تحدثت الوثيقة اللبنانية التي أصدرتها الحكومة قبل نحو ثلاثة أسابيع اثر التدهور آنذاك واثر استهداف الضاحية الجنوبية والتهديد الاسرائيلي بحرب شاملة على لبنان، عن خفض التصعيد الفوري، وصولاً الى استكمال تنفيذ القرار 1701 بشكل كامل ومتكافئ، فما موقف “حزب الله” من الورقة وهل سجل نقاطاً على صعيد بداية التنفيذ؟
لاحظت مصادر ديبلوماسية بارزة أن مستوى التصعيد بين “حزب الله” وإسرائيل قد انخفض منذ الخطاب الأخير للأمين العام للحزب حسن نصرالله بعيد الرد على اغتيال القيادي فؤاد شكر. حتى وان زاد معدل التصعيد قليلاً، فإن الأمر عاد ليكون مضبوطاً ضمن قواعد الاشتباك التي سارت بالتزامن مع الحرب على غزة.
وتشير المصادر، ان الورقة اللبنانية التي أصدرتها الحكومة حول التزام لبنان تنفيذ القرار 1701 وخفض التصعيد كانت أساسية في المباحثات الدولية مع لبنان حول الوضع الجنوبي، وكشفت ان “حزب الله” اتخذ سلسلة خطوات تصب في خانة بدء التزامه في هذه الورقة، لا سيما في مسألتين أساسيتين هما: أولاً: العمل على خفضه للتصعيد. وبالفعل تراجعت وتيرة الأعمال العسكرية منذ نحو العشرة أيام حتى الآن.
وثانياً، الحزب أعلن تأييده لنشر الجيش في الجنوب تأييداً بدوره لورقة الحكومة. لكن حتى الآن ليس واضحاً بعد الطريقة التي سيتم نشر الجيش من خلالها في الجنوب من ضمن إعادة انتشاره في المناطق اللبنانية كافة. اتُخذ قرار تطويع 1500 جندي، الا أن هذه الخطوة يلزمها تمويل يصل الى حد الستة ملايين دولار على أساس ان كل جندي يحتاج الى ما قيمته 4000 دولار أميركي لكي يصبح جاهزاً للعمل. بالتالي، ليس واضحاً من هي الجهة الدولية التي ستدعم الجيش وتموله للقيام بهذه المهمة. ولم يعلن بعد عن أي مؤتمر دولي لهذه الغاية، وقد يستمر هذا الواقع ربطاً بمصير الحرب على غزة.
وتوقفت المصادر، عند كلام نصرالله حول سحب الصواريخ الدقيقة والبالستية من الجنوب. اسرائيل أعلنت أنها قصفت قواعد الصواريخ، وطبعاً في حربها هذه لم تستغنِ عن الدعاية السياسية والاعلامية. فهل يصب هذا الكلام في إطار أيضاً تنفيذ الورقة اللبنانية؟ وهل يحمل رسالة سياسية مفادها الاستعداد لمباحثات جدية حول الاستقرار وإنهاء الحرب وفتح باب الحديث عن القرار 1701، وهو الأمر الذي طلبه كافة الموفدين الدوليين من لبنان؟
من المؤكد بالنسبة الى المصادر ان الحرب الشاملة على لبنان لم تعد واردة على الأقل حالياً. إنما تستمر الحرب في غزة والضفة الغربية. وضع لبنان سيبقى مضبوطاً في إطار خفض التصعيد والتحضير للتهدئة. والموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين لن يزور لبنان حالياً الا إذا حصل تقدم جوهري في عملية التفاوض حول وقف النار في غزة. ذلك ان وقف النار في غزة ونجاح التفاوض الذي تقوده كلاً من الولايات المتحدة وقطر ومصر، سيحتم على هوكشتاين العودة الى لبنان واسرائيل سريعاً.