الجمعة 17 شوال 1445 ﻫ - 26 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

لعلاج الأوبئة، ابدأ بمعالجة ارتفاع ضغط الدم أولاً

السيطرة على الأمراض الشائعة هو الخطوة الأولى التي قد تلجأ إليها الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط لكي تتحضّر إلى ما يأتي بعد أزمة فيروس كورونا.

 

منذ عقود اعترف الأطباء بمجموعة من الطرق التي قد يؤدّي بها تشخيص ارتفاع ضغط الدم إلى العجز والموت: السكتة الدماغية، الأزمة القلبية، وفشل الكلى. وقد يكون الأطباء في الصين قد اكتشفوا طريقة جديدة:” فيروس كورونا”.

ذكرت أخبار بلومبيرج الأسبوع الماضي، أنّ الأطباء قد حددوا ارتفاع ضغط الدم باعتباره “عاملا ًخطيراً رئيسياً” يؤدي إلى المرض الشديد والموت لدى مرضى مع فيروس كورونا.

في كانون الثاني / يناير، على سبيل المثال، كانت نصف الوفيات في مجموعة واحدة من المصابين بالكوفيد-19 من أفراد يعانون من ارتفاع ضغط الدم.

 

في حين أفادت مجموعة مختلفة من الأطباء المقيمين في الصين عن نتائج مماثلة في لانسيت، افترض ثلاثة أطباء آخرين أن المرضى الذين يتناولون عقاقير ارتفاع ضغط الدم الشائعة (ACE inhibitors) معرضون لخطر الإصابة بأسوأ التهابات Covid-19. وهناك أمراض أخرى أساسية-وخاصة مرض السكري-الذي ساهم أيضاً في الوفيات بين المرضى المصابين بالفيروس، ولكن لا أحد منهم كان متوقعاً مثل ارتفاع ضغط الدم.

هذه هي النتائج الأولية المشؤومة. ويعتبر ارتفاع ضغط الدم العامل الرئيسي الذي يمكن الوقاية منه بالنسبة للوفاة المبكرة والإعاقة في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك فإنّ معظم الناس في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط مثل الصين لا يشّخصون ولا يعالجون المرض، حتى مع تزايد عدد الحالات في هذه المناطق.

حتى الآن لا أحد يستطيع الجزم بأنّ البلدان والمناطق التي لا تعالج أمراضاً قابلة للعلاج مثل ارتفاع ضغط الدم أكثر عرضة لفيروس كورونا. ولكنّ الأوبئة السابقة تبين أن ضعف الهياكل الأساسية للرعاية الصحية أقل قدرة على إدارة تفشي الأمراض المعدية. ويبدأ المجتمع العالمي بالنظر إلى ما هو أبعد من الوباء الحالي بحثاً عن سبل لوقف الوباء التالي، وستكون الخطوة الرئيسية هي ضمان قدرة النظم الصحية على معالجة أكثر المشاكل الصحية شيوعاً، فضلاً عن المشاكل الناشئة وغير المتوقعة.

إنّ ارتفاع ضغط الدم، مثل معظم الأمراض التي تظهر في وقت لاحق في الحياة، يميل إلى الحدوث في المجتمعات الأكثر ثراءً والأطول عمراً (المجتمعات البدائية لا تملك الكثير من حالات)، حيث تكون سلوكيات الناس غير صحية والتي تتضمن سوء التغذية، وارتفاع استهلاك الكحول، والافتقار إلى النشاط البدني.

 

وتعتبر البلدان ذات الدخل المنخفض هي الأكثر عرضة للخطر بوجه خاص، حيث أصبحت فرص الحصول على الغذاء الترفيهي والغذاء المفرط متاحة بكثرة في الآونة الأخيرة، وحيث لم تتوسع البنية الأساسية الطبية بنفس السرعة التي توسعت فيها الرغبة في تناول الطعام، على سبيل المثال، الوجبات السريعة المالحة.

وينطبق هذا بصفة خاصة على الصين، حيث أصيب 153 مليون شخص — أو 18 في المائة من السكان — بارتفاع ضغط الدم في عام 2002. بحلول عام 2015، ارتفع الرقم إلى 23.2 ٪ من السكان، أو 244.5 مليون نسمة. وهناك 435.4 مليون شخص إضافي، يشكلون 41.3 ٪ من سكان الصين، ظهرت لديهم علامات مبكرة لارتفاع ضغط الدم. ولكن اعتباراً من عام 2015، فقط 46.9% من الصينيين الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم كانوا على علم بحالتهم، و 40.7% منهم كانوا يتناولون الأدوية الموصوفة، في حين 15.3% فقط كانوا تحت السيطرة.

إن ّنمط الصين ليس فريداً من نوعه. وفي بحث صدر عام 2016 وهو مسح لبيانات ارتفاع ضغط الدم من 90 دولة في الفترة ما بين 2000 و 2010، تبين أن 31.5% من الأفراد في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط كان لديهم ارتفاع ضغط الدم في عام 2010، أي بزيادة 7.7%. غير أن عدد الحالات التي كانت تحت السيطرة انخفض من 8.4 في المائة إلى 7.7 في المائة.

والأسوأ من كل ذلك، أنّ البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط كانت أسوأ بكثير مقارنة بالبلدان ذات الدخل المرتفع، حيث انخفض بالفعل معدل انتشار ارتفاع ضغط الدم خلال تلك الفترة، في حين زادت جميع النسب المئوية للوعي والعلاج والمراقبة.

هذه التفاوتات ليست صعبة التفسير

ويتطلب تشخيص وعلاج ارتفاع ضغط الدم وجود أطباء عامين تتوفر لهم إمكانية الحصول على المعدات والأدوية الطبية الأساسية. ولكن الأطباء حول العالم يعانون من نقص في الموارد.

ولدى 76 بلداً في العالم، أقلّ من طبيب واحد لكل 000 1 شخص، وهو الحدّ الأدنى الذي توصي به منظمة الصحة العالمية. ويفتقر ثلاثة بلايين شخص على الصعيد العالمي إلى إمكانية الوصول إلى أخصائي صحي.

وتشتد حدة هذه المشاكل بشكل خاص في البلدان التي يفتقر فيها إلى التشخيص والعلاج لارتفاع ضغط الدم. في الصين، على سبيل المثال، كان هناك طبيبين لكل 1000 شخص في عام 2018 مقارنة مع 2.8 في كندا، لكنهم تركزوا في المدن عالية الأجر والتخصصات — وليس للعامة، كما هو الحال في الصين الريفية والمدن الجنوبية. وكان لهذا عواقب مأساوية عند انتشار وباء فيروس كورونا: فقد كان عدد الموظفين في المستشفيات قليلاً نسبة لعدد المرضى المرتفع.

ومن السابق لأوانه تقديم ادعاء حاسم أنّ ارتفاع ضغط الدم هو عامل خطر لتعقيدات فيروس كورونا. ويتطلب تحديد ذلك أعداداً أكبر بكثير من الإصابات، ودراسات يستعرضها الأقران. كلاهما قادمان.

 

ولكن ليس من السابق لأوانه أن نشعر بالقلق من أنّ الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا تظهر بمعدل أعلى في الأشخاص الذين يعانون من حالة معروفة جيداً-ارتفاع ضغط الدم-الذي يتم تشخيصه ومعالجته بمعدلات أقل في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.

إذاً، لقد تمّ تأكيد هذه الظاهرة، فإنها تسلط الضوء على شيء يعرفه منذ وقت طويل، العاملون في مجال الصحة العامة على الصعيد العالمي: فالافتقار إلى إمكانية الحصول على الرعاية الصحية الأساسية يقوّض القدرة على التعامل مع الأزمات الصحية الأكبر حجماً. وهذا ما يشكّل تحدّي كبير لصانعي السياسات ليتصدّوا له عندما ينتشر الوباء.

 

تنويه: هذا المقال قام فريق عمل موقع راديو صوت بيروت إنترناشونال بترجمته من الإنجليزية من موقع Bloomberg