ينتظر أن يكون اليوم الأربعاء يوماً تاريخياً بالنسبة إلى الإعلان عن وقف النار بين “حزب الله” وإسرائيل بعد حرب تصاعدت وعنفت منذ شهرين، وبعد سنة تقريباً على حرب كانت مضبوطة بين الطرفين.
واليوم إذا نفذ الطرفان تعهداتهما ستطوى صفحة، وتفتح صفحة جديدة لا تحمل فقط مرحلة جديدة من تنفيذ مندرجات القرار 1701 وحسب، بل أيضاً ستنعكس على الداخل اللبناني حيث يفترض انتخاب رئيس للجمهورية يكون توافقياً حيادياً وسيادياً يرضى به المجتمع الدولي، بحيث يشكل ذلك بداية إزالة الحظر السياسي العربي والدولي عن لبنان، وإعطاء الضوء الأخضر لدعم لبنان ومساعدته للنهوض مجدداً. ولبنان بدوره يفترض أن يلعب دوراً أساسياً في الاستقرار على حدوده والسلام الآتي إلى المنطقة.
وما يجب التوقف عنده هو الكلام الإسرائيلي الدائم حول ضرورة إبعاد “حزب الله” وسلاحه إلى شمال الليطاني وضمانات تفوق ما هو وارد في القرار 1701. إذ تشير مصادر ديبلوماسية بارزة لـ”صوت بيروت إنترناشونال” إلى أن إسرائيل استهدفت “حزب الله” في كل لبنان. واستهدفت كل ما يمت إليه بصلة، إن شخصيات حزبية أو مواقع صواريخ وأسلحة ومخازن. وهي تدرك تماماً أن شمال الليطاني لا يبعد الصواريخ عن مرمى “حزب الله”، لأن الصواريخ يمكن أن تصل إليها من إيران ومن العراق ومن اليمن. لذلك عادت الأفكار المطروحة للحل إلى التركيز على تنفيذ القرار 1701 كاملاً وبصورة دقيقة لا لبس فيها. وهو الأمر الذي تضمنه ميثاق وقف النار.
ومع بدء كل الأطراف المباشرة وغير المباشرة في الحرب وقف النار، فإن عمليات تقييم الربح والخسارة تطغى على الموقف.
وأوضحت المصادر أنه عبر وقف النار والدخول في حل يكون قد جرى فصل تنفيذ القرار 1701 عن مسار الحرب على غزة، مع ما يحمل ذلك من دلالات وأبعاد، لا سيما في ما يتصل بفصل الجبهات ودور “حزب الله” المستقبلي. والأكثر من ذلك، فإن تنفيذ القرار 1701 الذي مضى على استصداره عن مجلس الأمن نحو 19 عاماً، أمر لا مفر منه، ولا عودة فيه إلى الوراء.
القرار 1701 ينص على منطقة منزوع السلاح تمتد من الخط الأزرق إلى نهر الليطاني جنوباً. لكن الأمر في نزع السلاح لن يكون مقتصراً على هذه المنطقة. إذ جاء في الفقرة الثامنة من القرار ما يلي:
– اتخاذ ترتيبات أمنية لمنع استئناف الأعمال القتالية، بما في ذلك إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي أفراد مسلحين أو معدات أو أسلحة بخلاف ما يخص حكومة لبنان وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، وفق ما أذنت به الفقرة 11 وينشر في هذه المنطقة.
– التنفيذ الكامل للأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف والقرارين 1559 و1680 ، التي تطالب بنزع سلاح كل الجماعات المسلحة في لبنان، حتى لا تكون هناك أي أسلحة أو سلطة في لبنان عدا ما يخص الدولة اللبنانية.
وتشير المصادر إلى أن الأولوية في القرار وفق أول درجة، المنطقة المنزوعة السلاح ثم تتوالى الدرجات وصولا إلى نزع السلاح الكامل وأن لا سلطة إلا للدولة اللبنانية على كامل أرضها ولا سلاح إلا للدولة. الآن منطقة عمليات “اليونيفيل” هي التي يجب أن تكون منطقة منزوعة السلاح، والآن باتت ثلاثة أرباعها مدمرة وهذه المنطقة هي ما ورد في الفقرة الفرعية الثانية، ثم نزع السلاح كاملاً في الفقرة الفرعية الثالثة في الفقرة الثامنة في نص القرار.
إذاً سيترتب على الحل الذي يوافق عليه لبنان وإسرائيل انعكاسات شاملة في مقدمها الخارطة الجديدة للوضع الداخلي اللبناني، وإعادة تفعيل دور لبنان على المستوى الإقليمي كعامل استقرار وازدهار، ونقله من السياسات الظلامية إلى النهوض والتطور.