إستبعد اللواء عباس إبراهيم أي عملية عسكرية على الحدود اللبنانية، “فاسرائيل غير حاضرة على الصعيدين العسكري والسياسي، ولا مصلحة للولايات المتحدة في نشوب حرب في الإقليم، واجتياح لبنان إذا ما باشرت فيه اسرائيل سيؤدي الى حرب كبرى في المنطقة”.
وشدد على “ضرورة قيام إسرائيل بتطبيق القرار 1701 إذا ما أرادت الحصول على حل لسكان الشمال”، وقال: “نحن دائماً قُلنا إننا مستعدون لتنفيذه، وأي محاولة للتعديل في القرار 1701 ستطيح به، والحديث عن تراجع “حزب الله” الى ما بعد الليطاني غير واقعي”.
ولفت أمام وفد زاره من إذاعة “سبوتنيك” محاورا بمكتبه في بيروت، إلى أنّ “إسرائيل تتذرع بأن مزارع شبعا المحتلة هي سورية وليست لبنانية والبحث فيها مؤجل الى حين بدء المفاوضات غير المباشرة بين تل أبيب و دمشق، إلا أننا نملك وثائق وتسجيلات تثبت أن هذه الأراضي لبنانية وليست سورية، وذلك باعتراف الرئيس السوري بشار الأسد في تصريح مصور له من فرنسا”.
ونفى اللواء ابراهيم “المعلومات التي تتحدث عن زيارة الموفد الاميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان”، معلناً أنّه ” يعمل فقط على تبريد الجبهة اللبنانية وتنفيذ القرار 1701 وعندما ينجز الاستحقاق الرئاسي سيتم العمل على ترسيم ما بقي من نقاط برية”.
ودعا “الأطراف اللبنانية الخائفة من “حزب الله” إلى الحوار معه والحصول على تطمينات”، وقال: “أعتقد أن الحزب لم يربط يوماً بين ما يجري على الجبهة الجنوبية وبين الداخل اللبناني، ولم يستثمر أي حرب خاضها ضد اسرائيل سابقا، ويجب أن يتفاهم اللبنانيون مع بعضهم البعض”.
وعن ملف النزوح السوري، رأى ابراهيم ان هذا الملف “استعمل في المناوشات السياسية الداخلية”، لافتا إلى “أن كل هذا الهجوم أتى بالتزامن مع الإنتخابات المحلية في أوروبا والجميع يحاول الاستفادة من هذا الملف داخل أوروبا”، داعياً السّلطات اللبنانيّة إلى “التمسّك بهذه اللحظة المهمة على المستوى السياسي الأوروبي على غرار التجربة التركية، حيث حصلت انقرة العديد من حقوقها من برلين”.
وقال: “تركيا كانت لديها الجرأة في استخدام هذه الورقة وأدعو لإستخدامها لأن إمكاناتنا لم تعد تسمح لنا”.
وأكد اللواء إبراهيم أن “الأزمات التي نشهدها منذ سقوط الاتّحاد السوفياتيّ وما تلاه تأتي نتيجة لمصادرة القرار الدوليّ من الدول الكبرى أو ما يسمى بـ “العولمة”، ونحن، أي الدول الصغرى من أكثر المتضررين من هذه الأحادية العالمية، حيث انعدمت كلّ إمكاناتنا في تحصيل أي حق من حقوقنا”، معتبراً أنّ “ما حدث في أوكرانيا قد يكون فرصة لاستعادة التوازن الدولي”.
وأوضح أنّ “روسيا اليوم تملك اليد العليا في الحرب في أوكرانيا على الرّغم من كل المحاولات الغربية لمحاصرتها، فعادة الحروب تعكس النتائج السياسية لمواقف الدول، وهذه السياسات الغربية سقطت في أوكرانيا، وموسكو على طريق النصر، وهذا النصر سيُعيد التعاون المفقود بين الدول وهو ما سينعكس إيجاباً على لبنان وغيره من الدول الصغيرة في المنطقة”.
وكشف اللواء إبراهيم أن “الدول التي تحارب روسيا في أوكرانيا فقدت قدرتها العسكرية والمادية والشعبية للاستمرار في هذه الحرب مما سيؤدي إلى هزيمتها”، وقال:” موسكو لا تزال قادرة على الصمود”.
وأثنى على “أهمية الدور الروسي في منطقة الشرق الأوسط”، معتبراً أنّ ” تمدّد الغرب في اتجاه الشرق الأوسط وأوكرانيا والصين وغيرها من الدول يفوق قدرته على تغطيته، وأصبح يفوق قدراتها، وبالتالي فشل مخططهم بات حتميا، بدليل أن الواقع الميداني يؤكد أن الأموال التي صرفتها تلك الدول لم تنجح في تحقيق أي هدف من أهدافها، لا بل على العكس فالأمور تزداد سوءاً.
ودعا دول الغرب إلى “الحوار مع موسكو، لأنه الحل الوحيد القادر على إنتاج صيغة تفيد العالم عموما ولبنان خصوصا”.
وبين أن “الحروب هي شكل عنيف من أشكال السياسة، والقارة الأوروبية والعالم يعيان الآن أنّه يجب وضعُ الحلول على الطاولة والشروع ببدء حوار مع روسيا للوصول إلى نهاية لهذه الحرب، خصوصاً أنّ تلك الدول التي تحارب روسيا على الأراضي الأوكرانية أيقنت أن وضعها العسكري تراجع”.
وتوقع ابراهيم أن “يتم الإعلان عن هزيمة الغرب قريباً جداً، لأنّ الانتخابات الأميركيّة ستُؤثّر بشكل كبير على مسار العمليات في أوكرانيا، كما أنها ستكون المخرج لهذه الازمة على اعتبار ان انتخاب رئيس جديد سيغير مسار العمليات”.
وتحدث اللواء إبراهيم عن عودة التنظيمات الإرهابية الى الواجهة مجدداً، وقال: “إنّ “داعش” موجودة على الساحة وكل دول العالم تستعمل هذه التنظيمات في محاولة لتحقيق مصالحها. هذه الظاهرة خطيرة جدا”.
وربط عودة “التنظيمات الارهابية” بتعثر التسويات في المنطقة”، كاشفاً أنّ ظهور “داعش” مجددا في المنطقة يعود لسبَبَيْن، الأول تشكيل ذريعة لبقاء الغرب في المنطقة، والثاني المتمثل بتنظيم انسحاب دول “التحالف” الـ86 الموجودة على الأراضي العراقيّة منذ العام 2014″.
وأشاد اللواء إبراهيم بـ “زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى واشنطن، والذي طرح بكل عقلانية هذا الملف، فقدم بديلا عن الوجود العسكري للولايات المتحدة يتمثل بالتنسيق الأمني والتعاون الاقتصادي خوفا من توسع نشاط المنظمات الإرهابية في العراق من جهة، ولتأمين انسحاب هادئ للقوات “التحالف” من المنطقة من جهة ثانية”.
وعن الوضع في سوريا، قال اللواء إبراهيم:” إن الحرب مستمرة على المستوى السياسي وقانون “قيصر” يعاقب الشعب السوري ولا يعاقب “النظام” السوري. وقد يكون هناك ارتباط كبير لأحداث غزة في هذا الملف على اعتبار أن الصورة الجديدة للمنطقة ستتبلور بعد انتهاء الحرب وبناء التسوية، وقد تكون الدول المتصارعة تجمع بعض الأوراق في المفاوضات ومنها الورقة السورية، التي تأتي على حساب آلام الشعب السوري”.
وكشف أنه “على علم ببعض كواليس الحوارات السورية الأميركية”، متمنيا على “الولايات المتحدة أن تفتح أبواب الحوار مع الجميع والقوة لا تحل المشكلة، وعلى الغرب أن يقتنع بهذه المقولة لأن قوى “المقاومة الثورية” لن تتراجع عن طريق تحرير شعوبها”.
ورأى أن “كل ما يجري الحوار حوله اليوم بين واشنطن ودمشق يتعلق بإزالة “الاحتلالات” من سوريا وهذا هو الهدف الكبير للسوريين”.
وتطرق اللواء ابراهيم الى الملف الفلسطيني، معتبرا أن “العملية على رفح واقعية جدا لكنها تحتاج إلى وقت وخصوصا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد الصمود حتى إجراء الانتخابات الأميركية، إضافة إلى التعقيدات الميدانية لا سيما وأن ملف رفح يختلف عن ملف غزة، فنتنياهو يعتقد أن الرهائن الإسرائيليين موجودون في رفح، وبالتالي هذه العمليّة تحتاج إلى دقة عسكريّة، كما أنّها تحتاجُ إلى معلومات أمنية حساسة وهو لا يمتلك تلك المعلومات”.
وشدد على أنَّ العمليّة ستنفذُ بدليل قيام “نتنياهو” ببناء خيم في خان يونس لإيواء النازحين، وبالتالي هو يحاول الإيحاء بأنه يمنع النزوح إلى مصر ولكن معلوماتي تقول إنّ هناك تحضير لبعض المناطق التي هي على تماس مع رفح لإيواء بعض النّازحين الفلسطينيّين داخل الأراضي المصرية و لكن هذه المعلومات بحاجة إلى تأكيد”.
وجزم اللواء إبراهيم أنّ “رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول البقاء في السلطة لأنه يخاف من المحاسبة وحاول في هذا الإطار جر الولايات المتحدة إلى حرب كبرى مع لبنان والعراق واليمن بهدف القضاء على فصائل “المقاومة” في المنطقة وتحجيم دور إيران في المنطقة”.
أضاف أن “الكلمة العليا في النهاية هي للولايات المتحدة الأميركية وهي تملك أوراق الضغط التي تجعل نتنياهو ينصاع لإرادتها”.
وحول ملف المفاوضات، أعلن اللواء إبراهيم عن دورٍ لعبه “في خروج الفلسطينيين الذين يحملون جنسيات أميركية من غزة”، وقال إنّ “نتنياهو يتعامل في ملف الرهائن باستخفاف لأول مرة وذلك لأنه يرجح مصلحته الشخصية”.
وأوضح اللواء إبراهيم “أن نتنياهو يطمح إلى سحب ورقة الرهائن من يد “حماس” ومن ثم الشروع بقتل ما بقي من الشعب الفلسطيني داخل رفح، وكل ما يريده الجانب الفلسطيني هو وقف إطلاق النار والجانب الاسرائيلي ما زال يرفض هذه المطالب”.