صور: إكتشاف القارّة الضائعة "أدريا الكبرى"، وموسم التزلّج هو العذر المثالي للتعرّف إليها

من المؤكّد أنّكم لم تسمعوا من قبل عن “أدريا الكبرى”. كانت هذه المنطقة قارّة ضائعة بحجم غرينلاند تقريباً، وقد تم اكتشافها أخيراً في جنوب أوروبا.

وبحسب ما ذكر موقع “مترو” البريطاني، نُشر دليل على وجودها في المجلة العلمية Gondwana Research، التي تشير إلى أن أدريا كانت كتلة أرضية عملاقة انفصلت أوّلاً عمّا أصبح اليوم فرنسا وإسبانيا وشمال إفريقيا. من المحزن أنّ تنقّل الصفائح التكتونية دفع بالقارة السابقة إلى أعماق نطاق الالتقاء التكتوني للأرض ولم تعد أدريا موجودة. تدمّر معظم هذه القارة في منطقة غلاف الأرض الساخنة، ولكن ما تبقى منها حتى اليوم مدهش.

الرجوع مرة أخرى إلى أيام المدرسة، يُفيد، إذ تتذكر كيف تتشكل الأشياء الغامضة التي نسميها الجبال. تشكلت العديد من المناطق الجبلية العظيمة في العالم، بما في ذلك جبال الألب والأنديز وجبال روكي الكندية، نتيجة تحطم الألواح التكتونية للأرض.

علميّاً، تتشكّل الجبال من تحطّم الألواح التكتونية للأرض، وعندما تتلاقى صفحتان تكتونيتان، تصنع ألواحًا ضخمة من الصخور لتشكّل الجبل. ومن المثير للإعجاب أن بقايا أدريا التكتونية بقيت لتشكل كل الجبال المذهلة التي ترونها الآن في جبال الألب والبلقان واليونان وإيطاليا وتركيا.

فلماذا استغرق العلماء وقتًا طويلاً لاكتشافها؟ التركيب الجيولوجي لأوروبا معقّد. وتنتشر أدلة على وجود القارة السابقة في حوالي 30 دولة، وقد أثبتت عملية رسم الخرائط أنها مهمة معقدة للغاية تضمنت العديد من تقنيات رسم الخرائط والبيانات من العلماء في جميع أنحاء الصفيحة الأوروبية الآسيوية.

ويعود نجاح الاكتشاف الأخير إلى الأبحاث التي استمرت لعقود والتي شملت البيانات التكنولوجية والجيولوجية والجيوفيزيائية من جميع أنحاء المنطقة.

بالإضافة إلى اكتشاف القارة، وجد العلماء والجيولوجيون أيضًا بقايا أخرى من أدريا الكبرى من بقايا صخرية في منطقة أستريا في كرواتيا وفي جنوب إيطاليا.

قال دوي فان هينسبيرجين، الباحث الرئيسي والجيولوجي في جامعة أوتريخت في هولندا لموقع BBC Mundo : «نشأت معظم سلاسل الجبال التي درسناها من قارة واحدة انفصلت عن شمال إفريقيا منذ أكثر من 200 مليون عام».

أحد الأجزاء المتبقية من القارة موجود في ضفة تمتد من تورينو، عبر البحر الأدرياتيكي، إلى كعب الحذاء الذي يشكّل إيطاليا.

تعرف هذه المنطقة من قبل الجيولوجيين باسم «أدريا»، ولهذا السبب أطلق فان هينسبرغن على القارة الضائعة أدريا الكبرى.

ولأكثر من عشر سنوات، قام فان هينسبرغن وفريقه بجمع وتحليل الصخور من أدريا الكبرى، حيث فحص الباحثون اتجاه المعادن المغناطيسية الصغيرة المحاصرة داخل الصخور، مما يشير إلى كيفية تشكيلها منذ مئات الملايين من السنين.

وقام الفريق أيضاً بتجميع الصخور الكبيرة التي انفصلت ذات مرة عن طريق تحريك الطبقات التكتونية تحت الأرض.

وقال فان هينسبرغن: «إن ذلك يشبه اللغز الكبير، وقد تم خلط كل القطع مع بعضها البعض وأمضيت السنوات العشر الماضية في حل اللغز وتجميع هذه الأحجية مرةً أخرى»، واستخدم الباحثون البرامج لإنشاء خرائط مفصلة للقارة القديمة.

تاريخها عنيف ومعقد
ولكن لدى أدريا الكبرى تاريخ عنيف ومعقد، وفقاً لفان هينسبرغين.

أصبحت القارة كتلة منفصلة عندما انفصلت عن شبه جزيرة جندوانا التي كانت تضم ما يعرف الآن بأمريكا الجنوبية وإفريقيا وأستراليا وأنتاركتيكا وشبه القارة الهندية وشبه الجزيرة العربية.

بعد هذا الصدع، الذي حدث قبل حوالي 240 مليون عام، بدأت قارة بحجم مماثل لغرينلاند في التحرك شمالاً.

منذ حوالي 140 مليون عام، كانت القارة مغمورة إلى حد كبير تحت بحر استوائي، حيث تحولت الرواسب المتراكمة إلى صخور.

ومنذ ما بين 100 و120 مليون سنة، اصطدمت هذه الكتلة العظيمة بما يُعدّ حالياً أوروبا، وحطمت قشرتها.

انزلقت تحت أوروبا بسرعة 4 سم في السنة
انتهى الجزء الأكبر من أدريا الكبرى بالانزلاق تحت أوروبا، ولكن بعض صخور القارة المفقودة، التي «كُشطت» خلال الاصطدام، كانت منتشرة على سطح الأرض.

على الرغم من وقوع التصادم بسرعات لا تزيد عن 3 أو 4 سنتيمترات في السنة، إلا أن هذا الضغط كان كافياً لتدمير القشرة التي يبلغ عمقها 100 كيلومتر وإرسال بقية القارة إلى أعماق كبيرة في طبقة وشاح الأرض.

ويشير العلماء إلى وجود أجزاء من أدريا الكبرى على عمق يبلغ حوالي 1500 كيلومتر.

بعد أكثر من 200 مليون سنة، أعاد الجيولوجيون في جامعتي أوتريخت وأوسلو، ومعهد الجيوفيزياء ETH، في زيورخ (سويسرا) بناء تاريخ أدريا الكبرى تدريجياً.

«كل شيء منحنٍ، مكسورٌ ومكدّس»
وكان من أعظم الصعوبات في دراسة القارة المفقودة هي أن الصخور مبعثرة ومتباعدة للغاية.

وأوضح فان هينسبرغن أن العلماء في العقد الماضي فقط تمكنوا من الحصول على البرامج اللازمة لمثل إعادة التكوين الجيولوجي المعقد ذلك.

وقال الباحث «منطقة البحر المتوسط هي ببساطة (فوضى) من الناحية الجيولوجية».

وأضاف: «كل شيء منحنٍ، مكسورٌ ومكدس».

ومع انطلاق موسم التزلج، يعدّ هذا العذر المثالي للسفر والتعرّف إلى أدريا.