هل فضلت الدول الكبرى غض النظر عن اللجوء الإسرائيلي إلى الحرب على “حزب الله” والإجهاز عليه بدلاً من السعي لاستصدار قرار جديد عن مجلس الأمن الدولي يكون قراراً تنفيذياً للقرار 1701؟
تقول مصادر سياسية واسعة الاطلاع، أن استصدار قرار جديد عن المجلس لم يكن طرحاً جدياً، وان إسرائيل استبقت أي تحريك ممكن لمجلس الأمن، لا سيما لمناسبة وجود كل قادة الدول في نيويورك الأسبوع الماضي لاتخاذ قرار بتصفية الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله وما أمكن سياسياً وأمنياً من المسؤولين في الحزب. ولم تكتفِ بذلك اذ فرضت حصاراً جوياً وبحرياً وبرياً الى حد كبير على لبنان مع توسع دائرة الحرب.
وتفيد المصادر ل”صوت بيروت انترناشونال” ان كثافة “الدم الذي يسيل” في الحروب هي الطريق الاساسي لاستصدار القرارات الدولية. واسرائيل بالطبع لا توقف حربها الا بعد حصول كميات هائلة من الدماء على الأرض. اسرائيل حالياً لا تريد وقف الحرب الا بعد تحقيق سيلان الدماء على الأرض، وتحقيق الدمار الهائل. فكرة صدور قرار “تنفيذي” جديد لم تتحقق، وليس كل مرة تكون هناك مناسبة دولية جامعة لكل الأطراف على مستوى الحكام في العالم. فهي كانت مناسبة لاستصدار قرار جديد أو نوع من التفاهم الجديد يعتمد القرار ١٧٠١. اذاً لم يصدر قرار عن مجلس الأمن هذا أولاً. ثم ثانياً، اذا لم يصدر قرار لسبب ان لا يوجد توافق دولي-دولي وتوافق دولي-اقليمي بالعمق على نقاط معينة، كان يمكن لمجلس الأمن أن يفوض رئيسه استصدار بيان رئاسي أو بيان صحفي أقل شيء حول لبنان لأن له القوة المعنوية مع انه ليس للبيانات قوة التنفيذ مثل القرار الذي يفترض ان ينفذ بالنسبة الى المجتمع الدولي. بينما في لبنان يعتقد البعض ان في القرارات الدولية شيء للتنفيذ وشيء لعدم التنفيذ. ومع الاشارة الى ان الفارق بين قرار وقرار هو تضمينه آلية التنفيذ أم لا، وإمكان اللجوء الى القوة للتنفيذ أم لا.
ثم ان في المبدأ روسيا لا تقف في وجه صدور قرار في مجلس الأمن، أما الصين لا تتدخل لأنها لا تريد المواجهة. على الأقل كان يفترض ان يصدر عن المجتمع الدولي بيان رئاسي لمجلس الأمن. فإما لا يريد التوافق على بيان، أو انه لا يريد إدخال روسيا وإشراكها في القرار الذي يصدر. والذي حصل هو اكتفاء المجتمع الدولي ببيان للمجموعة الدولية على أهميته وأهمية ترحيب لبنان به.
لكن المصادر إزاء ذلك، تؤكد ان لبنان أمام ورطة كبيرة. اذ ان أهم المظاهر الأساسية للورطة هي ربط مشكلة غزة ومشاكل لبنان في جبهة الاسناد التي باتت مربوطة بالعلن وباعتراف لبنان الرسمي والدول التي تتعامل مع الوقائع. انما جبهة الاسناد لم تعد للاسناد، بل باتت أساسية يقابلها تحدٍ من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لفك هذا الارتباط وتنفيذ ما يناسبه في القرار ١٧٠١. فوجد نتنياهو الأمر مناسبة للقيام بالحرب وعدم التراجع على الإطلاق. ان ربط وقف النار في لبنان بتحقيق ما يراد في غزة بالنسبة الى “حزب الله” بات تعجيزياً لأن الحل في غزة تعجيزي. وبالتالي، كل هذا الجو أسقط معادلة الردع، وبات من يتفوق في الحرب هو الذي يمتلك الأسلحة النوعية التي تعتمد على التطور التكنولوجي، والاسلحة الفتاكة الجديدة في القتل.
الخوف الحقيقي الآن، ان لا تتوقف الحرب، لا بل ان تدخل مرحلة تصعيدية كبيرة بعد “كسر الجرة” هدفها تركيع كل لبنان وليس فقط “تركيع” الحزب للقبول بشروط اسرائيلية جديدة. مع ما يحمل ذلك من قتل وخراب وتدمير وغموض في المصير. وليس صحيحاً ما أبلغته اسرائيل لفرنسا، ان هدف تصعيدها هو لخفض التصعيد فقط. لكن باريس لم توافقها الرأي أصلاً. المشكلة الآن أمام لبنان انه لم يجد أية شخصية دولية على غرار جاك شيراك أو فرانسوا ميتران للوقوف الى جانب منع الحرب بتاتاً والضغط الهائل للقبول بالحلول الديبلوماسية.