الجيش اللبناني في الجنوب
السؤال الذي تطرحه أوساط ديبلوماسية بارزة هو ما مصير موضوع الاستراتيجية الدفاعية التي كانت مطروحة وبالشكل الذي طُرحت فيه سابقاً، حيث أن كل القوى اللبنانية تجلس إلى طاولة حوار لبحث هذه الاستراتيجية وبحث موضوع مرجعية قرار السلم والحرب.
تؤكد مصادر ديبلوماسية غربية معنية دولتها برعاية الوضع اللبناني واستكمال تنفيذ اتفاق وقف النار، أن الحوار بين اللبنانيين دائماً مطلوب لتحقيق كافة الأهداف المطلوبة داخلياً ودولياً. لكن في موضوع الحوار حول الاستراتيجية، فإن الأمر لم يعد كما كان قبل الحرب الإسرائيلية على “حزب الله”. اليوم إن اتفاق وقف النار ساهم في خلق الاستراتيجية الدفاعية الحقيقية للبنان، وبلورها خطاب القسم للرئيس جوزف عون والبيان الوزاري. إذ لم يعد هناك من موجب للحوار حول الاستراتيجية الدفاعية ولا حاجة إليها، بعدما بات قرار السلم والحرب في يد الدولة حصراً، وبعدما بات هناك حصرية للسلاح أيضاً في يد الدولة. وبالتالي، كل الأمور باتت واضحة ولن يكون هناك استراتيجية أوضح مما تحقق ومما يجدر بلبنان تنفيذه. وهو بكل بساطة ما نص عليه اتفاق وقف النار أي مصادرة السلاح غير الشرعي وحصر السلاح بيَد الدولة.
في السابق، أشارت المصادر، إلى أن الاستراتيجية الدفاعية كانت مطلوبة دولياً والحوار حولها، عندما كان المجتمع الدولي يعتقد أن الصورة التي قدمها الأمين العام ل”حزب الله” ومن خلفه إيران عن القدرات العسكرية التي يمتلكها الحزب واقعية، حيث كان يتحدث عن قدرته على احتلال تل أبيب، وأنه يملك 100 ألف صاروخ بعيد المدى. وقد تبين لاحقاً للمجتمع الدولي وفي ظل الحرب أن هذه القدرات جرى تضخيمها والمبالغة بها، الأمر الذي أسقط من حسابه أن هذه القدرات لا يمكن تحطيمها. وعندما وصلت الحرب الإسرائيلية إلى نتائجها المعروفة لم يعد البحث عن الاستراتيجية الدفاعية مطلباً لا بل أن الوقاع تخطته لتفرض الإرادة الدولية فرضاً على الواقع اللبناني. ولم يعد، بالتالي، هناك مكان للاستراتيجية الدفاعية، الا بما نص عليه اتفاق الطائف وخطاب القسم والبيان الوزاري.
ما يحصل الآن على الخط الديبلوماسي اللبناني-الأميركي هو الآتي:
– الطلب اللبناني المستمر بانسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب والنقاط المحتلة دون شروط وتنفيذ القرار 1701.
– الطلب الأميركي إلى لبنان باستكمال نشر الجيش جنوباً وتوسيع مهمته في مصادرة السلاح في كل لبنان، وبسط نفوذه على الحدود الشمالية والشرقية.
-هناك مسعى أميركي من أجل التفاهم غير المباشر بين لبنان وإسرائيل على ملف الحدود البرية. حيث هناك 13 نقطة كان متنازعًا حولها، منها ٧ نقاط كان جرى تفاهم مبدئي حولها قبل حرب الإسناد، عبر اللجنة الثلاثية في الجنوب، والآن يضاف إليها النقاط الخمس داخل الأراضي اللبنانية والتي تحتلها إسرائيل ولم تنسحب منها. والجهد الأميركي في ذلك يتزامن أيضاً مع جهد فرنسي لهذه الغاية. وذلك في إطار اللجان الثلاث التي هي قيد الإنشاء لهذا الغرض.
– هناك ضغوط قوية من واشنطن لاستكمال لبنان تنفيذ اتفاق وقف النار، على اعتبار أن ذلك يساهم في الضغط على إسرائيل للانسحاب، كما أنه يعطي الأطراف اللبنانية المعنية انطباعاً أن الديبلوماسية يمكن أن تحل المشاكل مع إسرائيل. وهذا ما أكد عليه التحرك اللبناني الرئاسي لاستعادة الأسرى، هناك أولوية أميركية لحل المشاكل العالقة مع إسرائيل كافة.