السبت 25 شوال 1445 ﻫ - 4 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

"أشعر بالوجع".. حفار قبور برازيلي يروي مآسي كورونا

تتواصل القصص المأساوية التي يخلفها تفشي فيروس كورونا الذي أودى بحياة أكثر من 475 ألف شخص حول العالم وإصابته المسجلة تقترب من ملامسة الـ10 مليون .

يعيش إيزاياس ناسيمنتو حياة مزدوجة، فهو حفار قبور في النهار وقس إنجيلي في الليل، يساعد الأسر الفقيرة على دفن أحبائهم ويعظ الناس في ماناوس، في قلب منطقة الأمازون البرازيلية.

يرتدي إيزاياس ملابس واقية من الرأس إلى أخمص القدمين ويصعد في شاحنة مليئة بالنعوش لجمع الجثث من المستشفيات أو من المنازل، ويقول: “أشعر بوجع الآخر، أحب عملي، والله هو الذي ائتمنني عليه”.

ويضيف الرجل البالغ 47 عاماً، والذي يتمتع ببنية قوية أنه “تلقّى دعوة من الله قبل 4 سنوات” لرعاية الأشخاص الذين يحتاجون إلى المشورة والكلمات اللطيفة.

وإيزاياس هو راعي كنيسة ألكانساندو فيداس، وهو متطوع أيضاً في “إس أو إس فونيراييس”، وهو برنامج اجتماعي محلي أطلقته البلدية يقدم خدمات الجنازة مجاناً للمحرومين.

مع ما يقرب من 70 ألف إصابة بفيروس كورونا وحوالي 3 آلاف وفاة، تعد ولاية الأمازون في شمال البلاد واحدة من أكثر المناطق تضرراً في البرازيل جراء الفيروس.

كانت المستشفيات شبه ممتلئة في مايو/أيار، وازداد عدد الوفيات اليومية بأكثر من 200% في ذروة الوباء، ما دفع السلطات إلى فتح مقابر جماعية في المقبرة الرئيسية في ماناوس عاصمة الولاية.

ورغم أن الوضع قد تحسَّن الآن، فإن القس إيزاياس ما زال مثابراً في محاولته تخفيف آلام العائلات.

ويوضح إيزاياس: “في ذروة الوباء، لم نكن نتوقف”، كان على فريقه، وهو أحد الفرق الثماني المتطوعة في البرنامج، في بعض الأحيان، دفن عشرات الأشخاص يومياً.

لكن الوضع أصبح “طبيعياً” حسب قوله، بثلاث عمليات دفن في اليوم، لكنه ما زال يواجه مواقف مؤثرة.

ويتابع: “يكون الأشخاص يائسين في كثير من الأحيان، فيصرخ بعضهم (لا تأخذوا والدتي) وفي أحيان أخرى نواجه اعتداءات، لكن علينا أن نتحمل كل ذلك بصمت لأننا نفهم ألمهم”.

ويمضي قائلاً: “أعطاني الله هبة حسن الكلام وأنا أقوم بهذا العمل بكل محبة رغم الأخطار المترتبة عليه”، لافتاً إلى أنه لا يخاف من الفيروس ولا حتى من الموت.

بعد 12 ساعة من العمل الشاق، يعود إيزاياس إلى المنزل يأخذ حماماً طويلاً قبل تناول العشاء مع عائلته، إلا أن يومه الطويل لم ينته بعد، فهو يخرج مجدداً بعد حلول الظلام للصلاة.

ولا تزال الممارسات الدينية محظورة بسبب الوباء، لكن بإمكان إيزاياس الوعظ أمام مجموعات صغيرة في المنازل.

في غرفة معيشة منزل متواضع، يرفع ذراعيه إلى السماء فيما يضع الكمامة على وجهه، ويصلي بصوت قوي.

ولاحقاً، عندما تنتهي الأزمة الصحية، يأمل إيزاياس بأن يتمكن من استئناف بناء معبده على أرض قدمتها له حماته.