بانتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية، تكون قد طُويت صفحة وفُتحت صفحة جديدة من تاريخ لبنان الحديث، ليست بعيدة عن صياغتها وهندستها القوى الدولية والعربية.
إنها تعبر عن رغبة منها لإعادة لبنان إلى دوره الدولي والإقليمي، رافعة عنه الحظر السياسي والاقتصادي، ما جعل الأمل الشعبي والسياسي عارماً بالعودة إلى الاستقرار والإعمار والازدهار، وتُعقَد على الرئيس عون الكثير من الآمال، وسط تحديات كبيرة، استطاع خطابه في مناسبة القسم الدستوري أن يجسد معاني السيادة والوطنية، وحقوق الناس، والأداء السليم للسلطة، وتفعيل مؤسسات الدولة.
وتوقفت مصادر ديبلوماسية غربية بارزة، عند الترحيب العربي والدولي القوي بانتخاب عون رئيساً. وأوضحت المصادر ل”صوت بيروت إنترناشونال”، أن خطاب القسم هو بمثابة رسائل في كل الاتجاهات، لاسيما إلى الداخل اللبناني، وإلى الخارج، وفي مقدمة الرسائل ما مفاده أن السلاح سيكون في يد الدولة حصراً، وأن الممنوعات من مخدرات وكبتاغون ستكافح كما يجب، والجيش بقيادته كان عمل على الملف تماماً كما عمل على الملفات المتصلة بالإرهاب وكل مهماته كانت محط تقدير دولي. وتشير المصادر، إلى أن الموقف من السلاح ينطلق من التزام لبنان تنفيذ القرارات الدولية، واتفاق وقف إطلاق النار، وإنجاز استراتيجية دفاعية، أحد أبرز مقوماتها إنهاء الاحتلال الإسرائيلي. وكانت صياغة خطاب القسم لافتة بأسلوب يجمع بين اللبنانيين ولا يفرقهم، ولا بد أن يكون هذا الخطاب خارطة طريق أمام العهد الجديد.
وأشارت المصادر، إلى أن الاتفاق حول وقف النار سيطبق ولا عودة فيه إلى الوراء ولا رجوع عنه. وعندما يكون للبنان دولة محترمة تضبط حدودها، فإن إسرائيل تنسحب ولا مشكلة في الأمر. ولاحظت المصادر، أن “حزب الله” لم يعطِ صوته للرئيس المنتخب لكنه لم يعرقل ولم يضع “الڤيتو” عليه، وأمام كل المشهد اللبناني حالياً وما سبق تؤكد المصادر، أن كلام التحدي لا يفيد أحداً إنما يجب تجسيد المرحلة الجديدة بالتعاون بين الأفرقاء، لاسيما وأن الثنائي الشيعي وافق في الأساس على اتفاق وقف النار وكل مندرجاته ومقتضياته.
وتتوقع المصادر، فور تشكيل الحكومة الجديدة في أسرع وقت كما يتم العمل عليه، أن يصار دولياً وعربياً إلى انعقاد مؤتمر دولي لدعم الجيش اللبناني الذي يحتاج إلى دعم واسع للقيام بمهمته، وقد أحجمت الدول الكبرى عن عقد مؤتمر لهذا الغرض سابقاً مشترطة وجود سلطة من رئيس جمهورية وحكومة بالشكل المطلوب دولياً وعربياً. تماماً كما كان موقف الدول بالنسبة إلى مساعدة لبنان اقتصادياً لدى انهياره قبل ستة أعوام.
وأكدت المصادر، أن الخطوة التالية بعد الاستجابة اللبنانية للتوجه الدولي، أن يفي المجتمع الدولي بوعوده للبنان من دعم للإعمار وللاقتصاد وللجيش تمهيداً لوضع البلد في مرحلة الازدهار. إلا أن المطلوب من المسؤولين لغة جديدة في التعبير عن احتياجات لبنان دولياً، وما يمكن لها أن تنعكس إيجاباً على مناخ الاستقرار الإقليمي.
وتحدثت المصادر عن أهمية تشكيل حكومة قبل العشرين من كانون الثاني الجاري، بحيث من خلالها يمكن مواكبة بدء ولاية الرئيس دونالد ترامب في الولايات المتحدة، وتعزيز العلاقات اللبنانية-الأميركية، وتقوم بكل ما يتطلبه النهوض بلبنان. ثم هناك الاستحقاقات الداهمة في الدول المحيطة بلبنان، لا سيما في سوريا، وتنافس القوى في المنطقة في اللحاق بمسار تعزيز الحضور لدى الدول التي تمر بتغييرات سياسية جوهرية.