غضبَ عون من موقف دياب الرافض إقرار خطة الكهرباء المتضمنة إنشاء معمل سلعاتا لتوليد الطاقة الكهربائية. وبموجب صلاحياته، أراد عون إعادة طرح الموضوع على التصويت، بعد سقوطه في تصويت سابق. فهدد دياب بالاستقالة، وتزايد غضب عون. وتدخل حزب الله لترتيب الخلاف ومنع انفجار الحكومة، فنجح في ذلك.
لكن تراكم الخلافات بين عون ودياب يتزايد ويهدد بالانفجار: خلاف على الخطة المالية والاقتصادية. خلاف على التعيينات، وصولاً إلى خطّة الكهرباء.
وفي لبنان المرحلة الراهنة، لا بد من النظر إلى الخلافات التفصيلية الصغيرة، بربطها بما هو أوسع وأكبر وذو أبعاد إقليمية. وفي هذه المرحلة لا يمكن تتفيه أي مطب صغير، أو خلاف. فالخلاف على خطة الكهرباء ينطوي على خلاف سياسي أكبر منه: تطبيع العلاقة مع النظام السوري، مثلاً.
وأثار الخلاف على مشروع معمل سلعاتا، وإقرار الحكومة خطتها من دونه، استغراب سفراء كثيرين يتابعون عمل الحكومة، خطوة خطوة. واستغرب السفراء خروج وزير الطاقة ريمون غجر على مقررات مجلس الوزراء، وإصراره على سلعاتا من جديد. وهذا ما يدفع السفراء إلى التدخل أكثر فأكثر، في تفاصيل هذه المسألة.
يشبه مسار الخلاف على الكهرباء، الخلاف على الوضع المالي والاقتصادي، والصراعات الدائرة حول الصرّافين وتوقيفهم، والحرب بين الحكومة وحاكم مصرف لبنان.
وهذه الملفات حضرت في لقاء رياض سلامة والرئيس نبيه برّي. وبعد اللقاء مباشرة أخلي سبيل مدير العمليات النقدية في مصرف لبنان، مازن حمدان، لقاء كفالة مالية. لم تنجح الحكومة، إذاً، في تلبيس تهمة التلاعب بسعر صرف الدولار لحاكم مصرف لبنان. وكادت تُفتح حرب من نوع آخر، لتفضح الكثير من الخبايا. ولكن، كان لا بد من لملمة الملف وتداعياته، على الطريقة اللبنانية الدائمة.
على الخط البياني نفسه، جاءت زيارة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إلى سوريا، في خطوة استجابت سريعاً دعوة حسن نصر الله لتطبيع العلاقة مع النظام السوري. وترافقت الزيارة مع إرسال عون رسالة إلى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، في ترجمة سريعة للانفتاح اللبناني على “السوق المشرقية”: لبنان وسوريا والعراق. وهي سوق أفتى نصرالله أيضاً بضرورتها للبنان لحل أزماته.
لقاء إبراهيم بالمسؤولين السوريين، خطوة تتحدّى الولايات المتحدة الأميركية العازمة على تطبيق “قانون قيصر” على النظام السوري والمتعاونين معه. أما رسالة عون إلى الكاظمي، فتنطوي على إشارة إيجابية للأميركيين: بحث لبناني عن تسوية مماثلة لما شهده العراق، تقيم تهدئة في لبنان.
هذه التحركات لا بد أن تؤدي إلى صدامات كثيرة، داخلياً وخارجياً. الأميركيون لن يتراجعوا عن ضغوطهم. محاولات عدة جرت لتخفيف هذه الضغوط والبحث عن تسويات، لكن من دون أي استجابة أميركية. وما يسري على سوريا ينعكس في لبنان بالضرورة، خصوصاً إذا استمرت مساعي التطبيع اللبناني مع النظام السوري.
وحسب معطيات مختلفة، تحفل الأسابيع والأشهر المقبلة بتطورات كثيرة على الساحة السورية، وستكون لها انعكاساتها المباشرة على لبنان.