هو استحقاق، صحيح ان ملعبه محلي، وأن لاعبيه أجانب، ولكن لا وقت ضائعاً فيه. فالسباق الى الرئاسة حاضر دائماً، القصة ليست إبريق زيت أو برميل نفط. هي الطريق الى بعبدا. خط واحد وحيد لا يحتمل مزاحمة ولا تنافساً بين حليفي الحليف اللذين أشعلا كل الأشرعة باتجاه السير الى التوافق او التسوية. الا ان المؤسف ان كل المحرمات تسقط دفعة واحدة ويغدو “حزب الله” الأكثر حرجاً بما فعله ويفعله الحليفان المسيحيان الأقرب بين بعضهما البعض: “الوطني الحر” و”المردة”.
وعلى تلة معراب يجلس خصمهما اللدود سمير جعجع ومن ورائه جمهرة من الساسة الموارنة يراقبون. ربما تمنى “حزب الله” في سره لو لم يأت ذاك اليوم الذي يجد فيه حليفيه الأقربين يتراشقان التهم على المنابر في احلك الظروف التي يمر بها البلد. ولعلها من المرات النادرة التي يتقصد النأي بنفسه عن التدخل لإصلاح ذات البين بعد ان صارت المسافة الفاصلة بينهما بعيدة.
وأبدى انفتاحاً على أي “خطوة تفاهمية لتحصين الإنقاذ”، منبهاً خصومه الى أن “رئيس الجمهورية في لبنان لا يسقط. والتيار الوطني هو تيار شعب لديه قضية لا ينتهي الا اذا انتهى الشعب وانتهت قضيته”، ومتمنياً على البطريرك مار بشاره بطرس الراعي “دعوتنا، في اطار خطة طوارئ”. والدعوة ليست جديدة فقد سبق لـ”الوطني الحر” أن اقترح على الراعي جمع القادة المسيحيين في حضرته، ليتبين ان بعض القوى المسيحية غير راغبة في الامر. وتفيد المعلومات ان بعض رجال الدين يتحركون في هذا الاتجاه رغم الأمل الضعيف في التلاقي.
وكعادته حرص باسيل على تجنب تسمية الاشياء بأسمائها مكتفياً بالتلميحات التي تحمل في خفاياها الف دلالة ودلالة وبدا واضحاً ان ما قاله جزء من فائض من التفاصيل التي تختبئ في طي الملفات التي أثارها وأهمها ملف الفيول المغشوش حيث كان لزعيم “المردة” الحصة الأكبر في ما قاله وما لم يقله والذي أكد ان في خلفيات مواقف سليمان فرنجية خلافات بتلزيمات معينة. فاعتبر باسيل أن هناك جرمين، سياسياً وجنائياً، في القضية،
ولمح الى وجود اطراف تتوسط للملمة الموضوع قائلاً: “لا أحد يحاول أن يضغط علينا بتوجيه معلومات، حتى الآن غير مهمّة، لتوقيف أناس محسوبين علينا بالسياسة، لنقوم بتسوية في الملف”، متابعاً القول: “لن ينفع معنا لا تهويلكم ولا نرفزتكم ولا محبّتكم او كرهكم، “اذا بتحبّونا او ما بتحبّونا” اوقفوا الاتصال بنا لطلب القرب السياسي والحماية للسكوت عن الملف وايجاد تسوية فنحن لن ندخل ولن نسمح بأي تسوية”، أما حديثه عن الجهاز الأمني فالمقصود به شعبة “المعلومات” التي اتهمها باسيل ضمناً “بمحاولات لحرف التحقيق معروفة الغايات والارتباطات”.
وفي وقت أشيع قبل المؤتمر الصحافي أن باسيل سيشمل بهجومه “حزب الله” على خلفية التصويت ضد معمل سلعاتا في مجلس الوزراء اكتفى رئيس التيار بتوجيه رسالة تمنٍ الى “حزب الله” من دون ان يسميه بقوله: “وبالنسبة لأصدقائنا، يا ليت يسمعون منّا بالوشوشة، نحن نصرّخ علناً لتركنا نتخبّط وحدنا في المعركة من دون ان يلتفتوا الينا (ويبقى لنا كلام وعتب معهم في السرّ)”.
باسيل نبه إلى أن “الفساد أكل مؤسسات الدولة والماليّة العامة وودائع الناس وجنى العمر”، وسأل: “كيف يمكن ان نسكت ولا نتصدّى؟ لا أتكلم لأفتح مشكلاً سياسياً مع أحد، ولكن ماذا أفعل اذا اعتبروا أنفسهم معنيين وهاجموا للدفاع؟”، وأضاف: أحدهم يقول لك “بدو يقتل الطايفة”، فيحتمي فيها ويحرّضها، وآخر يقول لك “بدو خنق الزعامة”، وآخر يقول “بدّو يحبسنا”! فمن اقترب منهم؟ ولكن يبدو أنّهم يعرفون أنفسهم ويردّون بشكل هستيري!”
وحول ملف الكهرباء اعترف باسيل أن “هناك مسؤوليّة سياسية على من سكت ومسؤوليّة أكبر على من حاربنا”، محذراً ان اللبنانيين “ذاهبون الى العتمة لأن لا دعم كافياً للكهرباء في الموازنات القادمة وأي حل غير 24/24 يعني زيادة الخسائر بينما بالـ 24/24 تُزاد التعرفة لتصفير العجز، وتُلغى فاتورة المولّد فتكون الحصيلة أوفر على المواطن”.