض المقترحات ذاتها الخاصة بحكومة الوحدة الوطنية التي عرضها على غانتس عقب آخر انتخابات، ولكنه سيقدم مقترحات بشروط أكثر تعقيدا.

شروط الليكود

وتمسك حزب ”الليكود“ عقب تكليف زعيمه بتشكيل الحكومة بعد انتخابات أيلول/ سبتمبر 2019 بشعار ”نتنياهو أولا“، إذ سعى الأخير لتولي منصب رئيس الوزراء في العامين الأولين على أن يتولى غانتس منصب نائب رئيس الوزراء خلالهما بصلاحيات كاملة، حتى لو اضطر نتنياهو للخروج في إجازة غياب مفتوحة على خلفية محاكمته.

وأصر ”الليكود“ وقتها على التمسك بكتلة الـ 55 نائبا، وعدم تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم الحزبين الكبيرين فقط، رغم قدرتهما على تشكيل حكومة تضم 65 نائبا، من دون الأحزاب اليمينية – الدينية، لكن حزب نتنياهو تمسك بشركائه من اليمين، فضلا عن الحزبين الحريديين ”شاس“ و“يهدوت هاتوراه“.

وحسب ”القناة 13″، في حال نجح نتنياهو في زيادة عدد المقاعد، سيعمل على مسار أساس وهو دفع الجماهير لتقبل فكرة إدارة البلاد في ظل محاكمته الجنائية، مع استبعاد تقديم عروض سخية لمنافسه بشأن حكومة الوحدة الوطنية.

الرهان على اليمين

وتسود تقديرات داخل ”كاحول لافان“ بأن هذا السيناريو قابل للتحقق، وهو ما دفع الحزب للميل كثيرا صوب اليمين، وطرح رؤى تتشابه بشكل كبير مع الرؤى والحملات الانتخابية الخاصة بأحزاب اليمين، ومن ثم أعرب الحزب المحسوب على تيار اليسار – الوسط عن تأييده لمسألة ضم غور الأردن، كما قام أعضاء ينتمون إليه بزيارة المنطقة، فضلا عن إعلانه عدم الدخول في مفاوضات من أي نوع مع ”القائمة العربية المشتركة“، وكل ذلك على أمل جذب نسبة من أصوات اليمين.

وفاز حزب ”كاحول لافان“ في انتخابات الكنيست الثاني والعشرين التي أجريت في الـ 17 من أيلول/ سبتمبر 2019 برصيد 33 مقعدا، متفوقا على ”الليكود“ بفارق مقعد واحد، لكن الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين أوصى نتنياهو بتشكيل الحكومة نظرا للنظام المعمول به والخاص بمشاورة الكتل الممثلة بالكنيست حول اسم المرشح لتشكيل الحكومة، ومن ثم تلقى نتنياهو التكليف مدعوما بالكتلة اليمينية – الدينية التي يقودها، على خلاف غانتس، الذي خسر 10 أصوات تعود لنواب عرب أكدوا أنهم لن ينضموا لأي حكومة.

وأوصى ريفلين عقب تلك الانتخابات كلا الحزبين بتشكيل حكومة وحدة وطنية تُقسم فيها السلطة بالتساوي، على أن يتولى كل من نتنياهو وغانتس رئاسة الوزراء فيها لمدة عامين، داعيا نتنياهو للخروج لإجازة مفتوحة إذا وجهت إليه لائحة اتهام في واحد أو أكثر من التحقيقات الثلاثة الجنائية التي يواجه فيها تهما، على أن يتولى غانتس رئاسة الحكومة بصلاحيات كاملة.

تشابه الظروف

وفشل نتنياهو في تشكيل الحكومة الخامسة والثلاثين في تاريخ البلاد، ومن ثم انتقل التكليف لمنافسه غانتس، والذي دخل في مفاوضات مع ”الليكود“ من أجل تشكيل حكومة وحدة بشروطه ولم يفلح، فيما ألقى بورقة تشكيل حكومة الأقلية المدعومة من الأحزاب العربية الممثلة بـ ”القائمة المشتركة“ والتي يرأسها النائب أيمن عودة، وتضم حزب ”إسرائيل بيتنا“ برئاسة أفيغدور ليبرمان، دون جدوى.

وتتشابه الظروف الحالية مع الملابسات المشار إليها عقب انتخابات العام الماضي، إذ تتقارب نتائج استطلاعات الرأي مع نتائج انتخابات أيلول/ سبتمبر 2019، حتى مع وجود فوارق بسيطة، ولكن يبقى الأمر الثابت هو فشل الكتلتين في الحصول على عدد المقاعد اللازم لتشكيل الحكومة.

موقف ليبرمان

ولم يحدد زعيم ”إسرائيل بيتنا“ أفيغدور ليبرمان -أيضا- هذه المرة وجهته بدقة، وإذا ما كان يعتزم الانضمام لحكومة برئاسة نتنياهو أم غانتس، وهو الذي أشار قبل أيام إلى أنه لو قارن بين الاثنين لاختار نفسه، لافتا إلى أن حسمه قرار الانضمام لحكومة لا يتعلق بمن يترأسها، ولكنه يرتبط بسؤال ”كيف ستكون تشكيلة الائتلاف؟“.

ويرفض ليبرمان الجلوس مع الأحزاب الحريدية في حكومة يرأسها نتنياهو، وأخيرا أعلن رفضه للتعاون مع الأحزاب العربية أو الانضمام لحكومة برئاسة غانتس مدعومة من هذه الأحزاب حتى مع بقائها خارج الائتلاف.

وفي ظل هذه الملابسات، من غير المستبعد أن تفشل الانتخابات المقبلة -أيضا- في وضع حد لحالة الجمود السياسي التي تشهدها إسرائيل، إلا في حال حدوث مفاجآت، منها تغيير موقف ليبرمان، أو قبول غانتس لشروط نتنياهو بشأن حكومة الوحدة، أو مفاجآت أخرى تتعلق بوضع نتنياهو القانوني.