تستبعد مصادر ديبلوماسية أن تؤدي مساعي “الخماسية” الى اختراق حقيقي في الملف الرئاسي خلال شهر أيلول الحالي، حيث هناك محاولة جدية من جانبها لتمرير هذا الملف قبيل اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، وعن طريق فصله عن تداعيات حرب غزة المستمرة منذ ١١ شهراً وتقترب من الذكرى السنوية لاندلاعها في ٨ تشرين الأول ٢٠٢٣.
وتعدد هذه المصادر لـ”صوت بيروت انترناشيونال”، الأسباب الكامنة وراء صعوبة تمرير الملف الرئاسي، والتجاوب مع الضغوط الفرنسية لانتشال المؤسسات من تراجعها، وذلك كالآتي:
-على الرغم من اللقاءات التي حصلت الأسبوع الفائت على مستويات عالية حول لبنان، فإن ملف الرئاسة لا يزال مرتبطاً بقرار وقف النار في غزة. وما لم يعود الملف الرئاسي الى الداخل اللبناني من الصعب تمريره حالياً. فالدول مهما كانت التحديات التي تواجهها، فهي تلتزم بدستورها وتجري الانتخابات الرئاسية. ومثال على ذلك، الانتخابات الأميركية المنتظرة في تشرين الثاني المقبل، والانتخابات الايرانية التي جرت أخيراً، ثم الانتخابات النيابية الفرنسية، حيث الآن هناك مرحلة تشكيل حكومة جديدة في فرنسا بعدما تم تكليف رئيس لها. مع الإشارة الى الأهمية الخاصة للشخصيتين اللتين ستتسلما وزارتي الخارجية والدفاع بالنسبة الى لبنان. وبالتالي، فإن الأدوار الأميركية والايرانية غير المباشرة في ملف لبنان وانعكاساتها عليه تؤثر الى حد ما، في مصير الرئاسة.
-ان حرب غزة التي تنعكس على مجمل ملفات المنطقة ولبنان لا تزال غامضة في مداها الزمني وموعد انتهائها. فالإدارة الأميركية الحالية التي ترغب بإنهائها، لا تقوم بالضغط الهائل على اسرائيل لوقف الحرب، لأنها تخشى أن ينعكس ذلك سلباً على فرص فوز المرشحة الديمقراطية كاميلا هاريس. ورئيس الوزراء الاسرائيلي من جهة ثانية لا يريد وقف الحرب بسبب الاستحقاقات القانونية التي سيواجهها حتماً بعد توقفها. ثم لأنه يستخدم وقف النار لتحدي الحزبين الديمقراطي والجمهوري معاً واستفزازهما. في حال انتظار الملف اللبناني الانتخابات الأميركية سينتظر أشهراً بعد تسلم الإدارة الجديدة مهمتها، لأنه في ضوء ذلك ستحتاج الادارة الى تعيينات إدارية وديبلوماسية جديدة وبعد ذلك ستغوص في ملفات المنطقة. وهذا يشكل خطورة على مصير الرئاسة وتالياً وضع لبنان. كما ان استمرار فرض فريق الثنائي الشيعي لمرشحه أيضاً، قد لا يوصل الى الحل المطلوب، لأنه لا يحظى بالاجماع اللبناني.
-على مستوى الداخل، سجل رئيس مجلس النواب نبيه بري خطوة جديدة لتقليص مدة التشاور بحيث تكون تمهيدية لجلسة مفتوحة بدورات متتالية. لكن ذلك لم يغير شيئاً في موقف “القوات اللبنانية” بالنسبة الى رفضها الحوار قبل الانتخاب. مع الاشارة الى أن نواب عدة يرون إيجابية في الاستفادة من طرح بري لوضعه أمام مسؤوليته في التزام فريقه بعدم تعطيل جلسة الانتخاب مقابل السير في طرحه. حتى الآن لم يطرأ جديد، وكلمة السر الفرنسية-السعودية الى اللبنانيين تحتاج بدورها الى مرونة إيرانية لتمرير ملف الرئاسة بأقل خسائر ممكنة.