الأحد 11 ذو القعدة 1445 ﻫ - 19 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

هل تحدّد كمية فيروس كورونا التي تصاب بها، نوع الأعراض التي ستتعرض لها؟

يقول العلماء بأنّ التباعد الاجتماعي لا يؤدّي فقط إلى تقليل مخاطر انتشار فيروس كورونا، بل أيضاً إلى جعل أعراض الناس أكثر اعتدالاً إن أصيبوا بالمرض.

 

ويتمّ ذلك عن طريق تقليل الحمولة الفيروسية للمريض – أي عدد جزيئات الفيروس التي يصابون بها لأول مرة-.

إنّ وجود حمولة فيروسية عالية يعطي الفيروس “بداية سريعة” ويزيد من خطر أن يصبح الجهاز المناعي للمريض مثقلا ًأكثر من اللازم في معركته ضد كوفيد19.

ويمكن للناس أن يخفضوا من فرصهم بالإصابة بعدوى أولية سريعة، عن طريق البقاء بعيداً عن الآخرين الذين قد يكونوا مرضى، وأيضاً عن طريق الالتزام الصارم بقواعد الابتعاد عن الاتصال الشخصي المباشر الذي يواجهه حالياً، الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم.

يقول الخبراء أنّ الشخص المصاب بشكل غير مباشر عبر لمس مقبض الباب مثلاً قد ينتهي به المطاف بأعراض أكثر اعتدالاً من شخص أصيب بالمرض عبر استنشاق سعال شخص مصاب. وذلك لأنه يعطي جهاز المناعة في الجسم المزيد من الوقت ليتعامل مع العدوى قبل أن ينشغل بالتصدي لها وتبدأ الأعراض بالظهور.

ولذلك فإنّ المسعفين، الذين يكونون على تواصل مباشر وجهاً لوجه مع المرضى المصابين بأمراض خطيرة، من الأرجح أن يصابوا بأمراض خطيرة أيضاً بسبب تعرضهم لكميات أكبر من الفيروس من قبل المصابين الذين يتنفسون في وجوههم.

كذلك الحال بالنسبة لرجال الدين -الذين كثيراً ما يكونون عرضة للمرض الذي يهدد حياتهم لأنهم في غالبيتهم من كبار السن – يمكن أن يقتربوا أيضاً من المرضى.

وقد تمّ ّ تحديد 60 كاهناً و60 طبيباً من بين الآلاف من ضحايا “كوفيد-19” في “إيطاليا”. فيما مات ما لا يقل عن اثنين من المسعفين في المملكة المتحدة حتى الآن بعد أن كانت نتيجة اختباراتهم إيجابية.

 

وتقول البروفيسورة ويندي باركلي، خبيرة الأمراض المعدية في امبريال كوليدج في لندن، عموماً مع فيروسات الجهاز التنفسي، يمكن تحديد نتيجة العدوى – سواء كنت مريضاً بشدة أو فقط مصاب بنزلة برد خفيفة – في بعض الأحيان من خلال كمية الفيروس الذي دخل فعلاً إلى جسمك وبدأ بالعدوى.

إنّ الأمر يتعلق بحجم الجيوش على كل جانب من جوانب المعركة، فإنّ وجود جيش فيروسي كبير جداً يجعل من الصعب على جيش جهازنا المناعي أن يقاتله”.

وتتابع: “إنّ الفيروسات تجعل الناس مرضى عبر التضاعف السريع مرة واحدة داخل الجسم والتراكم بأعداد كبيرة بحيث يستغرق الجسم أسابيع لتدميرهم جميعاً.”

إنّ هذه العملية لا مفرّ منها بمجرد أن يصاب شخص ما بعدوى، ولكن من الممكن أن يصاب الناس أولا بجرعة صغيرة فقط من الفيروس. وهذا يؤدّي، من الناحية النظرية، إلى تسهيل عمل ” جيش ” الجهاز المناعي لجسدهم على التصدي للعدوى بشكل مبكر.

في الواقع، بالنسبة لفيروس كورونا، يبدو من المرجح أن أغلبية كبيرة من المصابين يصبحون مرضى في ظل هذه الظروف ويستغرقون وقتاً طويلاً على غير العادة لملاحظة أنهم مرضى.

 

وبسبب ذلك، يبدو أن الناس تنشر كوفيد 19 على نطاق أوسع مما لو كان لديهم مرض أكثر خطورة.

يقول الدكتور مايكل سكيننير، أيضاً من كلية إمبريال، “إذا بدأ شخص ما بالمرض بكمية هائلة من الفيروس يمكن أن يزيد ذلك من الحمل على جهازه المناعي”.

وقال: “إن الفيروس سوف يحصل على “البداية السريعة” في مثل هذه الظروف، لأنه سوف يكون قادراً على التكاثر بشكل أسرع قبل أن يكون لدى الجسم الوقت للرد.”

ويقول الدكتور سكينر: “يجب أن نكون أكثر قلقاً بشأن الحالات التي يحصل فيها شخص ما على جرعة هائلة من الفيروس (ليس لدينا بيانات عن مدى ضخامة هذا الفيروس ولكن السوائل الجسدية من أولئك المصابين بفيروسات أخرى يمكن أن تحتوي على مليون، وما يصل إلى 100 مليون فيروس لكل مل)، وخاصة من خلال الاستنشاق.”

وقال أنّه من غير المرجح أن يتعرض أشخاص من خارج موظفي المستشفى لكميات هائلة من الفيروس وإلا سيكون ذلك “حدثاً نادرا”.

في حين لا يعتقد العلماء أن حمولة الناس الفيروسية ستزداد إذا تعرضوا لمزيد من المصابين بعد أن يمرضوا أنفسهم أولًا.

كما لا يعتقدون أنّ للفيروس احتمالية أن يتراكم من مصادر متعددة قبل أن يصل إلى العتبة التي تجعلهم يعانون من المرض.

وأضاف الدكتور سكينر أنه عند إصابة شخص ما بحمولة كبيرة من الفيروسات: ‘يتلقى الفيروس بداية قفزة واسعة، مما يؤدي إلى استجابة مناعية هائلة، والتي بدورها تكافح من أجل السيطرة على الفيروس لإتاحة الوقت للحصول على المناعة، في حين يؤدي ذلك في الوقت نفسه إلى التهاب كبير وعاصفة من السيتوكين.”

ويمكن للاتهاب الذي يسببه الجهاز المناعي للجسم أن يكون مدمراً وأن يؤدي إلى حالات مميتة مثل الفشل الكلوي أو التسمم. ومن المعروف أنه كان عاملاً مساهماً في المرض الشديد والوفاة بين مرضى كوفيد19.

 

أما “عاصفة السيتوكين” فتحدث عندما تفقد خلايا الدم البيضاء صوابها، ويمكن أن تسبب فشل في الكلى أو الرئة وحتى الموت.

ويقول البروفيسور جوناثان بول، وهو خبير في علم الفيروسات في جامعة نوتينغهام: “من الممكن أن يصاب الأفراد المصابون بالالتهاب الرئوي الذين يعانون من حمل فيروسي أعلى بمرض أكثر خطورة، ولكن تطور المرض معقد ولا شك أنّ العديد من العوامل سيكون لها تأثير.”

وقد نشرت دراسة علمية في المجلة الطبية البريطانية The Lancet هذا الشهر، أشارت فيها إلى أن الحمل الفيروسي المرتفع يرتبط بأعراض أسوأ للمرض.

وشملت الدراسة 76 مريضاً بفيروس كورونا في نانشانغ، الصين، كانوا قد أدخلوا إلى المستشفى واختبروا إيجابياً لكوفيد-19.

وكتب الباحثون، بقيادة الدكتور وي زانغ، ما يلي: “كان متوسط الحمولة الفيروسية [المتوسطة] للحالات الشديدة أعلى بنحو 60 مرة من متوسط الحالات المعتدلة، مما يشير إلى أنّ الأحمال الفيروسية الأعلى قد ترتبط بنتائج سريرية حادة.”

ويعتقد أن ما لا يقل عن 80 في المائة من مرضى الفيروس التاجي يعانون فقط من عوارض معتدلة مماثلة للبرد، في حين أنّ البعض قد يعاني من مشاكل حادة في التنفس.

إنّ أكثر المرضى خطورة ينتهي بهم المطاف في المستشفى، مصابين بالالتهاب الرئوي وفي وحدات العناية المركزة، في حين يبلغ معدل البقاء على قيد الحياة لديهم حوالي 50 في المائة.

وأضاف الدكتور وي وزملاؤه أن الحمل الفيروسي المرتفع يزيد أيضاً على ما يبدو من خطر الإصابة بمرض خطير لدى المرضى المصابين بمتلازمة سارس، وهو فيروس مماثل تسبب في تفشي المرض في عام 2002.

وقد كتبوا: “يشير هذا الاستنتاج إلى أنّ الحمولة الفيروسية من سارس-كوف-2 قد تكون علامة مفيدة لتقييم شدة المرض وتشخيصه.”

ويوافق الباحثون في جامعة أكسفورد على أن الدراسات تظهر أن ارتفاع الحمل الفيروسي يجعل أعراض الفيروس التاجي أسوأ ولكن لم يكن هناك دليل قوي على ذلك.

وفي تحليل لقسم Nuffield لعلوم الرعاية الصحية الأولية يقول: “تشير الأدلة إلى ارتباط الجرعة الفيروسية مع شدة المرض.ومع ذلك، فإنّ الأدلة على العلاقة محدودة بسبب رداءة نوعية العديد من الدراسات.

 

وتقول الدكتورة ويندي باركلي: “لتجنب الإصابة بحمولة كبيرة من الفيروسات أفضل ما يمكن للناس فعله هو البقاء بعيداً عن الآخرين الذين هم أو قد يكونوا مرضى.

ويكون الحمل الفيروسي أعلى إذا سعل شخص مصاب مباشرة في وجهك، مما لو كان على بعد مترين، أو فيما كانت الفيروسات منتشرة في الهواء.

وتابعت حديثها: “لذا على الناس المتواجدين في الأماكن العامة أن يبقوا بعيدين عن الآخرين، خاصة إذا كانوا يسعلون أو يعطسون.”

“إنّ ارتداء القفازات، غسل اليدين وتجنب لمس الوجه يمكن أيضاً أن يحمي الناس من التقاط الفيروسات في الأماكن العامة. أما في حالة السكن مع شخص مصاب بالفيروس التاجي، فيجب أن يحاولوا تجنب الاتصال الوثيق معه – والبقاء على بعد مترين (ستة أقدام)، إذا أمكن ذلك.”

“وهذا يشمل التوقف عن العناق والتقبيل، والنوم في أسرة منفصلة إذا لزم الأمر، والتأكد من أن يتمّ تنظيف الأسطح التي يتم لمسها بانتظام مثل مقابض الأبواب.”

أضافت الدكتورة باركلي:” إنه من المنطقي عدم مشاركة المناشف أو السكاكين والأواني أيضاً.” وبأنّ أي شخص تظهر عليه أعراض الفيروس التاجي (السعال، الحمى أو ضيق التنفس) يجب عليه أن يحجر على نفسه ويبتعد عن الأشخاص الأصحاء.

وتابعت دكتورة باركلي:”إنّ الهدف الرئيسي من التباعد الاجتماعي هو الابتعاد عن الأشخاص عندما يتنفسون أو يسعلون، أي بشكل أدقّ التأكد من أنّ جزئيات أقلّ من الفيروس قد تصل إليك “.

بهذه الطريقة تصاب بجرعة فيروسية أقلّ وبالتالي تصبح أقل مرضا”. وهكذا تكون الحمولة الفيروسية التي تبدأ بها المعركة أقل، وتصبح فرصتك أكبر بالفوز.

 

إنّ الحمل الفيروسي الأعلى ليس فقط أكثر خطورة على المريض نفسه ولكنّه خطر أيضاً على الناس من حوله، لأنه يجعله أكثر قابلية لنشر العدوى.

كلما زاد الفيروس داخل جسم مريض ما، كلما ازداد حدّةً وحاول طرد الفيروس من الجسم عبر السعال والعطس-وتسمى هذه العملية بالتخثر الفيروسي.

هذه العملية تزيد من خطر انتقال العدوى إلى الآخرين.

ويضيف البروفيسور بول، من جامعة نوتنغهام، ما يلي: “نعلم أنّ احتمال انتقال الفيروس يزداد مع مدة ووتيرة تعرض فرد غير مصاب بالفيروس مع شخص مصاب بالفيروس.

‘نحن نشك أيضاً أنّ كمية الفيروس التي ينتجها شخص ما– والتي يشار إليها أحياناً بالحمل الفيروسي – سوف تؤثر أيضا على انتقال العدوى؛ فكلما زاد الحمل الفيروسي كلما كان من المحتمل أن يكون شخص ما أكثر عدوى.

 

تنويه: هذا المقال قام فريق عمل موقع راديو صوت بيروت إنترناشونال بترجمته من الإنجليزية من موقع Dailymail