جنود إسرائيليون بالقرب من الحدود مع لبنان. رويترز
تبدي مصادر ديبلوماسية وأخرى سياسية قلقها على الوضع الجنوبي وتالياً اللبناني من جراء التطورات الحالية غداة انتهاء مهلة الستين يوماً للهدنة. وتتجه الأنظار إلى ما سيكون عليه الوضع من الآن وحتى انتهاء المهلة التمديدية حتى ١٨ شباط المقبل، وكيف سيكون أداء الأطراف خلالها تأميناً للبدء بتنفيذ فعلي لاتفاق وقف إطلاق النار.
وتكشف المصادر الديبلوماسية أنه قبل يومين من انتهاء مهلة ال٦٠ يوماً أبلغت واشنطن المسؤولين اللبنانيين أنه لن يكون هناك انسحاب إسرائيلي من الجنوب. إسرائيل ضغطت واستطاعت أن تنفذ ما تريد. فيما لبنان لم تكن لديه جهوزية تامة لهذه الخطوة، أما الإدارة الأميركية الجديدة لم تكن حازمة مع إسرائيل، التي أعلنت أنه لن يكون هناك انسحاب تام. وكان هناك توقع لتحرك معين يوتر الأوضاع.
كان من المنتظر أن الحكومة اللبنانية أن تمنع ما حصل من تدفق للأهالي بهذا الشكل وانفلاشهم في المناطق الأخرى وفقاً للمصادر، في إطار تدبير معين يتم من خلاله تلافي سقوط القتلى والجرحى ومنع الهجمة. لذلك كان يمكن أن لا تُترك الأمور حتى آخر لحظة لحصول تحرك لدى اللجنة الدولية لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار. فضلاً عن ترك الأمور للضابط المحلي في الجيش. بخلاصة الأمور ما حصل هو تخبيص من جانب “حزب الله”، مع أن الأهالي لم يدخلوا إلا إلى المناطق التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي. ثم أن دخول الحزب إلى المناطق “الشرقية” في مواكب لم تساعد صورته، بل على العكس، وإذا كان بقي من المواطنين ما يقول أنه لعب دوراً جيداً في الجنوب، إنما بهذه التصرفات بات الجميع ضده.
وتفيد المصادر لـ”صوت بيروت إنترناشونال”، أن التوقعات تشير إلى أن الحزب سيدفع ثانية بالأهالي لمزيد من الدخول إلى الجنوب بطريقة تشبه ما حصل الأحد الماضي، في حال حصلت أية تراجعات في الموقف من الهدنة التي تمتد حتى ١٨ شباط حيث الموعد الجديد للانسحاب.
وتكشف مصادر ديبلوماسية بارزة، ان لبنان وحتى ١٨ شباط سيكثف اتصالاته مع الادارة الاميركية لكي تضغط على اسرائيل للانسحاب قبل الوصول الى هذا الموعد. وتكثيف الاتصالات سيكون ضمن الآلية المعززة، واذا لم يستجب الاسرائيلي، فإن هناك تخوفاً من تكرار ما حصل الاحد. وما قد يؤثر على الوضع السياسي والامني في البلد بالكامل. فمن حق اللبنانيين العودة الى قراهم، لكن يفترض ان يكون ذلك منسقاً مع الجيش تفادياً لتعرضهم لمخاطر من جهة، وتلافياً لسلوكيات غير محسوبة النتائج في الداخل وعلى مواطنين آخرين لا علاقة لهم بالموضوع.
ثم ان هناك ناحية أخرى، انه اذا لم يتم تنفيذ المطلوب من اسرائيل وكذلك من لبنان بحلول 18 شباط، قد يحمل الأمر تهديداً أمنياً، لا سيما وان التمديد للمهلة مرة أخرى سيكون صعباً للغاية، وليس من المفترض الوصول اليه. بل المفروض، بحسب المصادر، ان يسير اتفاق وقف النار الى الأمام بموازاة تشكيل الحكومة بأسرع وقت ما يؤدي الى بداية ترتيب للأولويات وللوضع الداخلي. وأي مشاكل تربك تنفيذ الاتفاق لن تكون سهلة في انعكاساتها الداخلية، وعلى الزخم الذي يجب ان يتمتع به العهد في بداية أدائه.
الآن هناك خطورة اذا لم تتم معالجة الانسحاب قبل ١٨ شباط، وتكمن أولاً: في ان الحزب يرغب في ان يتحين الفرصة للعودة الى أي شكل من أشكال المقاومة مع محاذير ذلك دولياً وداخلياً. وتكمن ثانياً في استمرار التهديدات الاسرائيلية بالعودة الى الحرب، لا سيما وأن الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب وافق أخيراً على “تحرير” تسليم القنابل من زنة ٣ طن تقريباً الى اسرائيل بعدما كان الرئيس السابق جو بايدن رفض تسليمها لها. وللتذكير هذا النوع من القنابل استخدمته اسرائيل في عملية اغتيال الأمين العام السابق للحزب حسن نصرالله. والموقف الأميركي له مدلولاته.