يستعد آلاف اللبنانيين المغتربين في فرنسا ودول أوروبية أخرى للتظاهر في باريس ضد الوفد اللبناني المشارك في اجتماع “مجموعة الدعم الدولية” من أجل لبنان، الذي تنظمه الحكومة الفرنسية دعماً للبلد العربي وتشارك فيه دول عدة، حيث يعتبر المتظاهرون أن الوفد اللبناني المشارك يمثل السلطة السياسية التي يطالب الشعب منذ نحو شهرين برحيلها ويحملها مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
محاصرة مقر إقامة الوفد
وذكرت مصادر من اللبنانيين المقيمين في فرنسا أن الاغتراب يشارك اللبنانيين المقيمين همومهم، وهو جزء لا يتجزأ من الانتفاضة الشعبية ولن يسمح للسلطة السياسية بإعادة إنتاج نفسها من جديد عبر تلقي مساعدات باسم الشعب اللبناني، في حين أن التجارب السابقة أثبتت أن كل تلك المساعدات لم تسهم سوى في إنتاج طبقة سياسية فاحشة الثراء نتيجة الهدر والفساد والمحاصصة المستشرية داخل الطبقة الحاكمة.
وكشفت المصادر ذاتها عن سلسلة تظاهرات ستواكب المؤتمر المنعقد، للتأكيد على أن أي مساعدة يجب أن تكون لصالح الشعب اللبناني وتحت إشراف دولي مباشر، كون هذه الطبقة السياسية فاقدة للثقة الشعبية والدولية، وأشارت إلى احتمال أن يبيت المتظاهرون قُرب مقر إقامة الوفد اللبناني والتصرف معه كما يتصرف اللبنانيون في لبنان.
لا مساعدات مالية
مصادر دبلوماسية فرنسية أكدت أن اجتماع “مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان” لن يقدم أي تعهد بدعم مالي، إنما سيكون صارماً لناحية إعادة التأكيد على مطالب الشعب اللبناني والدفع باتجاه الإسراع في تشكيل حكومة يمكنها تحسين الوضع الاقتصادي للبلاد، وتكون فاعلة وذات مصداقية، تتخذ القرارات الضرورية لاستعادة الوضع الاقتصادي وتلبية الطموحات التي عبّر عنها الشعب اللبناني.
وأكدت المصادر أن فرنسا والمجتمع الدولي يريدان أن يكون للبنان حكومة حيادية، تعيد لبنان إلى موقعه السيادي بعيداً عن أي محاور إقليمية ودولية، وأن تستعيد الدولة سيادتها كاملة على أراضيها.
المجتمع الدولي… أو إيران!
وعلّقت مصادر دبلوماسية على كلام مستشار قائد الحرس الثوري الإيراني، اللواء مرتضى قرباني، الذي قال إنه “في حال ارتكبت إسرائيل أصغر خطأ تجاه إيران، سنسوّي تل أبيب بالتراب انطلاقاً من لبنان”، معتبرةً أن استمرار اعتبار إيران، لبنان صندوق بريد وساحة لتوجيه تهديداتها ورسائلها، يزيد تعقيد الأمور في البلاد.
وأشارت المصادر إلى أن غياب السلطات الرسمية اللبنانية عن أي رد رسمي على هكذا كلام يؤكد للمجتمع الدولي تماهي هذه السلطة مع المشروع الإيراني الذي يراه الغرب مشروعاً مزعزعاً لاستقرار دول المنطقة، وبالتالي هذا الأمر وحده كفيل بإبعاد أي مساعدات محتملة إلى لبنان، مشددين على أن “حزب الله” تعتبره معظم الدول الغربية تنظيماً إرهابياً وأن إمساكه الكامل بقرار الحرب والسلم وتماهي وزارتَي الخارجية والدفاع معه يشكل عائقاً كبيراً لتقبل المجتمع الدولي، طلبات إغاثة لبنان من أزمته الحادة.
“ساعدوا الشعب لا السلطة”
أوروبيون أيضاً… الوفد لا يمثل الشعب
وعبّر لبنانيون في دول أوروبية أخرى عن اعتراضهم أيضاً، حيث تحدث الناشط السياسي، فرانكو عبد القادر، المقيم في سويسرا، عن رفض اللبنانيين المغتربين في أوروبا أي شكل من أشكال الدعم الغربي للسلطة الحالية في لبنان، مؤكداً مشاركة أعداد كبيرة من اللبنانيين في مختلف الدول الأوروبية بتظاهرات باريس التي ستواكب انعقاد مؤتمر “مجموعة الدعم الدولي للبنان”، مضيفاً أن “الشعب اللبناني بكل أطيافه وطوائفه ثار لإسقاط الحكومة التي كانت تتآمر على الشعب اللبناني بعقد صفقات تفوح منها رائحة الفساد والسرقة، ولا يزال اللبنانيون منذ شهرين مستمرين بثورتهم ضد كل أركان السلطة الحاكمة لإسقاطها، رغم تعرضهم للقمع والضرب والتهديد والوعيد من قبل السلطة وأحزابها وعلى رأسهم حزب الله”. وأضاف عبد القادر أن “المستغرب والمستهجن أن الدولة الفرنسية العظمى، والتي تُعتبر مهد إعلان حقوق الإنسان والمدافع الشرس عن الديموقراطيات حول العالم، دعت هؤلاء الذين أسقطهم الشعب اللبناني في الشارع، إلى مؤتمر دولي في باريس لمناقشة ملف (سيدر)، وهم (أركان الحكومة المستقيلة) ولا يمثلون الشعب اللبناني”، معتبراً أن “ما تقوم به باريس، محاولة لإعطاء شرعية وصفة تمثيلية لسلطة أسقطها الشعب”. وقال عبد القادر إن “الشعب اللبناني بكل فئاته يعتبر أن أي دعم لهذه السلطة هو نقطة سوداء في تاريخ العلاقات بين الدولة الفرنسية والشعب اللبناني الذي كان حتى الآن يعتبر الدولة الفرنسية صديقة محبة للشعب اللبناني وليس لجلّاديه”.
السترات الصفر أيضاً
باسيل لم يتلقَ دعوة