الخميس 18 رمضان 1445 ﻫ - 28 مارس 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

فيروس كورونا يجلب معه كارثة من التنبؤات الخطيرة عن يوم القيامة

في صيف عام 2008، نشرت روحانية مسنة، ادعت أنها بدأت تتلقى رؤىً منذ سن الخامسة، كتاباً يحتوي على تنبؤ مشؤوم.

 

“في حوالي عام 2020، سينتشر مرض حاد يشبه الالتهاب الرئوي في جميع أنحاء العالم مهاجماً الرئتين والشُّعب الهوائية ومقاوماً كل العلاجات المعروفة،” وتابعت: “والذي يكاد يكون أكثر حيرة من المرض نفسه، حقيقة أنه سيختفي فجأة بمجرد وصوله، ليعود ويهاجم مرة أخرى بعد عشر سنوات، ثم يختفي تماماً.”

وقد تلاشى التنبؤ من الذاكرة العامة وماتت كاتبة الكتاب، سيلفيا براون، في عام 2013.ولكنّ وباء فيروس كورونا لفت الانتباه من جديد إلى كتاب براون “نهاية الأيام: التنبؤات والنبوءات حول نهاية العالم.

وقد ارتفع الكتاب ليحتل المرتبة الثانية على منصة أمازون للكتب غير الخيالية، فيما تباع حالياً النسخ الورقية منه بمئات الدولارات.

وقد أصدر المسؤولون الحكوميون وموظفو الصحة العامة، جميع أنواع المبادئ التوجيهية لمساعدة الناس على حماية أنفسهم من انتشار مرض كوفيد-19. ولكن هناك عدوى أخرى يبدو الخبراء عاجزين عن إيقافها: وباء الأنبياء الذين يحذرون من أنّ فيروس كورونا هو علامة على أننا شارفنا على يوم القيامة أو “نهاية الأيام”.

هناك شيء يتعلّق بالأوبئة يجعل الناس المذعورين يفرغون عقولهم ورفوف السوبر ماركت أيضاً.

تنتشر حالياً على الإنترنت أعداد كبيرة من تحذيرات يوم القيامة مثل تنبؤات براون، مزجت بين من مخاوف فيروس كورونا مع كل الأمور الأخرى من ذعر سياسي حول#oneworld gov التي تسيطر عليها الأمم المتحدة، إلى حرائق البراري الأسترالية وأسراب الجراد في أفريقيا. العديد منها تتضمن قراءات غير دقيقة من سفر الرؤيا. وفي كثير من الأحيان ينهي أنبياء الوباء تنبؤاتهم مع توقيع مثل “إذا لم تكن تملك نسخة من الكتاب المقدس، اشتري واحداً”.

لا عجب أنّ بعض الناس يقومون بتجميع الأسلحة والذخيرة.

لكنّ بعض الذين يدرسون الدين والنبوءات كمهنة، يقولون أنّه حان الوقت لأنبياء وسائل الإعلام الاجتماعية والوسطاء الروحانيين أن يخضعوا للحجر الصحي الذاتي. ويقولون أنّ المروّجين لفكرة يوم القيامة يؤذون صحة الناس الروحية والنفسية.

وهم أيضاً يدّعون المعرفة التي حتى أكثر الشخصيات المبجلة في الدين لم يجرؤا على افتراضها.

كلّما صادف أولريش ليهنر، اللاهوتي الكاثوليكي في جامعة نوتردام في إنديانا، واعظاً في وسائل الإعلام الاجتماعية يحذر من أنّ كوفيد-19 يعني نهاية أنّ العالم قريبة، فإنه يميل إلى تغريد هذا الرّد على تويتر: “ماثيو 24: 36″.

هذا المقطع يرمز إلى ما يقوله المسيح عن نهاية العالم:” لكن عن ذلك اليوم أو الساعة لا أحد يعرف، ولا حتى الملائكة في السماء، ولا الإبن، بل فقط الأب.”

” يسوع نفسه قال:’ أنت لا تعرف الساعة،’ ومع ذلك بعض الأنبياء، الذين عينوا أنفسهم كذلك، يبدو أنهم يعرفون أكثر من الملائكة حول عرش الله،”. وتابع ليهنر:” إنّ بعض أنبياء يوم القيامة قد تقودهم خطيئة أخرى: الكبرياء.”

“ولعلّ لدى هؤلاء الرجال الذين يخلقون الذعر الجماعي نوع من الكبرياء، وثقة ذاتية منتفخة، كمن يقول لنفسه:’ لدي بعض البصيرة الخاصة،’ يقول ليهنر، مؤلف كتاب “الله ليس لطيفاً: رفض ثقافة البوب، اللاهوت واكتشاف الله يستحق العيش من أجله.”

“إذا لم يكن هذا عملاً شيطانياً، فأنا لا أعرف ما هو.”

 

ولكن ّرجلاً ربط كوفيد 19 بالكتاب المقدس يقول أنّه لم يكن يحاول نشر الخوف. إيليشا جونز، وهو مدير الشباب في كنيسة في جنوب شرق تكساس، غرّد نسخة من مقال على فايسبوك ذكر فيه: Chronicles 7: 13-15.

حيث يقول الإنجيل أنّ الله أخبر سليمان “عندما أُغلق السماوات حتى لا يكون هناك مطر أو أأمر الجراد بالتهام الأرض أو إرسال الطاعون بين شعبي”.. سأشفي الأرض إذا تحوّل الناس عن طرقهم الشريرة”.

وقد كتب شخصاً ما عنواناً فوق المقطع التوراتي الذي يقول:”حرائق البراري الأسترالية – لقد توقف المطر. أفريقيا والجراد والطاعون- وباء عالمي كوفيد19.”

وقال جونز لCNN أنه كان يحاول تحذير الناس:” قال يسوع هذه الأشياء ستحدث” و أنّ الأرض ستشهد” آلام الولادة قبل مجيء يسوع الثاني.”

” أنا أعتقد أنّ ما يحدث حالياً هو علامة مباشرة على شيء قال الله أنه سيحدث، أو حتى مقدمة للأشياء القادمة”، قال جونز عن كوفيد19 والأحداث العالمية الأخرى.

مهما كان الدافع، لم يكن لتنبؤات يوم القيامة سجل جيد.

أتذكر سنة 2000؟ ماذا عن “نهاية العالم التي تنبأت بها حضارة المايا؟”

 

أشار بعض الناس إلى نهاية التقويم الطويل للمايا، في 21 ديسمبر 2012 ، لاستنتاج أنه يعني أيضاً نهاية العالم. وحذروا من موجات المد والجزر العملاقة وأنّ الأرض سوف تصطدم بكوكب آخر. فارتفعت مبيعات مجموعات البقاء، وكان هناك تقارير أنّ رجلاً في الصين قد بنى سفينة تشبه سفينة نوح في العصر الحديث.

لكنّ هذه التنبؤات السيئة ليست بظاهرة حديثة.

فيقول العديد من المؤرخين أنّ المسيحيين في أوروبا في القرن السابع عشر توقعوا أن ينتهي العالم في عام 1666 لأن الأرقام “666” تمثل علامة الوحش المذكورة في كتاب الوحي في الكتاب المقدس. وعندما اندلع حريق لندن العظيم، الذي دام أربعة أيام، في ذلك العام، رأى الكثيرون أنّ النبوءة تحققت.

وكانت براون، الكاتبة والوسيطة الروحية، تُنتقد باستمرار لعدم دقة نبوءاتها عندما كانت على قيد الحياة. فهناك روايات عديدة تشير إلى أنها قدمت ادعاءات خاطئة بشأن بعض الجرائم التي زادت من معاناة أسر الضحايا. حتى أنها تنبأت بأنها ستموت في سن الـ88 وماتت في الـ77.

حتى تنبؤ براون الأكثر شهرة، حول مرض تنفسي غامض في عام 2020، يبدو مختلفاً.

سنوبس وهو موقع للتحقّق من الحقائق، قال بعد فحص نبوءة براون:” إنّ تقديم ادعاءات غامضة عن الأحداث المحتملة لا يمكن التنبؤ بها”. وصنف توقعها على أنه ليس صحيحاً أو زائفاً، بل على الأرجح “خليط” يحتوي على عناصر هامة من كل من الحقيقة والكذب. “من غير الواضح ما إذا كان” تنبؤ براون ” تخميناً محظوظاً، بالنظر إلى أن الكتاب كُتب بعد تفشي مرض السارس،” قال سنوبس.

إذا كان هناك جائزة لأكثر مصدر للتنبؤات السيئة، فإنها ستذهب حتماً إلى كتاب الوحي أو سفر الرؤيا. قد يكون هذا هو التحول النهائي للكتاب المقدس – لا صور أو لغة أخرى قد اخترقت الثقافة الشعبية.

 

حتى الناس الذين لم يسبق لهم قراءة الكتاب المقدس على دراية بهذه المراجع: الفرسان الأربعة في سفر الرؤيا، التنين الأحمر، 666 والأبواق السبعة.

سفر الرؤيا مليء بهذه الصور المعدية التي يسميها اللاهوتي الذي درس نصوصه كتاب “متعدد الوسائط” الذي تعمل صوره الشعبية مثل مرض معدي.

“إنها تنفصل عن النص الأكبر وتدور مثل الفيروسات الصغيرة في ثقافتنا التي ترتبط بأشياء أخرى ومن هناك تحلّق وتنتشر،” يقول تيموثي بيل، مؤلف كتاب الوحي: سيرة ذاتية.”

يقول بيل أنّ العديد من الناس يقتبسون من سفر الرؤيا ويفهمون المعنى والرمزية بشكل خاطئ.

“تقريباً لا أحد من الناس الذين يتحدثون عن سفر الرؤيا جلس حقاً وقرأه،” ويقول: العديد من الناس، على سبيل المثال، يعتقد أنّ “القيامة” – وهو عندما يعود المسيح في نهاية الزمان، ويرتفع جميع المسيحيين، الذين هم على قيد الحياة والميتين منهم، إلى السماء لمقابلته- هو أمر مذكور في سفر الرؤيا.

 

“وهذا ليس صحيحاً”: يقول بيل.

ليس هناك ذكر واضح للقيامة في سفر الرؤيا. هناك إشارات إلى هذا المفهوم في الكتب المقدسة مثل 1 كورنثوس 15: 52 ، الذي يقول ،”لأنّ البوق سيصدح، والموتى سيحيون منيعين، ونحن سنتغير.”

لكن بيل يقول أنّ نظرية القيامة نشأت فعلاً في عمل لرجل لاهوتي في القرن التاسع عشر يدعى جون نيلسون داربي.

ماذا عن المسيح الدجال؟ أليس هذا في سفر الرؤيا؟

لا، يقول بيل.

قال جون أنّ كاتب الكتاب الأول لـجون في العهد الجديد يحذر من “الدجال” الذي ينكر أن يسوع هو المسيح. ولكنّ الشخصية مجسّدة في الفيلم، “The omen”، ابن مخادع للشيطان مع رقم 666 مطلي على جسده.

إذن ماذا عن 666 – أليس هذا في سفر الرؤيا؟

نعم، لكنه لا يشير إلى الشيطان. وبدلاً من ذلك، يقول علماء الدين إنّ الأرقام تشير إلى تجسيد آخر للشر بالنسبة للمسيحيين الأوائل: نيرون والإمبراطور الروماني.

وقد استشهد جونز، مدير شباب كنيسة تكساس، بسفر الرؤيا 15: 1-3 ، الذي يحذر من” سبعة ملائكة مع سبعة أوبئة. “يقول جونز: “لا أعتقد أن نشر أشياء من هذا القبيل هو لنشر الخوف”. “أعتقد أنّ الله قادم قريباً وسيحدث ما كتب، أشياء قد تبدو مخيفة إلى حد ما، ولكنها تأكيد لما قاله الله أنه سيحدث.

إنّ استخدام مقتطفات من الكتاب المقدس في نهاية المطاف قد يعزز في الواقع إيمان بعض الناس بإعطاء معنى للأحداث التي تبدو قاسية وتعسفية.

 

لكنّ الناس الذين يتذرعون بالصور المرعبة لسفر الرؤيا فيما يتعلق بـ كوفيد19 قد يجعل الآخرين يفهمون الكتاب المقدس بشكل خاطئ كما يمكن أن تضرّ بالصحة النفسية للآخرين، يقول بيال.

كان لدي طالبة كانت تقرأ “سفر الرؤيا في الخارج على الواجهة البحرية” ونامت ثمّ استيقظت في منتصف عاصفة رعدية وقالت لاحقاً انها عانت في وقتها من نوبة هلع لأنها شعرت كما لو كانت في الكتاب، ” يقول بيل، أستاذ الدين في جامعة كيس الغربية في ولاية أوهايو.

إنّ تنبؤات يوم القيامة من الكتاب المقدس يمكن أن تؤدي أيضاً إلى خطر آخر – عدم فعل شيء، يقول بيل.

إنّ الناس الذين يعانون من الذعر بسبب شيء مثل كوفيد19 قد يتجاهلون قضايا مزمنة أخرى تهدد بقاء البشرية، مثل تغير المناخ.

ويقول بيال عن سوء تفسير الوحي: “يمكن أن يؤدّي ذلك إلى دعوة إلى التقاعس، “أي أنّ الناس سيقولون إنّ كل هذا يحدث بسبب خطة الله. وسيزداد الأمر سوءاً قبل أن يتحسن، لذا لا يوجد شيء يمكننا فعله حيال ذلك لأنها إرادة الله.”

 

لكن هذا على الأرجح لن يمنع الناس من التذرع بالوحي عندما ينتشر الوباء. لقرون كان الكتاب المقدس للأنبياء يحذر من يوم القيامة ومن انتشار “أوبئة نهاية الزمن” وأنماط الطقس الغريبة.

أحد العلماء تساءل عما إذا كان كتاب الوحي قد توقع كورونا في مقال في مجلة  كريستشان بوست, “أعتقد بأنّ مصائب آخر الزمان ستكون أكثر كثافة بكثير من هذا الوباء.”

على الرغم من ذلك، يقول العديد من علماء الكتاب المقدس أن سفر الرؤيا ليس حقاً عن نهاية العالم. عوضا ً عن ذلك، كان حول نهاية العالم من وجهة نظر مؤلفه، يهودي متدين وتابع سابق للمسيح. كان يكافح ليفهم كيف اقتحمت الإمبراطورية الرومانية القدس عام 70 ميلادية وأحرقت معبدها العظيم بعد أن أبطلت ثورة يهودية.

وكان تدمير معبد القدس أمراً غير مفهوم بالنسبة لبعض أتباع يسوع في وقت سابق. كانوا يتوقعون أن يعود المسيح “بالقوة” و يغزو روما قبل أن يفتتح العصر الجديد. ولكن روما قد غزت أرض يسوع بدلاً من ذلك.

وكان كتاب الوحي طريقة المؤلف لتذكير المسيحيين الأوائل بأنّ الرب والعدالة سينتصران في نهاية المطاف، على حد قول لينر، اللاهوتي في نوتردام.

“كتاب سفر الرؤيا ليس كتاباً عن التنبؤات ولكن كتاب عن المواساة”، يقول ليهنر.

المواساة هو ما يجب أن ينشره الناس على وسائل الإعلام الاجتماعية الآن – وليس تنبؤات عن يوم القيامة، كما يقول. يقول لينر أنه في الأيام الأخيرة رأى صلوات جميلة وحتى رسائل مضحكة على وسائل التواصل الاجتماعي التي رفعت معنوياته، ويحث الناس على التواصل مع أولئك الذين قد يكونون معزولين.

 

وقد لا يكون القيام بذلك مثيراً بقدر مشاركة تنبؤات الهلاك. لكن قبل أن تقرر التواصل مع نوستراداموس الذي بداخلك، تشارك معي كلمة طيبة بدلاً من تنبؤ يوم القيامة، كما يقول.

ستشعر بتحسن في النهاية وبالتالي، سيشعر معك العديد ممن هم بحاجة إلى مساعدة بذلك أيضاً، فكلنا بحاجة إلى المساعدة في أيامنا الصعبة القادمة.

 

تنويه: هذا المقال قام فريق عمل موقع راديو صوت بيروت إنترناشونال بترجمته من الإنجليزية من موقع CNN