فقد قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن تحليل حالات الإصابة بالفيروس والذي نشره المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها هذا الأسبوع، أظهر أن معدل الوفيات بين الرجال والنساء كان غير متساو، بحيث وجد الباحثون أن وفيات الرجال بلغت 2.8% من المصابين، ومن النساء 1.7%، على الرغم من أن إصابة الرجال والنساء كانت بأعداد متساوية تقريبا.
وذكرت الصحيفة أن تأثر الرجال خلال تفشي أوبئة متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد “السارس” ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية “ميرس” الناجمة عن فيروسات تاجية لم يكن متناسبا، حيث أظهرت دراسة نشرت في دورية حوليات الطب الباطني أن عدد النساء اللائي أصبن بالسارس في هونغ كونغ عام 2003 كان أكبر من عدد الرجال، ولكن معدل الوفيات بين الرجال كان أعلى بنسبة 50%.
وأضافت الصحيفة أن حوالي 32% من الرجال المصابين بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية ماتوا، مقارنة بنسبة 25.8% من النساء، كما توفي الشباب البالغون من الذكور بمعدلات أعلى من نظيراتهم الإناث أثناء وباء الإنفلونزا عام 1918.
يقول العلماء إن هناك عدة عوامل قد تعمل ضد الرجال في الوباء الحالي، بعضها بيولوجي وبعضها متأصل في نمط الحياة، مشيرة إلى أن الرجال هم الجنس الأضعف عندما يتعلق الأمر بتكوين استجابة مناعية ضد العدوى.
وقالت صبرا كلاين -وهي عالمة تدرس الاختلافات الجنسية في الإصابات الفيروسية واستجابات التطعيم في كلية جونز هوبكنز بلومبيرغ للصحة العامة- إن “هذا النمط هو ما رأيناه عند العديد من الإصابات الفيروسية في الجهاز التنفسي، حيث تكون لدى الرجال نتائج أسوأ”، وأضافت “لقد رأينا هذا مع الفيروسات الأخرى، النساء يقاومنها بشكل أفضل”.
وقالت الصحيفة إن النساء ينتجن استجابات مناعية أقوى بعد التطعيم، وتتعزز لديهن الاستجابات المناعية التي تحمي البالغين من مسببات الأمراض التي يتعرضون لها كأطفال، وتقول جانين كلايتون، مديرة مكتب البحوث حول صحة المرأة في المعاهد الوطنية للصحة إن “هناك شيئا ما في الجهاز المناعي للإناث أكثر وفرة”.
ولكن ذلك له ثمن باهظ تدفعه النساء بحسب ما تقول كلايتون، عندما يتحول الجهاز المناعي إلى درجة مفرطة ويهاجم أعضاء الجسم وأنسجته، فيصبحن عرضة للإصابة بأمراض المناعة الذاتية، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي والذئبة، إذ إن حوالي 80% من المصابين بأمراض المناعة الذاتية هم من النساء.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأسباب التي تجعل النساء يتمتعن باستجابات مناعية أقوى، ليست واضحة بعد وما زال البحث في مرحل مبكرة كما يقول الخبراء، إلا أن من الفرضيات ما يشير إلى أن جهاز المناعة القوي لدى النساء يعطي ميزة البقاء على قيد الحياة لأطفالهن، فهم يتلقون الأجسام المضادة مع حليب الأم مما يقيهم من الأمراض في وقت لا يكون لهم فيه أجهزة مناعة.
وتضيف الصحيفة أن بعض العوامل البيولوجية قد تكون مسؤولة عن ذلك، مثل هرمون الإستروجين الأنثوي الذي يبدو أنه يلعب دورا في المناعة، إضافة إلى أن النساء يحملن كروموسومي إكس اللذين يحتويان على جينات مرتبطة بالمناعة، خلافا للرجال الذين لديهم إكس واحد.
وأثناء التجارب على الفئران، وجد العلماء أن الذكور عند التعرض لفيروس سارس كانوا أكثر عرضة للإصابة من الإناث، وأنهم أصيبوا بالمرض عند التعرض لفيروسات أقل، كما أن ردّ فعلهم المناعي كان أقل وأبطأ في إزالة الفيروس من أجسامهم.
وقال أستاذ علم الأحياء المجهرية في جامعة أيوا الدكتور ستانلي بيرلمان -وهو كبير مؤلفي الدراسة- إن ذكور الفئران عانت من تلف في الرئة وماتت بمعدلات أعلى، كما أن الإناث عندما نزع منها الإستروجين أو أزيل المبيضان، كانت أكثر عرضة للموت، في حين أن منع هرمون التستوستيرون في الفئران الذكور لم يحدث فرقا، مما قد يعني أن هرمون الإستروجين قد يلعب دورا وقائيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن عامل الجنس قد لا يكون وحده حاسما في الفرق بين تأثر الجنسين، مشيرة إلى أن السلوكيات الصحية التي تختلف حسب الجنس في بعض المجتمعات قد تلعب أيضا دورا في الاستجابات المتباينة للعدوى.
وفي هذا السياق، أوضحت الصحيفة أن الصين يوجد فيها أكبر عدد من المدخنين في العالم (316 مليون شخص) يمثلون حوالي ثلث المدخنين ويستهلكون 40% من التبغ في العالم، ولكن نسبة النساء المدخنات لا تتجاوز 2% في حين أن نصف الرجال يدخنون.
ولدى الرجال الصينيين أيضا معدلات أعلى من السكري من النوع الثاني ومن ارتفاع ضغط الدم، وهي أمراض تزيد من خطر حدوث مضاعفات بعد الإصابة بفيروس كورونا.
وبالإضافة إلى ذلك، أكدت إحدى الدراسات التي شملت أكثر من أربعة آلاف مريض بفيروس كورونا على أهمية الاكتشاف المبكر، ولا سيما لدى الرجال الأكبر سنا، إذ أفادت دراسات صينية غير منشورة بأن المرضى الذين تأخر تشخيصهم كانوا أكثر عرضة لخطر الموت.
يقول أستاذ علم المناعة بجامعة “ييل” أكيكو إيواساكي إن السبب في أن بعض الفيروسات تؤثر على النساء بدرجة أكبر، هو أن الرجال قد يكون لديهم “شعور زائف بالأمان” عندما يتعلق الأمر بفيروس كورونا.
وختمت الصحيفة بما أكده مسؤولو الصحة العامة منذ بداية تفشي المرض، من أنه رغم أهمية غسل اليدين جيدا للوقاية من العدوى، فإن العديد من الدراسات قد وجدت أن الرجال -وحتى العاملين في مجال الرعاية الصحية- أقل اعتناء بغسل أيديهم أو استخدام الصابون من النساء.