الخميس 9 شوال 1445 ﻫ - 18 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

دولة الحلول الأمنية.. قبل السقوط!

الأنظمة البوليسية تتشابه استراتيجيتها الدفاعية، فهي عندما تصبح على مشارف السقوط، تبدأ أولاً بعزل مقراتها بجدران شاهقة تتخفى خلفها وتحتمي بترسانة عسكرية تطوقها من كل حدب وصوب، وهذا فعلاً ما حصل منذ أشهر في محيط الرئاسات الثلاث.

أما في المرحلة الثانية تسعى لتُحكم قبضتها على القضاء ليصبح أداةً سلطوية للترهيب، وتطلق عنان الأجهزة تفبرك وتطلق الشائعات مختصرة دورها بتأمين الحماية الاستباقية للسلطة وليس للوطن.

 

ولا بد من الإشارة الى ان سلوك الدولة البوليسية يحول الدستور الى وجهة نظر، حيث يُنصِب الحاكم الى جانبه “مُفتياً” دستورياً وقانونياً يلائم ويوازن بين النص والحاجة، ومن أجل تأمين المناخ القضائي المناسب لا بد من تطيير التشكيلات القضائية التي أجراها مجلس القضاء الأعلى باستقلالية وحياد.

من الواضح ان “السلطة” قررت استخدام الحلول الأمنية في كل شيء، لمواجهة ارتفاع سعر صرف الدولار أوقفت معظم الصرافين الشرعيين منهم وغير الشرعيين، لفض التظاهرات الشعبية أُنزِل الجيش بكل ألويته الى الشارع لزجه بمواجهة مع المواطنين، ومن اجل طمس كشف الحقائق أطلقت المنظومة الأمنية بوجه الصحافيين والناشطين.

ولكن النتيجة كانت فشلاً ذريعاً بكل تلك الحلول الأمنية فلا الدولار انخفض ولا الناشطون انهزموا ولا الصحافيون صمتوا.

من هو العبقري الذي نصح بأن انهيار سعر صرف الدولار يعالج بالأمن؟ ومن قال ان قضية الحريات تكبحها بضع ازلام لدى السلطة؟ وكيف تواجه جائع بالتهديد والوعيد؟ ألا يعلم “العباقرة” ان الناس لا تخاف الديكتاتور والشواهد لا تحصى ولا تعد؟ لماذا لم تكن الحلول الأمنية على الحدود لوقف التهريب الذي استنزف مقدرات الوطن؟ وأين كانت الحلول الأمنية لمنع “الرعاع” من غزوة بيروت ومن الاعتداءات على المتظاهرين السلميين؟

 

باتت “المنظومة” مكشوفة امام الراي العام، فهي تتخبط يميناً ويساراً، تدرك مصيرها وترى نهايتها، تستذكر نهاية المنظومة الأمنية اللبنانية السورية التي سبقتها بالانهيار، فهي لم تعد تمتلك سوى الهروب الى الأمام تارة عبر “حوار” مزعوم وتارة أخرى بفتح ملفات فساد سرعان ما يتم طمسها، وتطلع الى إلهاء الناس بالبحث والتجسس على الأحرار ومحاولة إيجاد خيط رفيع لبناء تهم عمالة او إرهاب وإذا لم توفق تلجأ الى الاستدعاء تحت عنوان “القدح والذم”.

المحزن في الأمر ان هذه المنظومة في سياستها تستكمل تدمير هيكل الوطن وتزيد من معاناة المواطنين الذين باتوا بين عاطلين عن العمل وبين الساعين للهجرة والهروب من وطن “السجن الكبير”، الا ان المفرح في الأمر ان كل “منظومة” سبقت ان لعبت لعبة الآمن مقابل البقاء انتهت وزالت دون عودة ولعنها التاريخ الف مرة ومرة، ويكفي اننا كلما تذكرنا حقبة الاحتلال السوري للبنان تتوارد الى اذهاننا صدمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري قبل ان نبتسم ونحن نستذكر قوافل الاحتلال تندحر من بوابة المصنع ومظاهر الذل والبؤس ترافق مرتزقة القرداحة المنسحبين.