الخميس 16 شوال 1445 ﻫ - 25 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

مستشفى رفيق الحريري الدّوليّ شاهِدٌ على اغتيال الحُلم

في زمن تفشّي وباء فايروس “كورونا” في لبنان، يستذكر اللّبنانيّون الرّئيس الشّهيد رفيق الحريري وإنجازاته على مستوى الوطن، مِن أقصاه الى أقصاه.

فهذا الرّجُلُ الاستثنائيُّ الّذي مرّ في تاريخنا، أراد أن يكونَ لبنانُ حُلُماً استثنائيّاً وليس وطناً عاديّاً، إلّا أنّ أعداءَ لبنان اغتالوه لأنّهم لا يريدون لبنانَ وطَناً، بل يريدونه ولايةً تابعةً لمشروع مذهبيّ متطرّفٍ، لونه أصفر قاتم وتنوعّه أهل ذمّة.

في هذا الزّمن القاتم حيث ينتشر الوباء ويحوم الموت في سماء لبنان، كلّ الأنظار توجّهت إلى مستشفى رفيق الحريري الدّوليّ كملاذٍ وَملجأ، وبات بسحر ساحرٍ كلُّ مَن يعمل في هذا المستشفى جنديّاً بمواجهة الفايروس المستشري، وفِعلاً كان هؤلاء على مستوى التّحدّي ولا يزالون يعملون بكلّ تفانٍ وإخلاص منعزلين عن عوائلهم ومجتمعهم، غير عابئين بالمخاطر المحيطة، همُّهم إنقاذ كلّ إنسان مُصاب بذاك الدّاء المتوحّش. وهنا، تتجلّى ثقافة الرّئيس الشّهيد، والرّؤيا الوطنيّة الّتي أرساها، فالشّهادة ليست وجهةَ نظر بل هي أسمى درجات المواطنة والعطاء.

معركة انقاذ لبنان!

إنّ هذا المستشفى شاهدٌ على مشروع الشّهيد الحريري ببناء بنية تحتيّة متكاملة للبنان، من المطار إلى المستشفيات الحكوميّة والجامعة اللّبنانيّة وشبكة الطّرقات والكثير الكثير منَ المشاريع المستدامة الهادفة لتعزيز الأمن الاجتماعيّ للمواطن، وإرساء مبدأ الدّولة الرّاعية العصريّة والمنفتحة على الخارج.

مستشفى الحريري الّذي تتوجّه إليه كلّ الأنظار اليوم، كان قبل أسابيع قليلة مَنسيّاً ومهمَّشاً، تجهيزاته وصيانته تعود إلى عهد الحريري الأب، ففي حين تعاقبت حكومات عديدة للحريري الابن، إلّا أنّ ظروف هذا المستشفى باتت تتراجع إلى حدٍّ بات على حدود الخروج عن الخدمة نهائيّاً لولا نضال العاملين فيه، والّذين مرّت سنوات ولم يتقاضوا أجورهم حتّى.

الحكومات المتعاقبة

والمفارقة المثيرة للتّساؤلات ما كشفه وزير الصّحّة الأسبق غسّان حاصباني عن قرض ميسّر بقيمة 150 مليون دولار من البنك الدّوليّ والبنك الإسلاميّ والمخصَّص لوزارة الصّحّة بهدف تطوير وتأهيل المستشفيات الحكوميّة وعلى رأسها مستشفى رفيق الحريري، حيث توقّف هذا القرض مع وزير الصّحّة السّابق محمد جبق لأسباب سياسيّة كما يقول.

إلّا أنّ اللّافت في الموضوع، إعلان جبق أنّ سبب الرّفض جاء لأنّ البنك الدّوليّ طالب بشروط لا يمكن للبنان أن يقبلها، وأنّ رئيس الحكومة سعد الحريري على بيّنة من الأمر، ليتبيّن لاحقاً أنّ الشّروط هي إصرار البنك الدّوليّ على شركة TPI ، والّتي تراقب صرف الأموال بشفافيّة وبشكل متوازن مع المناطق.

الجامعة والمطار أيضاً!

مصير الإهمال الّذي واجهه مستشفى رفيق الحريري الدّوليّ لم يكن أفضل من المبنى الجامعيّ الضّخم، والّذي كان مُصمّماً ليكون صرحاً تربويّاً وطنيّاً هو الأعظم في لبنان، ويحاكي الجامعات في العواصم الكبرى في العالم، فها هو اليوم بات يخضع لسيطرة قوى الأمر الواقع، وبات على طريقة الجامعات الخمينيّة تزيّنه أعلام حزبيّة ومذهبيّة، وغابت عنه الرؤيا الوطنيّة التّقدّميّة الّتي أرادها الرّئيس الشّهيد.

وهنا الأسف الكبير، مطار بيروت الّذي أراده نافذة لبنان إلى العالم، بات طريقًا للمشروع الإيرانيّ وممرّاً لسلاح ومقاتلي حزب الله، ففي وقت كانت رؤيته واسعة لتطوير الاقتصاد اللّبنانيّ وجعل لبنان نقطة الوصل بين العالمَين العربيّ والدّوليّ، فَإذ به يضيق ويتحوّل إلى طريق يربط الضّاحية بطهران.

ولابدّ من التّوقّف على التّدمير الممنهج لإرث رفيق الحريري كلّه، اغتالوه مرّةً، ولم يكتفوا لأنّهم اكتشفوا أنّ رفيق الحريري كان حُلماً لبنانيّاً ولا بدّ من خطف هذا الحُلم، فهم لا يعلمون أنّ في الحرب جولات، وأنّه إذا للباطل جولة فللحقّ ألفُ جَولةٍ وجولة، وأنّ لبنان سينتصر في نهاية المطاف.