الخميس 16 رجب 1446 ﻫ - 16 يناير 2025 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

البروفيسور دكاش: المقاومة الفكرية والثقافية تبدأ من الذات

احتفلت جامعة “القديس يوسف” في بيروت، بعيد شفيعها القديس يوسف، فأحيت، اليوم، قداسا احتفل به رئيس الجامعة البروفيسور سليم دكاش مع عدد من الآباء اليسوعيين وفي مقدمتهم وزير التربية في حكومة تصريف الاعمال عباس الحلبي، السفير البابوي في لبنان المونسنيور باولو بورجيا، بالاضافة الى معلمون وإداريون وطلاب، في كنيسة حرم العلوم والتكنولوجيا-مار روكز.

كما ألقى دكاش خطابه السنوي الذي حمل عنوان: “نحو الاحتفال بمرور 150 عامًا على تأسيس جامعة القدّيس يوسف (1875-2025): لنوقظ مقاومتنا الفكريّة والثقافيّة”.

واستهلّ دكاش خطابه بالتوقّف عند رمزية العيد، وشخصية شفيع الجامعة القديس يوسف معتبرًا إيّاه “ليس شفيعنا فحسب، بل هو قبل كلّ شيء ضميرنا، ضمير العمل من أجل وحدة العائلة، وحدة لبنان أيضًا وعدم اضمحلاله”، مشيرا إلى “المحاور الأساسيّة لخطابه هذه السنة وهي: – ما الذي يجب تذكّره من ماضي الجامعة من أجل الحاضر والمستقبل – تقليد المقاومة الفكريّة والثقافيّة في جامعة القدّيس يوسف – التهديدات الحقيقيّة التي تطال التعليم العالي ولبنان- يقظتنا من أجل مواصلة الرسالة”.

وعن تقليد المقاومة الفكرية، اعتبر دكاش أن “المقاومة الفكرية والثقافية تبدأ من الذات، وتُعزَّز بالالتزام بقيم مؤسسية راسخة لتشكيل أساس للدفاع عن الهوّية الثقافيّة والحقوق الإنسانية. تتطلّب هذه المقاومة الإصرار على التحليل العقلاني والدفاع عن القيم في المجال العامّ”. وقال: “تشدّد جامعة القدّيس يوسف، على استخدام الموارد المتاحة لتعزيز الأمل والتضامن في مجتمعها، مؤكدة أن التغيير الاجتماعي المبني على الأخلاق ممكّن. وتستمر الجامعة في رسالتها من خلال تقدير التميّز والابتكار، والرغبة في التأثير على المجتمع بشكل إيجابي”. مؤكدا أن “الأزمات تستدعي الرجوع للتفكير النقديّ والديمقراطية لمواجهة التهديدات للتعليم والثقافة. فجامعة القدّيس يوسف تلعب دورًا مهمًا في المقاومة الاجتماعيّة والسياسيّة، مواجهةً التحدّيات بشجاعة ومسؤولية، ومؤكّدة أهمية التعليم في بناء مستقبل أفضل للبنان وحماية تقاليده الثقافيّة ونظام قيمه”.

وعن “التهديدات التي تتربّص بنا من الداخل ومن الخارج”، اعتبر دكاش أن “التحدّيات التي تواجه الجامعات والمجتمع في لبنان متعدّدة ومعقدة، وتتجلّى في خمسة تهديدات رئيسيّة هي:

– تجزئة المعرفة: التقدّم العلميّ والتكنولوجيّ أدّى إلى تخصّصات متفرقة ومتعمّقة، ما يجعل من الصعب توفير تعليم شامل ومتكامل. ويواجه الطلّاب الآن تحدّي اكتساب معرفة موسّعة في مجالات متعدّدة بسبب التخصّص الشديد.

– تسليع المعرفة: تحوّل الجامعات إلى ما يشبه الشركات التي تركّز على الربح عبر منح الشهادات، ما يقوّض جودة التعليم ويهدّد القيم التربوية الأساسيّة.

– الفراغ الأخلاقي والفكري: يعكس أزمة هوّية تتفاقم بسبب الأزمات السياسيّة والاقتصاديّة في لبنان، ما يؤدي إلى ضعف الشعور الوطنيّ والمدنيّ.

– الهجرة القسرية: البحث عن فرص أفضل يقود الشباب والعائلات إلى الهجرة، ما يؤدي إلى فقدان الكفاءات وتقليل القدرة على الابتكار والمشاركة في الإصلاحات”، وقال إنّ “هجرة الأدمغة اللبنانيّة، تقلّل من إمكانيّات الإبداع والابتكار والمشاركة المباشرة في الإصلاح السياسيّ، والاقتصاديّ والاجتماعيّ في البلاد، ولكن قبل كلّ شيء، فإنّ هذه الهجرة لها تأثير سلبيّ للغاية على الجدل الفكريّ”.

– مصير الدولة: الضعف الواضح في هيكل الدولة اللبنانية وفقدان مصداقيتها يزيد من التحدّيات الطائفيّة ويقلّل من الشعور الوطنيّ، ما يتطلّب جهدًا متجدّدًا لاستعادة قوّة وفعالية الدولة”، داعيا “الجامعات والمجتمع اللبناني الى مواجهة هذه التحدّيات معًا، من خلال تعزيز القيم الثقافيّة والأخلاقيّة والتركيز على بناء مستقبل مستدام للبلاد”.

وختم: “في ظل تحديات بداية المئوية الثانية للبنان، تبرز جامعة القديس يوسف كمنارة للأمل والابتكار. على الرغم من الصعوبات الاقتصادية وبطء وتيرة الإصلاح، تستمرّ الجامعة في إثراء المجتمع بروحها الفكريّة والثقافيّة”، كاشفًا عن “افتتاح فرعها الجديد في أبيدجان مع أربعة برامج أكاديميّة ما يشهد على التزامها بنشر العلم والثقافة اللبنانية عالميًا، مستفيدة من شراكات إستراتيجيّة تعكس رؤية مشتركة. وأن الجامعة تستعد لإطلاق سنة يوبيليّة في 1 أيّار 2024، مؤكّدة أهمية التفاؤل والإيمان بمستقبل أفضل. إذ تؤمن الجامعة بأن تنشئة جيل جديد مؤهل وملتزم بإعادة بناء النسيج الاجتماعيّ وتأهيل الدولة يُعدّ أساسًا للبقاء وفية لرسالتها ورؤيتها نحو مستقبل أفضل فهي “في كل مرة كانت تعيد بناء ما تمّ تدميره، لأنّها لم تفقد الامل أبدًا”.