الثلاثاء 14 شوال 1445 ﻫ - 23 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

هل فتحت معركة وراثة نبيه بري؟

من الصّعب أن نتخيّل مجلساً نيابيّاً في لبنانَ لا يرأسُه نبيه برّي، وهو الّذي ارتبط اسمُه بهذا المنصب حتّى عند انتخاب مجالس نيابيّة لم نرَ أيَّ نائِبٍ تجرّأ وتقدّم بترشيحه، ولو لضرورات المظاهر الدّيمقراطيّة، حتّى أنّ الكثيرين لا يعلمون أنّ قصرَ “عين التّينة” هو مقرّ لرئاسة مجلس النّوّاب وليس مَنزلاً للرّئيس برّي، وهذا أمرٌ طبيعيٌّ كون الرّجل تربّع على هذا العرش منذ العام ١٩٩٢.

إلّا أنّه وفي المرحلة الأخيرة، بدا وكأنّ هناك مَن يسعى ليكون خلفاً محتملاً في حال حصل أيّ متغيّر سياسيّ في لبنانَ، وهنا تعتبر أوساطٌ سياسيّةٌ أنّ حزبَ الله لا يريدُ أن يكونَ الوريث المباشر لرئاسة مجلس النّوّاب، كون هذا الأمر لا يمكنُ أن يمرّ عَربيّاً ودوليّاً نَظراً لتصنيفه تنظيماً إرهابيّاً، وهو يدرك تَماماً تبعات هذا الموضوع، لذلك يسعى لشخصيّة تدور في فلمه ولها طابع مدنيّ.

وتشير تلك الأوساط إلى أنّ الحزب لم يعد يرغب بأن يكونَ الرّئيس المقبل للمجلس من حركة أمل كون مشروعه المقبل على السّاحة الشّيعيّة ابتلاع جمهور الحركة وفرض الأحاديّة الحزبيّة على المستوى السّياسيّ وعلى المستوى الدّينيّ وتَحديداً إنهاء مرجعيّة جبل عامل وتعميم المذهب الخامنئيّ. وما يريح الحزب في هذا السّياق هو غياب أيّ وريث مباشر لبرّي حيث أنّ أبناءَه لم يدخلوا عمق التّجربة السّياسيّة، في حين تقول الأوساط أنّه لم يعد يرغب بالتّرشّح للانتخابات المقبلة، وبات يميل إلى التّقاعد، وهو يبحث بين كوادر الحركة عن خلفٍ له.

إبراهيم والسّيّد!

في المقابل، يبرز كلّ من اللّواء عبّاس إبراهيم والنّائب جميل السّيّد، وكأنّهما ينتظران على مقاعد الاحتياط، وتمّ بكامل الجهوزيّة لدخول نادي الرّئاسات الثّلاث، وتشير المعطَيات إلى أنّ برّي، وفي حال انحسار الخيارات، يميل إلى عبّاس إبراهيم ويرفض رفضاً قاطعاً السّيّد، في حين يميل الحزب إلى السّيّد، وهو يعتبر أنّه من خلال هذا الأمر يكون سدّد حساباً للنّظام السّوريّ الّذي يعطيه شرعيّةَ البقاء، وفي الوقت نفسه يتخوّف الحزب من تشعّب علاقات اللّواء إبراهيم على المستويَين الإقليميّ والدّوليّ.

ومن الواضح أيضاً أنّ اللّواء جميل بات يخوض سلسلة معارك سياسيّة بعناوينَ مختلفَةٍ ولكن بهدف كسب تأييد حزب الله والتّيّار الوطنيّ الحرّ له من جهة، ولإضعاف برّي وتعريته بتهم الفساد من ناحية أخرى.

وفي هذا السّياق تتساءل مراجعُ سياسيَّةٌ عن إذا ما كان هذا الصّراع سيطيح بإمكانيّة إجراء انتخابات نيابيّة مبكرة، وما هو مصير الكثير من ملفّات الفساد الّتي ارتبطت أسماء أفراد من عائلته بها.

وراثة أُخرى

بعيداً عن المجلس النّيابيّ، ثمّة وراثة أُخرى لمرحلة ما بعد برّي تتعلّق بالمجلس الإسلاميّ الشّيعيّ الأعلى الّذي لا يزال يُعاني من الضّعف منذ غياب الشّيخ محمد مهدي شمس الدّين، الّذي اختلف كَثيراً مع برّي ولكن من دون أن يذهب بالمجلس إلى أحضان “حزب الله”، الحزب قد يريد القبض على هذا المجلس ليستكمل إدارة الطّائفة الشّيعيّة سياسيّاً ودينيّاً ورسميّاً، ولكن هذا القرار يحتاج إلى آليّة للتّطبيق قد لا يكون الحزب قد اتّخذ الخيارات النّهائيّة المتعلّقة بها بعد، على الرّغم مِن أنّ المسألة ليست صعبة بالنّسبة إليه.

الرّئيس برّي ليس غافِلاً طبعاً عمّا يُحكى عن مسألة خلافته ووراثته. هو الّذي كان شريكاً في صناعة أكثر من رئيس للجمهوريّة وأكثر من رئيس للحكومة وأكثر من مجلس وزراء وأكثر من مجلس نوّاب، لن تفوتَه هذه المسألة، ولكنّ السّؤال المطروح هو ما إذا كان يعمل جدّيّاً على صناعة عمليّة وراثته. هل سيعمل على نَقل “السُّلطات” الّتي بين يديه؟