الأحد 10 ذو القعدة 1445 ﻫ - 19 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

وباء قضى على أحلام نابليون.. قتل الفرنسيين وأنقذ روسيا

خلال العام 1812، قاد الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت واحدة من أتعس العمليات العسكرية التي عرفها التاريخ، حيث اتجه الأخير برفقة مئات الآلاف من جنوده لغزو الأراضي الروسية أملا في إنهاء وجود إمبراطورية القيصر الروسي ألكسندر الأول.

وفي خضم حملته التي استمرت لنحو 5 أشهر ونصف على روسيا، تلقى نابليون بونابرت هزيمة قاسية أفقدت فرنسا جانبا هاما من جيوشها وانتهت بإزاحته من سدة الحكم عام 1814 عقب دخول القوات الأجنبية لباريس.

حشرات تنهي عهد نابليون
في الأثناء، تحدّثت أغلب المراجع التاريخية عن انتصار القيصر والشتاء الروسي الذي أطاح بالجيش الكبير لنابليون كما خلّد الملحن الروسي بيتر إليتش تشايكوفسكي هذا النصر بموسيقى السيمفونية الافتتاحية 1812.

وفي مقابل ذلك، تناسى الجميع العامل الأساسي الذي تسبب في هلاك جنود بونابرت، فقبل المدافع والبرد لعبت حشرات صغيرة وبكتيريا مجهرية الدور الأبرز في إفشال الحملة الفرنسية على روسيا ونهاية عهد نابليون بونابرت.

وعقب جملة من الخلافات التي غذّتها الأطماع التوسعية، جمع الإمبراطور الفرنسي جيشا بلغ تعداده 600 ألف عسكري قبل أن يباشر بالتدخل ببولندا الروسية خلال شهر حزيران/يونيو 1812.

مصاعب لوجستية
وبادئ الأمر، تقدمت قوات نابليون بثبات مستغلة الطقس الجيد والتراجع الروسي لتبلغ مدينة فيلنيوس (Vilnius) في أقل من أسبوع دون أن تواجه أية مقاومة تذكر.

وبالتزامن مع توغله داخل الأراضي البولندية، واجه نابليون بونابرت بعض المصاعب حيث امتدت خطوط الإمدادات لمسافات أطول واضطرت العربات التي جرّتها الخيول لمواجهة الطرق الوعرة والأرض الطينية التي عطّلت تقدمها.

أيضا، تميّزت المناطق الريفية البولندية بغياب أبسط قواعد النظافة حيث انتشر القمل والبراغيث في صفوف الفلاحين وكانت العديد من آبار الشرب ملوّثة فنقلت الأمراض للجنود.

وأمام انسحاب الروس وممارستهم لسياسة الأرض المحروقة ونقص الإمدادات، اتجه جنود نابليون بونابرت للاستيلاء على غذاء البولنديين وماشيتهم كما عمدوا أيضا للحصول على أحصنة الفلاحين البولنديين عقب نفوق ما يزيد عن 20 ألف حصان فرنسي خلال الأسابيع الأولى بسبب النقص الحاد في المياه.

آبار ملوثة.. وأمراض غامضة
في الأثناء، سجّلت الأمراض ظهورها في صفوف قوات نابليون فعانى البعض منذ البداية من أمراض ارتبطت بالجهاز الهضمي كالزحار. وبعد أيام من عبورها لنهر نيمان (Neman)، برز بين الجنود الفرنسيين مرض غريب عرف بالتيفوس تميّز بارتفاع درجة حرارة الجسم وظهور بقع حمراء على الجسد. وعقب إصابته به، يفارق الجندي الحياة بشكل سريع قدّر ببضعة أيام فقط.

وقد لعبت بعض الحشرات كالبراغيث والقمل الدور الأهم في نقل التيفوس. فأثناء تقدمهم، مكث الجنود الفرنسيون أياما طويلة دون تغيير ثيابهم. ومع تراكم الأوساخ على أجسامهم، انتقلت هذه الحشرات إليهم حاملة معها البكتيريا المسببة للتيفوس.

بعد مضي شهر على بداية زحفه نحو موسكو، خسر نابليون بونابرت 80 ألفا من جنوده بسبب التيفوس. ومع ارتفاع عدد الضحايا وفرار البعض من الجيش، فكّر الإمبراطور الفرنسي لوهلة في إنهاء الحرب قبل أن يتراجع عن ذلك ويواصل طريقه نحو موسكو.