الخميس 16 شوال 1445 ﻫ - 25 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

إنزيم واحد يمكن أن يكون وراء الاكتئاب

الاكتئاب هو اضطراب مزاجي يسبب شعورًا دائمًا بالحزن وفقدان الاهتمام، ومنذ فترة، عرفنا أن هناك تفاعلا معقدا بين هرموناتنا وأمعائنا وصحتنا العقلية، لكن حل مسألة تشابك الروابط الأكثر صلة داخل أجسامنا أثبت أنه أمر صعب.

ووجد بحث جديد إنزيما واحدا يربط الثلاثة، وقد يكون وجوده مسؤولا عن الاكتئاب لدى بعض النساء خلال سنوات الإنجاب.

وقارن الباحث الطبي بجامعة ووهان دي لي وزملاؤه مصل دم 91 امرأة تتراوح أعمارهن بين 18 و45 عاما مصابات بالاكتئاب و98 امرأة غير مصابة. وبشكل لا يصدق، كان لدى المصابات بالاكتئاب ما يقرب من نصف مستويات المصل من الاستراديول – الشكل الأساسي للإستروجين الذي تستخدمه أجسامنا خلال سنوات الخصوبة.

وامتدت فكرة أن الاستراديول مرتبط بالاكتئاب لدى الأشخاص الذين يعانون من هرمونات أنثوية قادرة على الإنجاب لأكثر من 100 عام. ومن المعروف أن الانخفاض الطبيعي في هرمون الاستراديول أثناء انقطاع الطمث وبعد الحمل مرتبط بتغيرات المزاج السلبية.

حالات أخرى، بما في ذلك متلازمة تكيس المبايض (حيث ينتج المبيضون مستويات أعلى من الطبيعي من الهرمونات الجنسية المعروفة باسم الأندروجينات، ما يؤدي إلى عدم توازن الهرمونات التناسلية) وتضخم الغدة الكظرية الخلقي (مجموعة من الاضطرابات الوراثية حيث يفتقر الجسم إلى أحد الإنزيمات اللازمة لإنتاج هرمونات معينة)، يمكن أن يسبب أيضا انخفاض الإستراديول والاكتئاب.

ومن المحتمل أن يفسر ارتباط الاكتئاب بالاستراديول سبب انتشاره بين النساء أكثر من الرجال.

ويتم إنتاجه في المبايض وبعد القيام بالأعمال المنزلية حول أجسامنا – بما في ذلك تنظيم دوراتنا الشهرية – يتم استقلاب استراديول في الكبد ثم ينتقل إلى الأمعاء. هنا، يتم إعادة امتصاص الهرمون جزئيا مرة أخرى في مجرى الدم للمساعدة في الحفاظ على مستويات الدورة الدموية من هرمون الاستروجين.

وبهذه المعرفة، قام الباحثون بالتحقيق في أنشطة استراديول في القناة الهضمية.

وفي غضون ساعتين من إضافة استراديول إلى عينات الميكروبيوم البرازي من النساء المصابات بالاكتئاب، كان هناك تدهور بنسبة 78% في الهرمون. وفي الوقت نفسه، فإن الأنبوب الذي يحتوي على عينات ميكروبيوم من النساء غير المصابات بالاكتئاب شهد انخفاضا بنسبة 20% فقط في الهرمون.

كما زرع العلماء ميكروبيوتا الأمعاء من 5 من النساء المصابات بالاكتئاب في الفئران، واظهرت انخفاضا بنسبة 25% في مستويات الاستراديول في مصل الدم لديها مقارنة بمجموعة السيطرة على الفئران.

ويبدو من الواضح أن ميكروب الأمعاء مسؤول عن التحلل المتزايد لهذا الهرمون داخل أنظمتنا الهضمية.

ولعزل الميكروب المسؤول، وضع لي والفريق عينات من الميكروبيوم من النساء المصابات بالاكتئاب على طبق أجار وقدموا لهن الإستراديول كمصدر غذائي وحيد. بعد ساعتين، تحلل أكثر من 60% من الإستراديول إلى إسترون.

وازدهرت النقط البيضاء ذات الحواف الملساء والضبابية، وباستخدام مقياس الطيف الكتلي، حدد الباحثون الميكروب، وهو سلالة من البكتيريا أطلقوا عليها اسم Klebsiella aerogenes TS2020.

وأوضح الباحثون في ورقتهم البحثية أن “هذه النتائج تظهر أن K. aerogenes TS2020 يمكن أن يقلل من مستوى استراديول في الدم لدى الفئران ويحفز سلوكيات شبيهة بالاكتئاب”.

وأظهر التحليل الجيني أن K. aerogenes يحول الإستراديول إلى الإسترون بإنزيم يسمى 3β-HSD (3β-hydroxysteroid dehydrogenase). وأدى وضع الجين الخاص بهذا الإنزيم في الإشريكية القولونية ومن ثم إصابة الفئران بهذه البكتيريا إلى نفس الانخفاض في الاستراديول وظهور أعراض الاكتئاب.

ولم يؤد إعطاء الإسترون للفئران إلى زيادة السلوك الاكتئابي، واستبعاد الإسترون الزائد باعتباره مشكلة. كما استبعد لي وزملاؤه وجود جزيئات أخرى.

وكان لدى الفئران التي لديها 3β-HSD المنتجة للإشريكية القولونية، أيضا مستويات استراديول أقل في أدمغتها، بما في ذلك منطقة الحُصين، وهي منطقة دماغية معروفة بأنها متورطة بشدة في مسألة الاكتئاب. كل هذا مجتمعاً يشير إلى أن الإنزيم الناتج عن الميكروبات يسبب مشاكل في الدماغ.

وفي دراسة سابقة، حدد الباحثون مستويات متزايدة من نفس الإنزيم في المرضى الذكور المصابين بالاكتئاب. ويمكن أن يؤدي الإنزيم أيضا إلى تدهور هرمون التستوستيرون.

ويوضح الباحثون: “بأخذ هاتين الدراستين معا، نتوقع أن إنزيم 3β-HSD متورط في تطور الاكتئاب وأن هذه العلاقة مستقلة عن الجنس. ونعتقد أن بكتيريا K. aerogenes في البراز ليست بكتيريا الأمعاء الوحيدة التي يمكنها إنتاج 3β-HSD. وأظهرت بيانات التسلسل الميتاجينومي لدينا أن بكتيريا Bacteroides thetaiotaomicron وClostridia تمتلك 3β-HSD. ومع ذلك، قد يكون هناك 3β-HSD أخرى منتجة بكتيريا الأمعاء التي تقل عن حد الكشف عن التسلسل الميتاجينومي. وتحتاج البكتيريا التي يمكن أن تنتج 3β-HSD إلى مزيد من الدراسة”.

وكان هناك بعض التركيز على العلاج ببدائل الإستروجين كعلاج محتمل للاكتئاب لدى النساء، ولكن إذا ثبت أن المسار المكتشف هنا دقيق، فإن البكتيريا المنتجة لـ 3β-HSD يمكن أن تؤدي إلى انتكاسات.

وأشاروا إلى أن “البكتيريا المعينة للإستراديول في الأمعاء، وخاصة الإنزيمات التي تعبر عنها هذه البكتيريا، قد تكون الهدف الأفضل للتدخل”.

ونشر هذا البحث في Cell Metabolism.