الجبهة الجنوبية
بعد الانتهاء من عملية تشكيل الحكومة تتجه الأنظار إلى ما ستقدمه إلى اللبنانيين سياسياً واقتصادياً ومعيشياً. إنها حكومة تقع على كاهلها معالجة الأزمات والتقيد بالالتزامات الدولية والعربية، وإعادة لبنان إلى الخارطة العربية والدولية وفك عزلة البلد نتيجة كل السياسات التي اعتُمدت في السابق والتي أدت إلى النأي بلبنان عن العرب والعالم.
البيان الوزاري للحكومة هو دليلها إلى العمل، وهو ما ستنصب على إعداده اللجنة الوزارية التي سيشكلها مجلس الوزراء غداً الثلاثاء في أول جلسة له.
ويفيد مصدر ديبلوماسي ل“صوت بيروت إنترناشونال “، أنه ليس داخل الحكومة أية قدرة تعطيلية. وهذه نقطة مهمة في سياق مواجهتها التحديات التي تحيط بعملها وأدائها. إنها تحديات سياسية لا سيما في مجال تنفيذ كامل لمسار اتفاق وقف النار بما يتضمن من قرارات دولية ١٧٠١–١٥٥٩–١٦٨٠.
ثم هناك المسار الإصلاحي ووقف الهدر والفساد، وهذا شرط دولي آخر مضافاًإلى الشرط السياسي الأول. حتى لو لم يكن شرطاً، فإن من مصلحة لبنان واللبنانيين أن يقوم البلد على أسس الشفافية والمعايير الدولية في الاقتصاد الناجح والمتطور. مع استكمال ما كان بدأه لبنان مع صندوق النقد الدولي لناحية الإجراءات التي تعيد انطلاقة الاقتصاد من جديد، وصولاً إلى أن يكون لبنان مساحة حرية، وبسط سلطة الدولة على أراضيها بالكامل، وتحقيق الاستقرار والازدهار، وهما من المقرر أن يسيرا بالتوازي مع الاستقرار والازدهار الإقليمي والشرق أوسطي. وبالتالي يشكل لبنان أحد أبرز المواقع والعناصر في المنطقة التي توفر هذه المعادلة التي يتم التخطيط لها دولياً.
ولا يستبعد المصدر، أن يكون كلام المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس له أصداؤه في لبنان لجهة ما قالته حول وجوب شكر إسرائيل على ما قامت به، لما يحمله هذا الكلام من رسائل بالنسبة إلى التمهيد والتحضير الأميركي بين لبنان وإسرائيل إلى وجوب حصول صفحة جديدة تضع حداً للعداءات والحروب.لذلك من غير المستبعد أن تكون هذه الحكومة بمثابة من يهيئ لتعبيد الطريق أمام حصول سلام مع إسرائيل ليس الآن، لكن بعد مدة من الزمن. وهذا الأمر لم يعد مستبعداً كما كان الوضع في السابق خصوصاً وأن الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب قد قالت بوضوح أنها ستتابع مسألة توقيع الاتفاقيات الإبراهيمية بين كافة الدول العربية وإسرائيل.
وما الوعود الإسرائيلية التي برزت أمس حول قرار الانسحاب من جنوب لبنان قبل انتهاء المهلة المجددة في ١٨ شباط الجاري، سوى الرضوخ للضغوط الأميركية بأن على إسرائيل إعطاء إشارات إيجابية باتجاه اتفاق وقف النار، وتقديم تنفيذ للالتزامات به من أجل أن يقنع الأمر الجانب اللبناني بأنه لم يعد من الخطر التفكير بطيّ صفحة الماضي معها والانطلاق بصفحة جديدة مع الوقت وتنفيذ مقتضيات الاتفاق وليس من دون ذلك، أي مع انجاز الانسحاب الاسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة.
وإمكان الوصول إلى ذلك، فيما بعد لن يكون مقتصراً على لبنان بمفرده، بل سيأتي في إطار أشمل وتعنى به كافة الدول العربية لاسيما تلك المحيطة بإسرائيل. والتحضيرات الأميركية في هذا المجال بدأت ولن تتوقف، بحيث يبقى لبنان آخر دولة توقع اتفاقاً مع اسرائيل.
وكشف المصدر، أنه جرى الأخذ بموافقة واشنطن على أسماء الوزراء الشيعة.وواشنطن أيضاً وافقت لأنها كانت مدركة أن الوزراء كافة لن يكونوا حزبيين، على الرغم من أن تصريح أورتاغوس في القصر الجمهوري كان واضحاً بالنسبة إلى عدم توزير أشخاص تابعين ل“حزب الله“.
واستبعد المصدر أن يصار إلى التعطيل من جانب وزير المالية ياسين جابرالذي أعلن أنه لن يكون معطلاً ولا ينتمي لأي حزب. وأبدى المصدر اعتقاده، أنه لن يكون هناك تعطيل وأن المظلة الدولية ستبقى تخيّم فوق لبنان وحكومته وأدائها، مع كافة الضغوط اللازمة عند الحاجة.