الثلاثاء 21 شوال 1445 ﻫ - 30 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

الناشطون وابتداء حقبة القمع: نحو جبهة سياسية موحّدة

ظهرت نوايا الحكومة الجديدة في الذهاب إلى الخيار الأمني لفض الاعتصامات وقمع التظاهرات واعتقال الناشطين. وهي لم تعد خافية على مجموعات الانتفاضة في الساحات. وثمة قناعة لدى المجموعات أن قوى السلطة تراهن على تعب الناس. وهذا ما ظهر في الأسبوعين الفائتين:

ضمور الحشد للتظاهرات، وانقضاض السلطة على مكتسابات ثورة تشرين، ومحاولات فتح الطرق في وسط بيروت، والتهديد بقطع التيار الكهربائي عن خيم الاعتصام في ساحتي رياض الصلح وساحة الشهداء، تمهيداً لإخلاء الساحات، وردّ الناشطين إلى بيوتهم.

تنسيق ونبذ الخلافات

تدرك المجموعات التي تواصلت “المدن” معها أن هذا الرهان خاطئ. فمسار الحشد الشعبي قد يفترق عن عمل المجموعات ونشاطها. لكن الأزمة الاقتصادية والانهيار المالي يضعان اللبنانيين أمام خيارات صعبة، قد تجعل أساليب تعبيرهم عن نقمتهم غير سلمية بتاتاً. وما حصل من شغب في الأسابيع الفائتة، قد لا يقارن بغضب الناس الذي سينفجر عاجلاً أم آجلاً في وجه سلطة صمّاء، لم تتجاهل وجع الناس وحسب، بل هي تعدهم بالمزيد منه ومن إجراءات مؤلمة، على ما أكّدت المجموعات.
وعلى عكس التحركات التي شهدها لبنان منذ العام 2011، ثمة قناعة لدى المجموعات اليوم، مفادها أن التنسيق ونبذ الخلافات في ما بينها أساسي لمواجهة السلطة وحماية الثورة ومكتسباتها. فالمجموعات الأساسية – مثل “لحقي”، “المرصد الشعبي لمحاربة الفساد”، “الحزب الشيوعي”، “عامية 17 تشرين”، “بيروت مدينتي”، “تحالف لوطني”، و”ثوار جل الديب والذوق وجبيل”، وسواها – تتمتع بحضور شعبي سواء في بيروت وكثير من المناطق، وتعمل وتنسق يومياً على جميع التفاصيل.

جبهة عريضة

وثمة آراء لتشكيل جبهة سياسية عريضة لم تتبلور بعد. لكن طبيعة التوافق بين المجموعات على التحركات التي تحصل، والنقاشات حول طبيعة المرحلة المقبلة التي تفرضها الحكومة الجديدة، تدفعها إلى خيار تشكيل الجبهة. والخيار الأمني الذي ظهرت بوادره بتوقيف الناشطين والاقتصاص منهم، يدفع الجميع إلى توحيد جهودهم للتصدي لهذه المحاولات.

اختلف التنسيق عن المرحلة التي عرفها بعيد اندلاع الثورة، خصوصاً بعدما خرجت بعض المجموعات الوهمية من الساحة. وبات التنسيق اليوم يتخذ منحيين: استراتيجي، للتفكير بالمرحلة المقبلة وطبيعة المواجهة مع السلطة. وآخر راهن متصل بالتحركات الميدانية. واليوم اختلفت طبيعة الدعوات لتنفيذ التحركات عنها في الأمس. ففي السابق كانت تتوالى الدعوات للتظاهر من أشخاص مجهولين، ما أفقد الناس الثقة بالجهات الداعية المجهولة الهوية. أما اليوم فباتت المجموعات تنسق التفاصيل وتتبنى التحركات. وهذا ما جعل مسيرات يوم السبت 31 كانون الثاني الماضي، حاشدة ومحط ثقة.

ميليشيات ومواطنون

تدرك المجموعات أن المواجهة المقبلة ستكون صعبة، خصوصاً أن معظم أقطاب السلطة من أساطين الحرب الأهلية وميليشياتها. لذا تتكاتف جدياً لمواجهة المخاطر المحدقة بنفوذها ومواليها. لم تنصت السلطة إلى مطالب المواطنين الذين فقدوا عملهم ورواتبهم في ظل الغلاء الفاحش ودبيبه المتصاعد. وهذا ما جعل أساليب احتجاج بعض المتظاهرين خشنة وعنفية. والسلطة تقصّدت بدورها جرَّ المجموعات إلى خيارات التحركات الخشنة والصدام مع القوى الأمنية، لحمل فئات من اللبنانيين على الانكفاء عن التظاهر للمطالبة بحقوقهم.

وإذا كان بعض اللبنانيين يريدون منح الحكومة الجديدة فرصة بعد تعبهم، فهذا لا يعني أنهم سلّموا رقابهم للحكومة. على العكس، هم سيدركون سريعاً أنهم أمام حكومة – واجهة لأحزاب السلطة العاجزة عن مواجهة التحديات الاقتصادية المقبلة. هذا ما سيؤدي إلى انفجار الشارع في بوجهها، وعلى نطاق أوسع – ربما – من التحركات المليونية السلمية التي حصلت في السابق، على ما يعتقد ناشطو المجموعات.

منع جلسة الثقة

ترفض المجموعات منح الثقة للحكومة الجديدة، لأنها مجرد واجهة لقوى السلطة. وهي اتفقت جميعها على منع انعقاد جلسة المجلس النيابي للتصويت على منح الحكومة الثقة. وذلك بمنع النواب من الدخول إلى ساحة النجمة، بمعزل عن نجاح هذه المهمة أو فشلها.

إنها مرحلة عض أصابع تراهن فيها السلطة على قمع المتظاهرين لإسكات الشارع، بحسب ناشطي المجموعات الذين بدأ التضييق عليهم، بعدما بلغتهم قوى الأمن الداخلي عزمها على نزع أسلاك التيار الكهرباء عن الخيم في ساحتي رياض الصلح والشهداء. وذلك بذريعة أن إنارة الخيم تعدٍ على الأملاك العامة.

وتزامن توجيه هذا الإنذار بنزع التيار الكهربائي خلال ثلاثة أيام، وتسطير محاضر ضبط في حق المعتصمين في الخيم، مع ما تبادر إلى مسامع الناشطين عن نوايا نزع الخيم من ساحة اللعازارية، على اعتبار أنها أملاك خاصة يريد أصحابها استردادها.

لكن المجموعات ترفض التسليم بالأمر، وتحمّل الحكومة الجديدة المسؤولية عن نزع التيار الكهربائي، الذي قد يمهد للاعتداء عليهم ليلاً تحت جنح الظلام من بعض الشبيحة. وهي ترفض نزع خيم الاعتصام والتخلي عن هذه المساحات العامة التي يعمل ناشطو المجموعات على أن تسترد إليها المواطنين.