الثلاثاء 12 ذو الحجة 1445 ﻫ - 18 يونيو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

هل دخل لبنان في أتون الدولة الفاشلة؟

يعاني لبنان من عدم القدرة على تكوين السلطة لا سيما في مجال تشكيل الحكومة، كما يعاني من كونه على عتبة إنهيار مالي و إقتصادي كبير، و من الفساد الإداري و غير الإداري، هذا فضلاً عن السلاح المتفلّت و التهريب و وجود دويلة مسلحة ضمن الدولة، و نوع من أنواع العزلة العربية و الدولية، و غير ذلك من المشاكل الحقيقية التي تهدد وجوده و كيانه و سيادته. فهل يمكن اعتبار لبنان على شفير الدولة الفاشلة بفعل سلوك المسؤولين و الأفرقاء فيه أم أنه لم يصل بعد الى هذه المرحلة. و هل الفشل موجود في القانون الدولي أم أنه تقدير سياسي أو تقدير موضوعي يوفي كل عوامل الفشل. و هل إذا تدخلت دولة ما لمنع الفشل في الدول الفاشلة، يشكل ذلك مسوغاً لتدخل دولة أخرى تحت العنوان ذاته؟

مصدر ديبلوماسي بارز، أوضح لـ”صوت بيروت انترناشونال”، كافة المعطيات و المؤشرات حول الدولة الفاشلة و قال: ليس هناك من جهة أو مرجعية نعود إليها لتقييم ما إذا كانت الدولة فاشلة أم لا. مبدئياً يوجد انطباع عام أن الدولة التي تكون فاشلة تتميز بما يلي:

-أن تكون سلطتها المركزية غير مسيطرة على كل البلد، و أن تكون سلطتها هذه ليست المسؤولة الوحيدة عن البلد، بحكم وجود ميليشيات و إرهابيين مثل الصومال. إذ في هذه الحالة لا دور للسلطة المركزية. و هذا عنصر أساسي حيث لا تستطيع الدولة التحكم بتنفيذ سلطتها على الأرض حيث هناك آخرين أقوى منها على الأرض أو لم تعد هي القوة الحصرية لتحقيق السيادة و الأمن و فرض القانون. في لبنان شرعت الحكومات المتعاقبة دور “حزب الله” أو اعتبرت أن المقاومة لها وضع خاص و موجودة في البيان الوزاري. و لا يُخفى على أحد سلطة “حزب الله” في القرار السياسي و على الحدود مع سوريا و داخل الإدارات.

-لا يعود باستطاعة الدولة أن تقوم بتقديم الخدمات الأساسية كالكهرباء و المياه و تحصيل الضرائب. عمليات تحصيل الضرائب تراجعت في لبنان، لكنها لم تتدهور.

– حصول عمليات إجرام قوية، و وجود لاجئين على أراضي الدولة يمكن اعتبارهم غير منضبطين.

– الفساد، الدول الأفريقية عانت من الفساد و لبنان يعاني منه أيضاً.

– أن لا تفرض الدولة سلطتها على حدودها و لا في الداخل. أراضي الدولة سائبة لكل أنواع القوى غير الشرعية و غير الوطنية. لم يصل لبنان إلى هذا الحد و لكن لديه معاناته من عمليات التهريب، و الإحتيال كالذي حصل في الكبتاغون المهرّب داخل الرمان إلى المملكة العربية السعودية من سوريا. فضلاً عن ما يحصل من تهريب للمواد التموينية من نفطية و غذائية إلى خارج الحدود.

– العجز عن اتخاذ قرارات سياسية كبيرة. بالنسبة الى لبنان هناك عجز مستمر حتى الآن عن تأليف حكومة ضمن مسار إنقاذي للبلد وفق المبادرة الفرنسية. و هناك مساع دولية لتحقيق ذلك. و كثرة المساعي يعني وجود عجز ما في مكان ما.

– عندما لا تدفع الدولة ديونها و إلتزاماتها المالية.

– عندما تنعزل الدولة عن العالم ما يؤدي إلى شلل نشاطاتها لا سيما مؤسساتها، كما يزيد الأمر من الإجرام.

– عندما تنفجر الدولة من الداخل و تتفتت و كل جهة تحصل عن جزء من السلطة.

و هناك أربعة أنواع من الدول التي حالتها تكون سلبية. الأولى فاشلة لا تسيطر على شيء و لا تقدم شيء و تورد الإرهاب. و الثانية الأقل سلبية هي الضعيفة، و الأقل المتفككة، و الأقل التي تعاني من فراغ معين.

المجتمع الدولي يتدخل في مثل هذه الحالات، لقد تم وضع حاكم على تيمور بعد رفض وايستيمور أن تكون جزءاً من أندونيسيا. و عندما عانى السودان من فلتان على كل المستويات، جاء الوزير الفرنسي آنذاك كوشنير ليطلق نظرة مبتكرة عنوانها “واجب التدخل”، بحيث أنه إذا كانت الدولة فاشلة، على الدول الحامية القيام بواجب التدخل و عدم تجاهل الأمر لكي لا يسيطر الإجرام. في التشاد تدخلت فرنسا تحت هذه النظرية و أرسلت جنودها، و على أساس الوضع الإنساني و الواجب الأخلاقي. و تم اختراق القانون الدولي و التدخل لم يحصل استناداً إلى طلب الأمم المتحدة، أو طلب الدولة المعنية. و هذا النوع من التدخل هو أحد أنواع التدخل الثلاثة.

أما نوع التدخل الثاني فهو بحجة فشل التدخل عبر القانون الدولي، و بما أن الوضع لا يحتمل و لا يجب التدخل من دولة وحدها، فيتم التدخل كما حصل بالنسبة الى موضوع كوسوڤو.

و نوع التدخل الثالث عندما تقول الأمم المتحدة بأن دولة ما هي فاشلة، فيصبح التدخل الدولي مضموناً و أسهل. و مثل على ذلك صوماليا. و لتدخّل الأمم المتحدة نوعان: إما تحت الفصل السادس من ميثاق المنظمة الدولية أي أن الدولة المعنية تطلب التدخل لحفظ السلم، أو تحت الفصل السابع من هذا الميثاق حيث لا تطلب الدولة ذلك، بل يتم فرض التدخل بالقوة. و بما أن هناك “ڤيتو” في مجلس الأمن، فقام كوشنيرباختراع “واجب التدخل”. روسيا تدخلت في سوريا بناء على طلب النظام السوري و هذه مسألة أخرى. فما هي نسبة وجود كل هذه العناصر في بلد مثل لبنان؟